الافتاء: حرق المصاحف عنصرية تصب في صالح الجماعات المتطرفة
مرصد الأزهر: عمل إرهابي يغذي مشاعر الكراهية في العالم
د. عبدالفتاح خضر: الغرب لن يقيم لنا وزنا مادمنا متفرقين وضعفاء
د. محمد عبدالكريم: يسيرون عكس اتجاه قيم الحضارة والإنسانية
في مشهد جديد من مسلسل التحريض على المسلمين في الغرب، وحرق مساجدهم في تصعيد متعمد ضد أبناء الدين الحنيف الذين يواجهون كافة أشكال العنف.. ندد علماء الأزهر بحرق مصلى وعشرات المصاحف في جزيرة كورسيكا الفرنسية مما أثار غضب المسلمين في كل مكان.
واستنكر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، ما قام به البعض فى الغرب بحرق المصحف، وبيوت الله، مشيراً إلى أن هذه الأفعال إرهاب للمسلمين ووقود للفكر الإرهابي الذي تعاني منه الأمة، مطالباً مفكري وعلماء ومثقفي الأمة ألا يصرفهم هول الصدمات عن وضع الأمور فى موضعها الصحيح، فيما يتعلق بالفصل التام بين الإسلام ومبادئه وثقافته وحضارته، وبين قلة قليلة لا تمثل رقماً واحداً صحيحاً بالنسبة لمجموع المسلمين الصالحين المنفتحين على ربوع العالم.
وأعرب الإمام الأكبر عن تقديره مواقف أعضاء الحكومة الفرنسية والسياسيين الفرنسيين في إدانتهم المباشرة والصريحة، مطالباً الحكومة باتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير لحماية دور العبادة الإسلامية وغير الإسلامية من مثل هذه الاعتداءات، متمنياً أن تعالج الأمور بالحكمة لتجنب المزيد من الاحتقان المتبادل الذي يصب في مصلحة المتطرفين من كلا الجانبين.
مشاعر الاضطهاد
من جانبه، أدان مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية بشدة الأعمال العنصرية والطائفية التي قام بها مجموعة من المتطرفين مؤخرا ضد دور عبادة خاصة بالمسلمين في جزيرة كورسيكا بفرنسا، مؤكدًا أن هذه الأفعال تمثل أعمال عنف وإرهاب تستهدف المواطنين الآمنين في فرنسا، موضحاً أن الهجوم على دار عبادة للمسلمين في حي شعبي باجاكسيو بجزيرة كورسيكا وتخريبها وإحراق المصاحف الموجودة بها علانية وكتابة عبارات معادية للعرب والمسلمين عمل إرهابي يغذي مشاعر الكراهية والاضطهاد حول العالم، ويمنح المسوغ المنطقي لجماعات العنف والإرهاب للنمو والانتشار.
وحذر مرصد الإفتاء للإسلاموفوبيا من تفشي ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام والمسلمين في البلدان الأوروبية، خاصة بعد سلسلة من الأحداث الإرهابية التي شهدتها تلك الدول على أيدي التنظيمات المتطرفة كداعش وغيرها، كما طالب المرصد بسرعة اتخاذ الإجراءات العاجلة لأجل التصدي لهذه المشكلة، داعياً الحكومة الفرنسية إلى منع الممارسات العنصرية المناهضة للإسلام والمسلمين نظرًا لكونها تحرض على العنف والكراهية، والسعي لسن تشريعات وقوانين تجرم الاعتداء على المقدسات الدينية وإثارة النعرات والمشاعر المناهضة لطوائف وديانات بعينها، كونها تمثل جرائم كراهية وتمييزاً عنصرياً.
دور الحكماء
وعلق الدكتور عبدالفتاح خضر أستاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن السابق بكلية اصول الدين بجامعة الأزهر أن الغرب لا يهمه حرق المساجد في أوروبا بل ويعتبرها من باب الحرية والتحضر والرقي، وعندما تحدث أي أعمال ارهابية تعقد المؤتمرات وتتخذ القرارات ويتم اتهام المسلمين بأنهم جميعا يجب معاقبتهم، موضحاً أن أن التصدي للغرب يكون بمحاربتهم بسلاحهم، لأن القوة العسكرية، والسياسية والعلمية والتكنولوجية والاجتماعية يجب أن تملك بزمام القوة لتعود لنا هيبتنا وكرامتنا دون أن يستطيع أحد إحراق مساجدنا ومصاحفنا وانتهاك حريتنا الدينية، مشيراً إلى أن المسلمين لم يأمروا بهدم الكنائس انتقاما لهدم المساجد، ونحن لو أصلحنا ما بيننا بالوحدة والتعاون، والتقابل لا التدابر، والبناء لا الهدم فأرسلنا رسالة بسرعة البرق تقول للآخر إننا نحترم أنفسنا فيجب عليكم احترامنا، مؤكداً أنه يجب علينا الاعتصام بحبل الله المتين، مصداقاً لقوله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"، مشدداً على ضرورة إرسال الحكماء للأماكن المفصلية ومصدر القرار في الغرب للتعريف بأخلاق الإسلام وبيان تاريخه المشهود له بالحضارة واحترام الإنسانية.
انتهاك للحرمات
وقال الدكتور محمد عبدالكريم مدرس الفقه المساعد بكلية الشريعة والقانون فرع تفهنا الاشراف بجامعة الازهر إن ما يحدث يهزَّ قلوبَ المؤمنين، ويفزع أفئدة الصادقين، ويقض مضاجع الغيورين، موضحاً أن الانتهاكات التي تحدث ضد المسلمين تمزق القلوب وتنفطر لها السماء، خاصة أن هذه الأعمال الدنيئة دليل جديد على الاستخفاف بمليار مسلم يدينون بالقرآن الكريم ويؤمنون بأنه كلام الله المنزل على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الذين يدنسون المصحف فجرةٌ غادرون، بعيدين عن قيم الحضارة والإنسانية، وفي نظر الأخلاق مجرمون، مشدداً على أن الذين ينتهكون حرمة المساجد ويلوثونها وإن كانوا في هيئة البشر إلا أنه ليس لهم منها إلا مظهر الصورة، أما الإنسانية فهي منهم براء، مؤكدا أن المستهزء بشعائر الله تعالى، كالقرآن العظيم، إما محارب، وإما منافق، وقد نهى الله تعالى المؤمنين عن ولاء الكافرين، في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون"، وقوله أيضاً: "هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ"، وقوله في محكم التنزيل: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا".
أحمد نبيوة