كتبت- نعمات مدحت:
لم تعد المرأة غائبة عن المشهد الأزهري منذ تولي فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر، حيث نهض بالمرأة وأسند لها العديد من المناصب، وفي خطوة تعد الأولى من نوعها فتح الباب أمام السيدات للعمل في مجال الدعوة والإفتاء، فقد قام الأزهر بتعيين 165 واعظة لتلبية حاجة النساء في مجال الوعظ والافتاء في الامور الخاصة بهن.. وقد أولى مجمع البحوث الإسلامية رعايته واهتمامه بالواعظات الجدد حيث بدأ بعقد أولى الدورات التدريبية لهن في العلوم الشرعية بحضور 140 واعظة من مختلف المحافظات، تناولت الدورة 18 محاضرة، حاضر فيها نخبة من علماء الأزهر الشريف.. فكيف ستساهم هذه الخطوة في النهوض بالعمل الدعوى؟ هذا ما نتعرف عليه في التحقيق التالي.
من جهته، قال الشيخ ياسر طه المشرف العام على الدورة، أن الدورة التدريبة العلمية للواعظ المعاصر، خطوة لتأهيل الواعظة للقيام بعملها ولتنمية مواردها العلمية، حتى تكون قادرة على مواجهة الأفكار المتشددة التي تتعرض لها من قبل المتشددين بالمساجد.
وأشار إلى أن الدورة يدرس بها نخبة من علماء الدين يحملون الفكر الوسطى المعتدل الذى يحمله الأزهر، وأن وجود واعظات أزهريات بالمساجد يفوت الفرصة على من يبادرون بنشر الأفكار المتطرفة بين النساء في المساجد من قبل داعيات الجماعات الأخري.
بينما قال الدكتور أحمد السنتريسي عضو اللجنة التحضيرية بديوان المظالم، وأستاذ القانون بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن عدد الواعظات لا يكفي على أرض الواقع لكن يكفي إذا وفرت الدولة برامج معينة في القنوات لهن بحيث يصل صوت الواعظة إلى كل بيت، فإلقاء اللوم على المؤسسة الدينية فحسب جور بيّن، فالمؤسسة جادة في إشراك المرأة في العمل الدعوى والدليل على ذلك تعيين الأزهر في الآونة الأخيرة لعدد من الواعظات.
وأضاف السنتريسي، أن نسبة المرأة في العمل الدعوى غير كافية لتغطية جميع أنحاء الجمهورية على أرض الواقع، لكن هذا في حدود الإمكانيات المادية المتاحة، ومن الممكن توظيف هذا العدد القليل التوظيف الأفضل من خلال توفير الدولة المنابر الإعلامية لهن أو توفر للأزهر الإمكانات المادية والدعم المعنوي لزيادة عدد الواعظات وتسهيل مهمتهن.
من جهتها، قالت الدكتورة وفاء عبدالغنى، مدرس أصول اللغة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، أن الواعظات رغم عددهن القليل يستطعن التأثير في المجال الدعوى بشرط أن يكن مؤهلات ومتقنات، والتأثير ليس بالكثرة أو القلة، فتأثير المتقن لا اختلاف عليه كما أنه لابد من وجود المرأة في مختلف مواقع العمل الدعوى المتصلة بشكل كبير بالمرأة إذ يكون تأثير المرأة على مثيلاتها أكثر وأقوى.
وأضافت عبد الغنى، يشترط لعمل المرأة في المجال الدعوى، فهمها لآيات القرآن ونصوص السنة النبوية فهما صحيحا موافقا لما تعلمناه في الأزهر، وأن تكون ملمة بأحكام الشريعة الإسلامية ومحيطة بمستجدات العصر غير منفصلة عنها، بالإضافة إلى أن تكون خير قدوة تربط أفعالها بأقوالها قدر المستطاع.
وطالبت بزيادة أعداد الواعظات مع تكثيف الدورات التأهيلية لهن حتى نشعر بتأثيرهن على أرض الواقع.
وقالت الدكتورة فاطمة الأحول، عضو هيئة التدريس بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات كفر الشيخ، إذا استطاعت المرأة أن تخرج من بيتها للتوعية والتعليم والإرشاد والتقويم لبنات جنسها من اﻷمهات الفضليات أو الفتيات الكريمات فلابد أن تكون أهلاً لهذه المسئولية, وأن تمتلك آلية الوعظ والارشاد, وأن يتم لها اختبار صارم قبل توليها هذه المهام, لأنها ستكون الواجهة الدينية لبنات جنسها وغيرهن.
وقالت سمر محمد حسانى واعظة بالأقصر: هناك 8 واعظات بالأقصر مقسمات على المراكز، حيث تم توزيع خطة عمل لنا منذ التعيين نسير من خلالها، وتناولت الخطة أبرز الموضوعات التي نتحدث فيها.
وأضافت: إن أبرز المعوقات التي تواجهنا في مجال الوعظ والدعوة إلى الله الأفكار المتشددة التي اعتنقتها بعض السيدات، موضحة أن العمل الدعوى لم يقتصر على المسجد فقط وإنما شمل المدارس والجمعيات الخيرية، والنوادى، والواحدات الصحية، وبعد صلاة الجمعة درس ثابت للنساء بعد خروج الإمام من المسجد، لافتة إلى أن هناك دروسا يومية للنساء وبإقبال شديد.
وأكدت أن المجمع أتاح الفرصة للواعظات لممارسة العمل الإفتائى من خلال التدريب على الفتوى بلجنة الوعظ بالمحافظة وهذا أفاد كثيراً من الناحية الإفتائية للنساء.
وتابعت: كما وفر لنا مجمع البحوث المكتبات الإسلامية التي تساعدنا على أداء مهامنا وشملت المكتبة تفسير الإمام سيد طنطاوى، وصحيح البخارى والمكتبة الإسلامية الخاصة بعلماء الأزهر.
وأما عن الموضوعات التي تدرس للسيدات بالمساجد، فقالت إن هناك عدة موضوعات تم تناولها لمعالجة بعض القضايا على الساحة مثل محاربة الغلو والتطرف، وتوضيح بعض فتاوى السلف، وتم تنظيم حلقات عن المنهج الأزهري، وتضمنت الموضوعات أيضا مناقشة وتفنيد القضايا المتشددة التي ظهرت على بعض القنوات الفضائية وأثارت بعض الشبهات فللأسف المنبع الوحيد الذى يرتوى منه ربات المنزل هو التليفزيون فنصحح ما شوهه الآخرون عبر الفضائيات.
بينما وصفت نجاة هاشم داعية بأسوان، تجربة عمل المرأة في الدعوة والوعظ بأنها خطوة جادة ومتميزة ومبادرة طيبة من الأزهر، لأن معظم النساء لا تعرف أمور دينها بسبب خجلها من سؤال الشيوخ مما يجعلها تخطأئ في الكثير من الأمور الفقهية.
وأشارت نجاة، إلى أن الدرس على مدار الاسبوع يوميا من ساعة إلى ساعتين بحضور عدد من سيدات القرية التي يتواجد بها المسجد، فيتم من خلال الدروس الدينية توضيح حقوق الزوجة على زوجها، وثواب العبادة، وتعريف النساء طريقة الوضوء الصحيحة، ونشر قيم التسامح والمحبة بين السيدات، والحث على عودة العلاقات الأسرية، وتجنب الأسباب التي تؤدى إلى الطلاق. لافتة إلى أن الفتاوى التي لا نستطيع الرد عليها نعرضها على مدير لجنة الفتوى وهو من يقوم بالرد عليها أو ننتظر حتى نعرف الأحكام الواردة ونجيب عنها.
وترى سارة عبدالمنعم النجار واعظة بمحافظة قنا،أن خطوة دخول المرأة في العمل الدعوى جاءت متأخرة ولكن المهم أن تنجح وهذا يعتمد علينا كداعيات فعندما تم تعييننا ذهبنا الى المساجد والمدارس للاعلان عن أنفسنا والدروس التي سنقدمها.
وأشارت النجار، إلى أن الداعية تحتاج إلى تأهيل نفسي، وأهم شئ أن يكون لديها حب العمل الدعوي، لأن السيدة المتلقية بالتأكيد لديها قدر من الثقافة والتعليم كما يجب على الواعظة أن تغذى عقلها بالقراءة والإطلاع، والبعد عن الكتب المتشددة.
وأعربت فاطمة أحمد وصفي، واعظة بالشرقية، عن سعادتها لنزول الأزهريات المساجد حتى ينشرن الفكر الوسطى المعتدل الذى يحمله الأزهر، فعدم نزول الازهريات للمساجد يتيح الفرصة لنزول تيارات أخرى متشدة تنشر أفكارها المتطرفة.
واشارت إلى أن الفترة القادمة سيتم بها مناقشة عدة موضوعات في الدروس الدينية منها: المحبة، وصلة الرحم، ونعمل على إعادة القيم الأخلاقية التي بدأت تندثر، ومعظم الفتاوى التي نتلقاها عن الطهارة، والخصام والنميمة وصلة الرحم، وتربية الأبناء.
وطالبت وصفي، مجمع البحوث بزيادة الدعم المعنوى بكافة أشكاله والسؤال عن أحوال الواعظات وتوجيههن وإرشادهن إلى معالجة بعض الموضوعات من وجهة نظر القيادة الأزهرية، بالإضافة إلى توفير المكتبات الإسلامية، وتزويد الواعظات حتى تسد احتياجات المساجد على مستوى المحافظة.