| 20 أبريل 2024 م

متابعات

عميد أصول الدين.. يطلق قذائف الحق على الفكر الداعشي

  • | الإثنين, 4 يناير, 2016
عميد أصول الدين.. يطلق قذائف الحق على الفكر الداعشي

د. العواري: الاعتداء على حدود الدول نقض للعهد وخيانة ‏للوعد ‏
الإسلام لم يفرض نظاما محددا للحكم ولا لقبا معينا للحاكم
دعوة داعش لإقامة (الخلافة) ترتب عليها آثار سلبية

أحمد نبيوة
‏ ‏
أكد الدكتور عبد الفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين ‏بالقاهرة، أن ما يمرّ به العالم بصفة عامة، والأمة ‏الإسلامية بصفة خاصة فى الآونة الأخيرة من ارتباك فى ‏المشهد، وأزمات سياسية طاحنة، وصراعات أمنية ‏مُفْزعة، ومعارك فكرية اصطلى بنيرانها الشرق ‏الإسلامي، مما نتج عنه ممارسات خطيرة وظواهر ‏محزنة كالتكفير، والإرهاب، والعنف، والإلحاد وغير ذلك ‏مما كان سبباً أصيلاً، وركناً ركيناً فى تهديد السلم ‏العالمي، وضرب استقرار كثير من المجتمعات الإنسانية ‏فى مقتل، حتى أصبح العالم كله – إن لم تتداركه رحمة ‏الله – مهدداً بالدخول فى دوامة الفوضى المدمّرة، والعنف ‏الذى لا يبقى ولا يذر. ‏
‏ ‏
وأضاف عميد أصول الدين - خلال ورقة عمل له فى ‏مؤتمر مكتبة الاسكندرية بالاشتراك مع الرابطةالمحمدية ‏بمدينة الرباط بالمملكة المغربية تحت عنوان (نقض ‏الافكارالمغلوطة عندالجماعات المتطرفة - مقاربات ‏وتجارب)احتفالا بالمولد النبوى الشريف، بحضوروزير ‏الثقافة المغربى والسفيرالمصرى الدكتور ايهاب جمال ‏الدين والدكتور عبد العزيز التويجرى مديرعام اليونسكو ‏والدكتور اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية ‏ولفيف من العلماء والمفكرين والباحثين ورجال الاعلام ‏والصحفيين - أنه انطلاقاً من كون الأزهر الشريف قلب ‏الأمة النابض، وكعبة العلم فيها، ذا الرحم الموصولة ‏بأعرق المدارس العلمية فى الأمة – القرويين فى ‏المغرب، والزيتونة فى تونس –فإن له اليد الطولى ‏والخبرة الواسعة - بحكم تخصصه الشرعى الأصيل ‏ووسطية منهجه- فى مواجهة الأفكار المنحرفة، والمفاهيم ‏الخاطئة حول كثير من تلك القضايا التى تشبثت بأطرافها ‏وتمسكت بها جماعات العنف والإرهاب المدمر.‏

مفهوم الخلافة
وقال الدكتور العواري: إن مفهوم الخلافة من المفاهيم التى ‏كثر حولها لغط هذه الجماعات فرأيت من الواجب أن ‏أجلى وجه الحق فيها، وما أدى إلى ظهور بعض ‏الجماعات المتشددة التى ظهرت على الساحة الآن مثل: ‏‏(داعش) وأخواتها كطالبان، وبوكو حرام وغيرها تدعو ‏إلى هجر المجتمعات الإسلامية، واعتزالها، ويحكمون ‏عليها بالكفر؛ لأنهم مقيمون فى بلاد كافرة، ويرون ‏وجوب الهجرة منها، وينادون بتكوين دولة الخلافة، ‏وينصِّبون واحداً منهم أميراً عليهم – كما صنعت داعش ‏فى بلاد العراق والشام – ويأخذون له البيعة، ويحاربون ‏من أجل تحقيق غرضهم، فيهلكون الحرث والنسل، ‏ويقتلون الأطفال والنساء والشيوخ بل ويقتلون الحيوانات ‏والطيور، ويهدمون البيوت، والمدارس، ودور العبادة، ‏كالمساجد والكنائس وغيرها، بل وصل بهم الإجرام إلى ‏هدم أضرحة الصالحين، والاعتداء الغاشم على آثار الأمم ‏الماضية التى تمثل للبشرية جمعاء قيمة عالية وثروة ‏نفيسة لأنها تحكى لنا تاريخ أمم سبقتنا عمرت الأرض، ‏وارتقت بهم الحياة.‏
وشدد على أن مما ينبغى التأكيد عليه أنه قد كان للمسلمين ‏فى العصور الأولى للإسلام إمام واحد أو خليفة واحد أيام ‏كانت دولة الإسلام دولة واحدة، ودولة الروم دولة واحدة، ‏ودولة الفرس دولة واحدة، ولكن هذا النظام السياسى قد ‏تغير وتبدل، وأصبح العالم فى عصرنا دولاً وأقطاراً، لكل ‏منها حدود جغرافية واضحة المعالم لا تستطيع دولة من ‏الدول أن تتخطاها، وإلا حدثت حروب، ومواجهات ‏مسلحة يتولى أمرها، وشرحها القوانين الدولية لدول العالم ‏كله . ‏
وأوضح أن حدود البلاد الموجودة الآن على خارطة ‏الكوكب الأرضى قد تم ترسيمها، وفقاً لاتفاقيات دولية ‏تُلِزم الدول جميعها بأن تحترم كلّ دولة حدود الدولة ‏الأخرى، ولا تعتدى عليها، وقد مرّ على هذا الترسيم ‏زمان استقرت فيه الأوضاع القانونية وأصبحت تمثّل ‏مراكز حقوقية قائمة، فإذا قامت دولة أو جماعة أو تنظيم ‏بالاعتداء عليها، واغتصبت مساحة من أرضها، فإن ذلك ‏الاستيلاء يعد اعتداءً سافراً على حدود تلك الدولة، وهو ‏يمثل نقضاً للعهد، وخيانة للوعد . ‏

دولة ملتزمة ‏
وتابع ممثل الأزهر بالرباط، قائلا: "وبناءً على هذا فإنه ‏لا يوجد فى الإسلام ما يوجب نظاماً معيناً، وإنما الواجب ‏هو أن تكون هناك دولة ملتزمة ذات هيئات ومؤسسات ‏يحكمها دستور عام ويمثلها رئيس أيّاً ما كان لقبه : خليفة ‏أو إماماً أو أميراً أو رئيساً للدولة أو رئيساً للجمهورية أو ‏أى لقب آخر يفيد هذا المعنى، فلا مشاحة فى الاصطلاح، ‏فإذا وجدت الدولة المتحدة الولايات التى يقوم فيها نظامها ‏السياسى على حفظ الدين، والاختيار الحر للحاكم، وحرية ‏الرأي، والشورى، والعدل، ومسؤولية رئيس الدولة فهذا ‏يحقق المراد من فكرة الخلافةمهما كانت التسمية التى ‏تطلق عليها، مؤكدا أن غاية ما هنالك أن تكون هناك ‏روابط تربط تلك الدولة بأخواتها من الدول اقتصادية ‏وسياسية وقانونية تقوم على أسس واقعية ورؤية مستقبلية ‏على أن تجتمع فيما بينها تحت مظلة دولية واحدة تحكم ‏فيما بينها عند النزاع، وتنظم علاقات أطرافها وقت السلم، ‏ويكون ذلك الالتزام هو المصدر الرئيس لتنظيم علاقات ‏تلك الدول.‏
‏ ‏
واستطردالعوارى فى كلمته إلى أنَّ الدعوة التى أطلقتها ‏داعش حول إقامة الخلافة فى العراق والشام ترتب عليها ‏آثار سلبية، فهناك نداءات تظهر فى وسائل التواصل ‏الاجتماعى من (فيس بوك – وتويتر - ويوتيوب) ونحوها ‏تدعو الشباب إلى الهجرة من مجتمعاتهم، وأوطانهم، ‏وتدّعى أن المجتمعات الإسلامية الآن مجتمعات جاهلية ‏وكافرة، ومعوجّة السلوك إلى الحد الذى يخشى المسلم فيه ‏على دينه وخلقه ومن هذا المنطلق يرى المضللون من ‏الدواعش وغيرهم أن الهجرة من المجتمعات الإسلامية ‏واجبة كوجوب الهجرة من مكة قبل الفتح الذى صارت به ‏دار إسلام . والعجيب أنهم يستدلون على هجر المجتمعات ‏بالآيات الواردة فى الهجرة زمن النبى صلى الله عليه وسلمفى بداية الإسلام ‏حين كان المؤمنون قلة والكفار كثرة، وكان من المفروض ‏آنذاك أن تهاجر بضعفها من بلاد الكفار المتسلطين عليهم ‏بالإيذاء والتجويع، والترهيب إلى بلاد آمنة تؤويهم، ‏وتحترم دينهم الجديد وما يأمر به من شعائر وشرائع". ‏
وأضاف قائلا: "اليوم يحاول هؤلاء الخارجون على ‏شريعة الإسلام أن يطبقوا الآيات التى وردت فى هجرة ‏المسلمين الأوائل – الذين كانوا يعيشون فى مجتمعات ‏كافرة تحتقرهم وتذلهم – على المواطنين اليوم فى ‏مجتمعاتهم المسلمة التى تحترمهم، وتحترم الإسلام شعائر ‏وأحكاماً، ويكفى أن دساتير هذه المجتمعات اليوم تنص ‏أول ما تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، وأن ‏الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع لأحكامها ‏وقوانينها".‏
وأكد أنه رغم كل هذه الظروف الهائلة بين ظروف هجرة ‏المسلمين الأوائل، وبين استقرار المجتمعات الآن، وانعدام ‏هذه الظروف إلا أن هؤلاء الضالين يستدلون على دعواهم ‏الفاسدة، ومقولاتهم الباطلة فى الدعوة إلى هجرة الشباب ‏المسلم من بلاده، بل يصورّون لهم أن هذه الهجرة متى ‏تمت فهى صريح الإيمان وتمامه وكماله، ويذمون ‏المقصرّين فيها. ‏
‏ ‏
حمل السلاح
وأردف قائلا: "إن من الآثار الخاطئة المترتبة على فهمهم ‏الخاطئ للخلافة هو اهتمام هذه الجماعة بأمر حمل ‏السلاح، وزعمهم أنه الوسيلة الوحيدة للجهاد من أجل نشر ‏دعوة الإسلام والحق أن هذه الجماعة شغلوا أنفسهم بسلاح ‏واهن ضعيف عن أسلحة هى فى غاية القوة والخطورة، ‏حاربنا بها العدو، ونحن عنها غافلون، وأما مستندهم فيما ‏ذهبوا إليه ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلمقال لأهل مكة قبل ‏الهجرة: " والذى نفس محمدٍ بيده لقد جئتكم بالذبح"، فهو ‏حديث واهٍ ضعيف يرده العقل والنقل، أما الأول: فلأن ‏الرسول كيف يصرّح بذلك فى بدء الدعوة، وهو منفر ‏منها لا مرغب فيها، وكيف يقوله وهو فى حالة ضعفٍ لا ‏يستطيع حماية نفسه فضلاً عن حماية أتباعه القلة ؟ ولماذا ‏تركه قريش وهم يعلمون ما جاء به ليحقق ما يريد ولم ‏يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم كما يقولون؟، أما الثانى: ‏فلمنافاته لآية: ‏وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) وحديث : ‏‏(إنما أنا رحمة) وما يماثله من نصوص وأحداث تدل على ‏رقة قلبه وعظيم رحمته ولو كان النبى متعطشاً للدماء، ‏وبخاصة من قريش ما عفا عنهم وهو قادر عليهم غير ‏منازع عند فتح مكة، بل منّ عليهم تفضلاً منه ورحمة".‏
‏ ونوه ممثل الأزهر قائلا: "لعل الذين ينادون بالجهاد عن ‏طريق حمل السلاح يقصدون الجهاد لتغيير الوضع الحالى ‏للمجتمعات الإسلامية، نقول لهم: إن وسيلة الإصلاح لن ‏تؤمن عاقبتها إذا كانت قائمة على العنف، فإن للقوة ‏إعدادها وتخطيطها الكبير الجبار وكذلك لدراسة كل ‏الظروف القائمة أهميتها فى القيام بمثل هذه الحركة، ولا ‏يجوز أن يفهم من هذا الكلام أننا نهون من شأن الجهاد ‏بمعناه العام فإنه ماض إلى يوم القيامة فى ميادينه ‏الواسعة، وبأساليبه المتعددة لقوله: (والجهاد ماض مذ ‏بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال، لا يبطله جور ‏جائر، ولا عدل عادل) فهو يدل بعمومه وشموله على بقاء ‏الجهاد فى الميادين السلمية التى لا يحمل فيها سلاح، ‏وذلك مستمر إلى يوم القيامة حيث لا ينتهى الأمر بأداء ‏العبادات، والكفاح ضد كل ما يضعف الفرد والمجتمع ‏مادياً ومعنوياً".‏
وأوضح قائلا: "إن من الآثار المترتبة على المفهوم ‏الخاطئ للخلافة عند "داعش" ومثيلاتها: تقسيمهم العالم ‏إلى دار إسلام ودار كفر، وهذا خطر عظيم، والناظر فى ‏هذا التقسيم يجده قائماً فى القديم لدى الفقهاء على الاجتهاد ‏المحض من واقع الأمر فى زمانهم، وليس هناك نص من ‏قرآن أو سنة فيه، والمحققون من العلماء قالوا : إن مدار ‏الحكم على بلد بأنه بلد إسلام أو بلد كفر هو الأمن على ‏الدين حتى لو عاش المسلم فى بلد ليس له دين أو دينه ‏غير الإسلام ومارس شعائر دينه بحرية فهو فى دار ‏إسلام، بمعنى أنه لا تجب عليه الهجرة منها . ‏

حسن استقبال ‏
وعلى هامش المؤتمر أشاد ممثل شيخ الأزهر فى مؤتمر ‏المغرب بحسن الاستقبال لعلماء الأزهر وممثلى الإمام ‏الأكبر، حيث كان فى استقبال الوفد الأزهري فى المطار ‏الدكتور ايهاب جمال الدين سفير مصر بالمغرب، والملحق ‏الثقافى والدكتور احمد العبادى رئيس الرابطة المحمدية ‏لعلماءالمغرب وكانت الحفاوة بالغة والفرحة شديدة وقد ‏اقامالسفير حفل عشاء لوفد الأزهر فى بيته حضره ‏وزيرالثقافة المغربى والدكتور عبد العزيز التويجرى ‏مديرعام منظمة اليونسكو والقنصل العام ولفيف من ‏السفراء والادباءوالمفكرين.‏
وأكد أن الحاضرين أشادوا جميعا بدور الأزهر ومايبذله ‏فضيلة الإمام الأكبر فى خدمة الاسلام والمسلمين ومايقدمه ‏للانسانية عامة، مشيرا إلى ما قاله السفير المصري، اننا ‏والمغرب ملكا وحكومة وشعبا نتطلع لزيارة مولانا الامام ‏وتشريفه لنا بالمغرب الشقيق.. ومن جانبنا نقلت ‏للحاضرين تحيات فصيلة الامام الاكبرومدى حرصه على ‏التواصل مع الدول العربية الشقيقة ولن يبخل الأزهرفى ‏تقديم اى دعم علمى اوفكرى او دعوى وكل مايوطد ‏العلاقات الاخوية وروابط المحبة والقرابة التى تربطبين ‏البلدين الشقيقين.‏
‎ ‎
 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg