نظم الجامع الأزهر احتفالية كبرى بمناسبة مرور 1077 على أول صلاة به، والتى توافق 7 من رمضان من كل عام والتى كان من المقرر إقامتها الجمعة 7 رمضان إلا أنه نظرا لرحيل عضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد الراوى تم تأجيلها للجمعة الماضى الموافق 14 من رمضان.
وقد تضمنت الفعاليات دروساً دينية تناولت الحديث عن تاريخ الأزهر الشريف منذ تأسيسه حتى الآن، ومسابقات ثقافية وزعت خلالها العديد من الجوائز، وجولة سياحية داخل الجامع الأزهر، إضافة إلى جولة خارجية فى منطقة الآثار الإسلامية المحيطة به بصحبة مرشد سياحى وذلك بعد الدرس الدينى المنعقد بعد صلاة العصر.
بدأ اليوم بخطبة الجمعة التى ألقاها الدكتور محمود عشيرى وتناولت فضل ليلة النصف من رمضان، ثم أعقبها درس دينى للدكتور محمد مهنا مسئول الرواق الأزهرى الذى بين ما يجب علينا أن نفعله فيما تبقى من رمضان بعد مضى نصف الشهر الكريم، كما بين أن حقيقة العبادة معرفة المولى عز وجل، كما أن النعم امتحان والابتلاءات امتحان.
وأوضح مهنا أن افتتاح الجامع الأزهر كان فى أول جمعة من شهر رمضان، مؤكدا أن هذا المسجد كان جامعا وجامعة، آلت إليه مواريث النبوة الأولى بعد القرون الثلاثة الأولى المباركة وهى قرون السلف الصالح.
واستشهد مهنا على تاريخ الأزهر بحديث الشيخ الجليل محمد عبدالله دراز رحمة الله عليه، عضو جماعة كبار العلماء فى الأزهر وقتئذ والذى يقول فيما كتبه بجريدة لوموند الفرنسية أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها السادسة بباريس عام 1951: «إذا حق لجزيرة العرب أن تفخر بأنها مبعث الشعاع الأول للنور الإسلامى، وأنها الحارث لرمزها فى الكعبة المشرفة، فإن الفخر يعود فى المرتبة الثانية إلى مصر التى اكتسبت هذا الضوء فى باكورتها ثم احتفظت بسراجه فى تلك المنارة العلمية تلك المشكاة العلمية الدينية التى اسمها الأزهر هى اليوم أقدم جامعة على الإطلاق ومازالت على قيد الحياة على مدار هذا التاريخ الطويل».
وأوضح مهنا أن الأزهر الشريف تتطلع إليه قلوب المسلمين من شتى بقاع العالم العربى والإسلامى، وعقولهم ينتظرون إشارته فى المهمات ورأيه فى الشبهات، قيل بالحق إن تاريخ الأزهر هو صفوة تاريخ مصر، وتاريخ مصر هو صفوة تاريخ الأمة العربية والإسلامية، فمصر هى التى حمت الإسلام فى مواجهة الحملات الصليبية وهى التى قاومت الحملة الفرنسية وهى التى قادت حركات التحرر الوطنى وذلك بفضل الأزهر الشريف وعلمائه ورجاله وفكره المستنير ومنهجه العلمى الأصيل.
مشيراً إلى أن من أهم ملامح المنهج الأزهرى، اتساع مفهوم العلوم وشموله، ويجب أن يفهم ذلك طلاب الأزهر وكافة المنتمين له بل الشعب المصرى، فهناك حملات مغرضة بل تدليس ولعب بعقول الناس والبسطاء ولابد أن نقف على الحقائق بما يميز المنهج الأزهرى فهناك فرق بين المقررات الدراسية والمناهج العملية، فرق بين المقرر والمعلومة. فهذه المعلومات إن لم يكن هناك علم يحميها ويحصنها من الإفراط فيها فسوف تؤدى بالعالم الحديث إلى كارثة محققة. لذلك ليس المهم وجود المعلومات وكثرتها بقدر أن الأهمية الكبرى تكمن فى وجود المنهج العلمى السليم. فالمعلومات تتغير وتتبدل بحسب ظروف المكان والزمان لكن العلم منهج له ضوابط ثابتة فالمنهج الأزهرى من أهم ملامحه اتساع مفهوم العلوم وشموليته، فالذين يريدون للأزهر أن يبعد عن الناحية العلمية ويعزلونه عن التدريس بالكليات العملية، فهؤلاء يريدون أن يقلصوا دور الأزهر فى مجموعة من المعاهد الأزهرية الصغيرة، فالشرع أعمق من ذلك المعنى بكثير.
وتابع: «فالمنهج الأزهرى يتسم باتساع مفهوم العلوم وشموله، فيشمل إلى جانب العلوم الشرعية العلوم التجريبية، كالطب وعلم الاجتماع والكيمياء والفيزياء، فضلا عن العلوم العقلية من منطق وفلسفة وحكمة».
لافتا إلى أنه رغم انتقال مركز القيادة من القاهرة إلى اسطنبول بتركيا، إلا أن الأزهر استطاع أن يحافظ على القيادة وعلى مركز ودور مصر القيادى فى العالم الإسلامى فى صياغة الحياة العلمية ومعقل حصين للحفاظ على اللغة العربية، فضلا عن نشر أنواع كثيرة من العلوم باللغة العربية.
ثم بعد صلاة العصر بدأت الجولة السياحية لشرح معالم المسجد الأثرية والمآذن والزخرفة والعمارة من داخل وخارج الجامع الأزهر ومراحل ترميمه والمشايخ الذين تولوا رعايته ومشيخته.. وذلك بمصاحبة مرشد سياحى من مرصد الأزهر، ثم قامت فتيات مرصد الأزهر بتوزيع كتب على جمهور المسجد تتحدث عن جهود الأزهر فى محاربة الأفكار المتطرفة والمنحرفة، وقوافل السلام الدولية، وجهود الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى نشر السلام العالمى، بالإضافة إلى توزيع «تى شرتات «عليها لوجو الأزهر.
ثم بعد ذلك بدأ تحكيم التصفية النهائية لمسابقة «أندى الأصوات» بمشاركة 23 منشدا وقارئا، تم اختيار 10 منهم وسيمنحون جوائز مالية وعينية مقدمة من الرواق الأزهرى وفى نهاية رمضان سيتم إقامة احتفال كبير لتوزيع الجوائز على الفائزين فى 11 مسابقة تمت خلال الشهر الكريم، وكان من المحكمين الدكتور محمد مهنا، والقارئ الدكتور أحمد نعينع، والإعلامى حسن الشاذلى. ثم ختم اليوم بإفطار جماعى لـ1500 فرد ثم صلاة المغرب وبعدها صلاة التراويح. وأخيراً كتابة أسماء الحضور بخط عربى على يد خطاط محترف.
نعمات مدحت