قال الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، إن ما قاله شيخ الأزهر فى كلمته الافتتاحية للمؤتمر هو نفسه ما أريد أن أقوله لأنه تحدث باسم جميع الأديان، وقال أكثر ما نستطيع قوله، إلا أننا نريد أن نوضح أن الإرهاب يجب أن يكون للعالم كله دور فى التصدى له، سياسيا واقتصاديا ومعرفيا وعسكريا، لأن الجماعات الإرهابية تدعمها دول كبيرة بالمال والسلاح ولابد على الدول الكبرى أن تتوقف عن استخدام هذا السلاح الذى تستخدمه لأبعاد سياسية، فهؤلاء يربون شبلا صغيرا بعد وقت قصير يتحول إلى أسد ينجب أولادا ينتشرون فى العالم بأفكاره، ولن يتوقف الأمر على بث الفتنة والقتل والعنف المفرط بل سيصل الأمر إلى أصحاب تلك البلاد وعلى هذه البلدان الكبرى الانتباه لذلك.
وأكد الأنبا بولا فى تصريحات خاصة لـ«صوت الأزهر» على هامش مؤتمر الأزهر العالمى للسلام الأخير، أن أهمية توقيت إطلاق الأزهر لمؤتمر السلام بالتعاون مع جميع الأديان السماوية، تأتى من عدة اعتبارات أهمها ما لمسناه من ذكاء فضيلة الإمام الأكبر أثناء كلمته، والذى قال للعالم كله إن الإرهاب لا دين له، وليس معنى أن بعض الناس المنتمين لبعض الديانات يتبنون أفكارا ظلامية أن تنسب هذه الأفكار إلى الدين بأسره فهذا لا يعقل وهو ما ركز عليه فضيلة الإمام الأكبر خلال كلمته جيدا، مؤكدا أن التوقيت كان من اختيار الله سبحانه وتعالى لأن التوقيت كان مرتبا له منذ وقت طويل لكنه أتى بعد أحداث ساخنة فى طنطا والإسكندرية، لأنه عقب هذه الأحداث يكون العالم كله مهيأ للسماع عن السلام.
وحول رأيه حول أهمية زيارة البابا فرنسيس بالنسبة لمصر فى هذا التوقيت، أوضح أنها رسالة قوية للعالم تؤكد أن مصر آمنة وهو ما أكده البابا فعليا بأنه لن يستقل سيارة مصفحة؛ لكنه سيستقل سيارة مكشوفة ويسير وسط الجماهير بها، وهو ما يؤكد للعالم أن مصر بلد آمن ومستقر، وله أهمية كبرى فى هذا التوقيت اقتصاديا وسياسيا، مشيراً إلى أن مجئ البابا من إيطاليا لتأكيد العلاقة بين البلدين، وأن هذه الزيارة جاءت ردا لزيارات شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية ورئيس الجمهورية وهو ما يدشن لمبدأ الوحدة بين الأديان السماوية ويقوى العلاقة بين الشرق والغرب ويزيل بعض الحواجز بينهما.
وحول رؤيته لأسباب انتشار الإرهاب فى العالم، قال الأنبا بولا إن البؤر الاستعمارية فى العالم تمثل فى بعض الأحيان بيئة خصبة لنمو الجماعات المتشددة الإرهابية، بسبب الإحساس بالظلم، الذى تعانى منه الشعوب الواقعة فى أيدى الاستعمار، واتساع الفجوة الاقتصادية الكبيرة بين الدول والتى يجب العمل على تقليلها، موضحاً أن الفقر أيضاً بيئة تنمو فيها تلك البؤر، مشددا على ضرورة العمل بجدية على التكافل الاجتماعى.
وعن سبب حمله غصن الزيتون وسعف النخل أثناء إلقاء كلمته بالمؤتمر، قال الأنبا بولا: إن غصن الزيتون يشير إلى السلام، لأن المسيحيين واجهوا تفجيرات الكنيستين الأيام الماضية بنشر السلام وأننا بنعمة الله سننتصر على الإرهاب بزرع ثقافة السلام والمحبة فى قلوب الناس، وسنواجه الإرهابيين بالسلام لأن الكتاب المقدس طالبنا بذلك، ونصلى فى كل صلواتنا من أجل السلام، قائلين: ياملك السلام اعطنا سلامك، فالله هو مصدر السلام وصانع السلام، فالسلام صناعة إلهية موطنها السماء ولكن تعم الأرض إذا طلبناها وسعينا إليها، وعلينا جميعا أن نكون أداة حية لنشر السلام بين الشعوب فطوبى لصانعى السلام.
وناشد أسقف طنطا، الضمير العالمى بعدم استخدام الجماعات الإرهابية من أجل أهداف سياسية، حيث أصبح معلوما للجميع أن دولا بعينها تدعم الإرهاب بالسلاح، وأصبح لازما علينا أن نجفف منابع الإرهاب وحمل مشاعل التنوير الفكرى، مناشدا الضمير العالمى السعى لإنهاء البؤر الاستعمارية فى العالم كما هو فى فلسطين حيث تكون بيئة خصبة للجماعات الإرهابية بسبب الاحساس بالظلم، كما ناشد أبناء كل دولة العمل بالتكافل الاجتماعى من أجل نشر السلام الاجتماعى، لأن الفقر بيئة تنشأ فيها تلك الأفكار الإرهابية.
أحمد نبيوة