هل يعادى الأزهر الفنون على اختلاف أنواعها كالمسرح والموسيقى والرسم وغيرها؟ سؤال قد يروجه خصوم الأزهر للتلاعب بعقول البسطاء وإثارة المزيد من البلبلة حول الصرح العريق.. وفى رده على هذا السؤال لم يصدر الأزهر بيانات أو قرارات وإنما الرد موجود بالفعل على أرض الواقع ومسطور على خشبات المسارح الأزهرية وقاعات الأنشطة ومعارض الطلاب فى الفنون المختلفة، حيث يشهد «مسرح الأزهر» تفعيلا وتطويرا واضحا، لتخريج جيل واع بأهمية الفنون فى ترقيق المشاعر والارتقاء بالذوق والاحساس بالجمال، وذلك من خلال تقديم أبناء الأزهر عروضا مسرحية متنوعة، من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، تحت رعاية وإشراف قيادات الأزهر الشريف.
فى البداية تؤكد الدكتورة نوال حسنى رئيس الإدارة المركزية لرعاية الطلاب بقطاع المعاهد، أن القطاع من خلال الإدارة المركزية لرعاية الطلاب، يدعم الأنشطة الثقافية والعلمية بالمناطق والمعاهد الأزهرية، ويعمل على تنميتها، لاسيما الأنشطة الثقافية المختلفة، والتى تشمل العروض المسرحية، والفقرات الأخرى كالإنشاد الدينى، وتقيم لها المسابقات لاختيار أفضل تلك العروض وتكريمها ومنحها الجوائز.
مجلة نور
ويؤكد أحمد عبدالحميد مدير مجلة نور، التى تصدر عن الرابطة العالمية لخريجى الأزهر، أن المجلة تقوم بالتعاون مع قطاع المعاهد الأزهرية، بدعم قطاع المسرح المدرسى بالمعاهد الأزهرية المختلفة، وذلك من خلال إحياء المسرح المدرسى، فى بداية جديدة للمسرح فى المعاهد الأزهرية، مشيراً إلى أن المجلة قامت بذلك من خلال أمرين: الأول: فتح باب مسابقة للمسرح المدرسى من خلال المجلة، على مستوى المعاهد الأزهرية فى شتى أنحاء الجمهورية، يقوم من خلالها الطلاب بالتعاون مع مشرف النشاط الفنى أو الثقافى أو الإخصائى الاجتماعى بعمل مسرحية صغيرة، وتصويرها، وإرسالها إلى المجلة، وسوف تقوم إدارة المجلة بإقامة احتفالية فى نهاية العام الدراسى، يتم فيها إعلان المعاهد الأزهرية الفائزة فى المسابقة، وسوف يتم اختيار خمسة أعمال مسرحية، يتم تكريم أصحابها فى الاحتفالية، وسوف تكون هناك جوائز مالية للفائزين.
وأوضح مدير عام مجلة نور، أن الأمر الثانى هو قيام المجلة، بالتعاون مع رعاية الطلاب بإقامة عروض مسرحية فى المعاهد الأزهرية، وفى المحافل الثقافية والاستكشافية، من خلال طلاب وطالبات المعاهد الأزهرية، مبينا أنه تمت إقامة عروض مسرحية بالفعل خلال الفترة الماضية، منها عرض مسرحى كان فى محافظة بورسعيد، بمعهد بورسعيد الأزهرى، وكذلك مسرحية قدمها طلاب معهد طلعت بمدينة نصر، فى الدورة الرابعة لشهر العلوم، والتى تنظمها أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، وتمت المشاركة من خلال عرض مسرحية «السنة السعيدة» على مسرح السلام بشارع قصر العينى، فى نهاية الشهر الماضى، وقد لاقت نجاحا كبيرا، مؤكدا أن هناك عروضا مسرحية أخرى سوف تتم من خلال الطلاب، بالتزامن مع المسابقة التى تقيمها المجلة.
وتابع مدير مجلة نور، أن العرض تضمن مسرحية تحكى قصة «سنة سعيدة» حافظت على نفسها من البكتيريا التى تصيب الأسنان وتجعلها مصابة بالتسوس، كما تحث الأطفال على أهمية الاعتناء بنظافة الأسنان من خلال حوار شخصيات المسرحية «لولى» السنة السعيدة، والفتاة «قمر»، وشخصية «ندمان» الضرس التعيس، وقد قدمها الطلاب بشكل متميز، وقامت الدكتورة نهى عباس بتدريب الطلاب خلال الفترة التى سبقت العرض المسرحى، وكيفية التحكم فى الحركات والانفعالات على خشبة المسرح، وتم تنمية قدرات التمثيل المسرحى لديهم، وبالفعل قد قدمها الطلاب بتميز واتقان.
مسرح الجامعة
على الجانب الآخر أيضاً يشهد مسرح جامعة الأزهر تطويرا وتفاعلا، فى مختلف كليات الجامعة بالمقر الرئيسى والفروع بالأقاليم، حيث تشهد كلية العلوم بنين بجامعة الأزهر أول عرض مسرحى تقدمه فرقة «صالون الأزهر الثقافي» التابعة للجامعة من إنتاجها بعنوان «علومولوجي» يتخلله فقرات غنائية وشعر وإنشاد، تحت إشراف الدكتور محمود الهادى عضو هيئة التدريس بالكلية والمشرف على النشاط المسرحى بالكلية، بالإضافة إلى العرض المسرحى الذى تقدمه كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالديدامون تحت إشراف الدكتور حسام محمد علم، عميد الكلية.
ويؤكد الدكتور علم أن الكلية تقيم عرضا مسرحيا وثقافيا مختلفا فى كل عام، من خلال طلاب الكلية، الذين يقدمون تلك العروض إيمانا منهم بأهمية وجود مسرح بالجامعة، يقدمون من خلاله أفكارهم، ويتواصلون به مع العالم الخارجى، ويقدمون خلاله آراءهم وطموحاتهم، مشيراً إلى أن العروض التى يقدمها طلاب الكلية تشمل عرضا مسرحيا، بالإضافة إلى إنشاد وإلقاء شعر وتلاوة للقرآن الكريم.
وأوضح العميد أن المسرح نشاط ثقافى مهم، مبينا أثر المسرح التنموى وأهميته التوعوية، كأحد منابر الأدب والثقافة، وتكمن قيمة المسرح وأهميته بوصفه مرتكزا مهما فى العمليتين الفكرية والثقافية لدى الأمم، فهو مرآة تنعكس عليها ملامح المجتمع، مبينا قدرة المسرح فى أنه يلقن الشعب ما تلقنه المعاهد والجامعات.
وأوضح عميد دراسات الديدامون أن العرض المسرحى الذى قدمه طلاب الفرقة الرابعة بالكلية، تضمن عرض فكرة بعنوان (الأزهر شباب ضد الإرهاب) ويحكى عن قصة شاب من خارج الأزهر تلقفته أيدى الجماعات المتطرفة والمتشددة، وبدأت تعبث بأفكاره وتوجهه بشكل خاطئ، إلى أن دخل إلى الأزهر فوجد من يأخذ بيديه، ويوجهه نحو الطريق الصحيح، ويفند تلك الأباطيل المسمومة التى زرعها الفكر المتطرف بداخله، وتحول من حالة العداء، إلى حالة السلام والتسامح.
ويشير الطالب خالد عطية أحد أبطال العرض المسرحى بالفرقة الرابعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالديدامون، بأن العرض تناول فكرتين الأولى التسامح، وذلك من خلال تجسيد مشهد لشخصين مسلم ومسيحى يأخذان بأيدى بعضهما، تحت الهوية المصرية، فى سرد تمثيلى لبعض المواقف التى لا تفرق بينهما، وتبرز قيم التسامح والمواطنة، أما الفكرة الثانية فهى تجسيد لطالب يتعرض لفكر متطرف، ثم يلتحق بالأزهر فيتغير فكره، ويصبح شخصا نافعا مختلفا يفند فكر التطرف والإرهاب.
مسرح علومولوجى
ومن جانبه يؤكد الدكتور محمود الهادى المشرف على النشاط المسرحى بكلية العلوم بنين بجامعة الأزهر، أن العرض المسرحى الذى بصدد أن تقدمه فرقة «صالون الأزهر الثقافى»، سيكون بعنوان «علومولوجى» ويحكى عن قصة شباب كلية العلوم منذ التحاقه بالكلية، وحتى تخرجه، مبينا أن مجموعة من شباب الأزهر بالجامعة هى من ستقدم العرض، وقد تم تدريبها بشكل كبير ليخرج العمل بشكل لائق ومتميز، وكان من المقرر أن يتم عرضه يوم 18 أبريل الماضى، ولكن تم تأجيله.
فيما يشير محمد أيمن أحد الطلاب المقدمين للعرض، على أن العرض يقدمه مجموعة من الطلاب الذين يؤمنون بفكرة المسرح الأزهرى، ليعكس للمجتمع ما يقوم به الأزهر وشبابه في مواجهة الفكر المتطرف، وكيف أن شباب الأزهر متحصنون ضد هذا الفكر، منوها إلى أن العرض سيتضمن فقرات إنشاد وإلقاء شعر.
«ماجستير عن المسرح»
وعلى جانب آخر، ناقشت جامعة الأزهر فرع أسيوط رسالة ماجستير متخصصة فى المسرح، بكلية البنات الإسلامية، أعدتها الباحثة ابتسام عبدالمنعم محمد، تناولت من خلالها «مسرح الطفل عند حسام عبدالعزيز.. الرؤية الفكرية والتشكيل الفنى»
ناقشت من خلالها، المسرح لدى الشاعر والكاتب المسرحى حسام عبدالعزيز، والذى يعد من أبرز وأهم رواد الكتابة المسرحية للطفل، ومن أبرز أعماله المسرحية (أميرة الألوان، جزيرة الحياة، شجرة الورد، سندريلا، رحلة ورد، كان يا ما كان، كنوز السندباد السبعة).
حسن مصطفي