| 26 أبريل 2024 م

متابعات

عمداء وطلاب الكليات النظرية: الأزهر يقود ركب الحضارة ويشارك فى النهضة التعليمية التى تعيشها مصر

  • | الأحد, 20 يناير, 2019
عمداء وطلاب الكليات النظرية: الأزهر يقود ركب الحضارة ويشارك فى النهضة التعليمية التى تعيشها مصر

فى أحد الحوارات الصحفية قالت إحدى أساتذة جامعة الأزهر والعميدة السابقة لإحدى كلياتها إن الكليات الشرعية هى الأقل فى التنسيق لعدم إقبال الطلاب عليها، والطلبة فى المدرجات «حفظة» ولا يوجد إعمال للعقل، وأضافت أن الأزهريين تربوا على هذا التراث وتجمدوا وتحجروا.. وانصافا لكليات الأزهر التى خرجت أعظم العلماء والمجددين وتقدم للمجتمع نماذج مشرفة من الخريجين الذين جمعوا بين العقل والنقل وبين الأصالة والمعاصرة كان لـ«صوت الأزهر» هذا التحقيق للوقوف على الأساليب المتبعة فى التدريس بالكليات النظرية بجامعة الأزهر وآراء الأساتذة والطلاب.

قال الدكتور محمد الهلفى عميد كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بكفر الشيخ، إن أبناء الأزهر الشريف هم حصن الأمة ضد التطرف والغلو بما يتسلحون به من تعاليم الدين الحنيف السمحة، فالأزهر الشريف قائم على علوم الشريعة ينتهج المنهج الوسطى الذى يتيح للدارس فيه الأخذ بما هو نافع للبشرية واستعمال الفكر فى خدمة الإنسانية بعيدا عن التطرف والغلو، يستعمل عقله ويتدبر فكره يجرى المسائل على القواعد والأصول التى تعلمها وحفظها فيتدبر معناها ويحسن تطبيقها، والعلوم جميعها تقوم على الأصول والقواعد التى تنظمها، والضوابط التى تحكمها، يحفظها من أراد مدارسة هذا العلم أولاً ثم يتاح له التطبيق، فعلم الدين كذلك لا بد له من أصول وقواعد وضوابط ولابد لمن أراد الاشتغال به أن يعيها ويحفظها، ولا يعاب على الطالب النجيب أن يحفظ علومه فالحفظ من درجات الذكاء، ولكن يعاب الحفظ المنفصل عن العقل، فمناهج الأزهر تعلم الطالب كيف يستخرج الحكم الشرعى مستعملاً القواعد والضوابط والثوابت التى وعاها وحفظها، فتراه يفتى فى مستجدات الأمور.

مشيراً إلى أن الأزهر لم يقف عاجزاً بأبنائه عن ملاحقة تطورات الحياة، فخرجت فتواه فى الاستنساخ والحمض النووى ونقل الأعضاء وغيرها من مستجدات الأمور، بل ومن عنايته بذلك ووعيه بالمستجدات، قام بتقرير مواد خاصة بها مثل مادة القضايا الفقهية المعاصرة يدرس فيها الطالب القضايا الحديثة من الناحية الشرعية، يعرف كيف يستخرج الحكم الشرعى مبنياً على رأى الطب إن كانت المسألة متعلقة بالناحية الطبية مطبقاً فى ذلك الأصل الذى تعلمه وحفظه ووعاه فى قوله تعالى (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، كما يدرس الطالب الأزهرى مادة القضايا الفكرية المعاصرة، مضيفاً أن المواد الفقهية تؤهل الطالب الأزهرى لإعمال العقل لاستخراج الحكم الصحيح على قواعد الإفتاء المتعددة المرتبطة بواقع الحال بعد إعمال الدليل والموازنة بين الأدلة وصالح الأمة.

وأوضح الهلفى أن الأزهر الشريف الآن يقود ركب الحضارة فى مقدمة الصفوف يشارك فى النهضة التعليمية التى تعيشها مصر، فقام رئيس جامعة الأزهر بربط الأمور التعليمية بالشبكة العنكبوتية، وتم تطوير البحوث العلمية واقتحام العالمية مما كان له الأثر البالغ فى حصول الجامعة على مراكز متقدمة فى شتى المجالات البحثية على مستوى القارة الأفريقية وعلى مستوى العالم.

وقالت الدكتورة بديعة الطمراوى عميدة كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بالإسكندرية، إن الكلية حاصلة على الجودة والاعتماد، فيدرس طلابها عبر الأدوات العلمية الحديثة كالداتا شو والكمبيوتر والسبورة الضوئية، ويتم إعطاؤهم دورات تدريبية وعمل مسابقات تعليمية وندوات فى جميع التخصصات، واستخدام أسلوب الحوار والمناقشة والبحث فى قاعات التدريس، حيث يتم تقسيم الطالبات إلى مجموعات ليشاركن فى شرح أجزاء من المناهج وتحضيرها مسبقاً، لمعرفة مدى استيعابهن للمحاضرة وتشجيعاً للتنافس وفتح مداركهن، فليست العملية الدراسية إلقائية فقط بل تدريبية، مشيرة إلى أن بالكلية «قاعة الريادة العلمية» للطالبات الأقل استيعاباً ولذوات الاحتياجات الخاصة والكفيفات، ومن تعانى من ظروف اسرية، لإعادة شرح المواد لهن تأكيداً للإلمام الكافى والاستيعاب الجيد، كما يُطلب منهن عمل بحث عن كل ما يخص موضوع المحاضرة ومعرفة كل ما قيل من جديد ومستجد فى مجال النواحى الشرعية والحديث وغيرها من خلال الإنترنت والمطالعة فى المراجع فى مجال النواحى الشرعية والحديث والقضايا المعاصرة وغيرها بقاعات البحث مما ينمى عقولهن، مشيرة إلى أن رأى الاساتذة ليس مفروضا على الطالبات كما فى المسائل الخلافية والقضايا الفقهية المعاصرة، فقد تختلف الطالبة فى الرأى أو ترجح رأياً على آخر ويحترم هذا الاختلاف، ولكن يُطلب منهن عرض أدلة توثق وجهة نظرهن بشرط ألا يخالف الشرع، لفتح مداركهن ودعمهن بحرية البحث والاختيار دون تقييد ولكن فى قالب محدد، مشيرة إلى أن الكلية تعقد العديد من المؤتمرات كمؤتمر الدولى للكلية الذى عقد مؤخرا عن الاجتهاد فى الفكر الإسلامى وشمل قضايا فقهية معاصرة عديدة مستجدة على الساحة، بحضور طالبات الكلية والباحثين.

سعيد محمد سعيد الفقى، أحد خريجى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، والحاصل على لقب الطالب المثالى على مستوى جامعة الأزهر، قال إنه كان ضمن العشرة الأوائل على الجمهوية فى الثانوية الأزهرية، وكانت كل الكليات متاحة أمامه لكنه فضل الالتحاق بهذه الكلية، للتمكن من دراسة العلوم الشرعية والعربية وفق أحدث الطرق والوسائل فى تعليم علوم الشريعة واللغة العربية، مشيراً إلى أنه يعتبر دراسته فى هذه الكلية نقلة نوعية فى حياته وطريقة تفكيره ومنهجه فى الحياة، فتعلم فيها علوم الآلة كالنحو والصرف وعلوم الغاية كعلوم الشريعة بالإضافة لعلوم العقل كالمنطق والفلسفة وعلم الكلام، بالإضافة للعلوم التربوية كالتربية وعلم النفس ومناهج التدريس، واصفاً قاعات الدراسة بالكلية بمثابة «معامل وسطية تتلاقح فيها الأفكار والعقول»، فشجعته دراسته بالكلية على الانفتاح على مختلف العلوم العصرية، فحصل على دورات فى التنمية البشرية والحاسب وإدارة الأعمال واللغات الأخرى، طامحاً إلى توصيل رسالة الصلاح والإصلاح التى غرسها بهم الأزهر الشريف.

وقال على سامى عزب، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية اللغة العربية، والباحث بالتراث الإسلامى إنه يعد نفسه منذ الصغر لأن يكون عالماً من علماء الأمة الذين يشارُ إليهم بالبنانِ، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، يتسم بالموسوعية كما كان علماء الأزهر قديماً، مضيفاً أنه بفضل الله تعالى والنشأة الأزهرية تمكن من حفظ القرآن فى العاشرة، وبدأ فى تعلُّم القراءات والعلوم الشرعية من الثانية عشرة، بدايةً من حفظ المتون مروراً بحضور مجالس العلم وانتهاءً بالبحث والوصول، مشيراً إلى أنه بالرغم من حصوله على مجموع يقترب من 95% بالثانوية الأزهرية بالقسم العلمى ورُشِّح إلى كلية الصيدلة، لكنه أراد أن يواصل دراسته للعلوم الشرعية فالتحق بكلية اللغة العربية بعد أن قضى عاماً فى كليَّة الهندسة نزولاً على رغبة والديه، ويقول: هذه الكليَّةُ التى تعدُّ مفتاحاً لدراسة العلوم الشرعيَّة والانفتاح عليها جميعاً، فالمفسِّرُ والأصولى والفقيهُ والمتكلِّمُ والمحدِّثُ وغيرهم لا بد لهم من دراسة اللغة حتى يتمكنوا فى تخصصاتهم، وهذه العلوم ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً، وتحتاجُ إلى إعمال العقل والنظر والفكر والرويَّة، حيث تقوم على الاجتهاد والاستنباط.

وتابع: فالفلسفة وضعت بها الحواشى والشروح، وكيف كان العلماء يعلِّمون العقل طريقة الاجتهاد والنَّظر، وهم يوردون الاعتراضات ثم يجيبون عليها، وكيف يرتقون بالعقل شيئاً فشيئاً عن طريق المنهجية التى وضعوها لدارسى تلك العلوم، وعلم البلاغة ليست مجرد حفظ قواعد بل إنها قائمة على التذوق والاجتهاد فى فهم ما وراء النص والمعنى الباطن، وكذلك علم الأصول يُبنى على الاستنباط والاجتهاد فى فهم دلالات الألفاظ للوصول إلى القواعد الكليَّة التى من خلالها تستنبط القواعد الجزئيَّة، قائلاً «يكفيك أن تقرأ فى كتب السابقين وأن تجدُ كلَّ مسألةٍ مختتمة بقولهم: «فتأمَّل»، أو «فليتأمَّل»، أو بعد ذكر جواب البعض: «وفيه نظر»؛ ليحضَّ القارئِ على إعمال عقله والبحث والنَّظر، ودراسة العلوم الشرعية والعربيَّة بهذه الطريقة له أثر إيجابى كبير ينعكسعلى قبول رأى المخالفِ من غير عنةٍ أو ضيقٍ طالما أنه اجتهاد قائم على أصول وضوابط، ومن هنا سر بقاء المنهج الأزهرى واستمراره إلى يومنا هذا.

وقالت نور الهدى عبدالمنعم، الواعظة بمنطقة الوعظ والإرشاد الدينى بأسيوط التابعة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والحاصلة على ليسانس الشريعة والقانون بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف دفعه ٢٠١٤م بكلية البنات الإسلامية بأسيوط، أن سبب اختيارها للكلية يتمثل فى رغبتها بدراسة علوم الشريعة الإسلامية مقارنة بالقانون، لخدمة الدين والمجتمع بل الوطن بأسره، بالرغم أن مجموعها بالثانوية الأزهرية بالقسم العلمى (92%) أتاح لها الدراسة فى الكليات العلمية، موضحة أن الدراسة بالكلية اعتمدت على فهم العلوم الشرعية المتنوعه (فقه وأصول الفقه والحديث وعلومه والقضايا الفقهية المعاصرة) فهما صحيحاً، ليكون الطالب على دراية تامة بكل ما يطرأ أو يستجد على الساحة من القضايا الفقهية المعاصرة، وكيفية معالجتها، وإبداء الرأى فيها من الناحية الشرعية والقانونية، وتكوين شخصية للطالب تجعله قادرا على التحاور، وعرض الموضوعات مدعمه بالادلة والبراهين النقلية والعقلية بذهن متفتح ومستنير، مع استخدام ادوات العصر التكنولوجية مع عدم الاقتصار على نقل أو ترديد النصوص الشرعية بدون فهم أو إدراك.

مشيرة إلى أن الله منَّ عليها بالعمل فى مجال الدعوة، تحت لواء الأزهر الشريف، لنشر رسالته وإبراز سماحة الشريعة الإسلامية ووسطيتها، من خلال الفكر الوسطى المستنير وتصحيح المفاهيم المغلوطة. وتحقيقاً لهذه الأهداف ونظراً لاستشعار الأزهر دور المرأة واهتمامه بها، وحرصه على تعليمها أمور دينها ودنياها، استحدث الأزهر الشريف نظام الدعوة النسائية من خلال اختيار واعظات قادرات على التواصل مع جميع القطاعات النسائية باختلاف بيئاتها وثقافاتها والوصول إليها اينما كانت.

ومن جانبه قال عبدالرحمن محمد متولى، خريج كلية أصول الدين بالقاهرة جامعة الأزهر الشريف، والأول على الدفعة بقسم التفسير وعلوم القرآن، إنه عمل إماما وخطيبا بعد تخرجه وينتظر تعيينه بالكلية معيداً، مضيفاً أنه فى الشهادة الثانوية بالقسم الأدبى أتيحت له كل كليات الأدبى بلا استثناء من أعلاها إلى أدناها بمجموعه الذى بلغ 90%، ورغم هذا التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة التى كان مجموعها لا يتجاوز الـ65%، حبا فيها وفى المجال الشرعى، مشيراً إلى أنه استفاد من الكلية كثيرا، لأنها تحتاج مجهودا ذهنيا فهما وحفظا، فلقد كان لها أثر عظيم فى تطوره الفكرى والعقلى والثقافى نظرا «لكوكبة العلماء» الذين تعلم على أيديهم، ومكتبة الكلية أفادته كثيرا فى مراجعها المتعددة وكتبها القيمة وعلمها الغزير كمكتبة تخريج الأحاديث، وكذلك المناقشات العلمية (الماجستير والدكتوراه) فى قاعات الكلية.. الخ.

 بالإضافة إلى مركز اللغات الذى تعلم فيه اللغه الفرنسية مجانا على نفقة الأزهر الشريف تكريما للأوائل والمتميزين، كما عمل كإمام وخطيب منذ العام الأول بالكلية وطوال سنواتها الأربع مما سهل عليه المذاكرة فى الكلية والتفرغ لها وللعلوم الشرعية، وأن يتكفل بمصاريفه ولا يكون عبئا على أهله، وفى سنوات الكلية حصل على اجازات فى سنن الترمذى وثلاثيات البخارى والأربعين النووية وغيرها، معبراً عن خالص تقديره لفضل الأزهر الشريف وعلمائه عليه.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg