| 29 مارس 2024 م

متابعات

الأزهر والإمارات.. مسيرة عطاء مشترك

  • | الأربعاء, 6 فبراير, 2019
الأزهر والإمارات.. مسيرة عطاء مشترك

على امتداد تاريخه ومنذ نشأته مازال الأزهر الشريف يؤدى دوره المنوط به كمنبر للوسطية والاعتدال، وقوة ناعمة لمصر تدعم به علاقاتها الخارجية مع دول العالم من خلال إرسال الوفود والبعثات التعليمية والدينية، أو من خلال دعمه لتقديم المنح الدراسية لأبناء هذه الدول لدراسة علوم اللغة العربية، والشرعية، من خلال منهجه الوسطى، إلا أن علاقة الأزهر الشريف بدولة الإمارات العربية المتحدة ستظل علاقة متميزة تخطت مرحلة القوة الناعمة بل صارت رسالة، فعبر تاريخ مشايخ الأزهر الشريف ظلت محطة التواصل مع دولة الإمارات ثابتة لديهم لقناعتهم المجردة من الشك بأن دولة الإمارات شقيق ومؤازر لجهود مصر، إلا أن العلاقة بينهما زادت قيمتها وتعاونها فى عهد فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، من خلال سلسلة من المشاريع التى تدعم جهود مصر الإمارات من أجل السلام وتحقيق الاستقرار فى الوطن العربى وحماية الأقليات الإسلامية.

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وصف العلاقات المصرية الإماراتية بأنها علاقات تاريخية بين الشعبين الشقيقين، والعلاقة بين الأزهر والإمارات قوية، وهناك مشاريع عديدة بين الأزهر والإمارات من بينها مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وهذا المركز موجود بجامعة الأزهر، ويلتحق به الطلاب الوافدون من آسيا وأفريقيا وأوروبا وروسيا لتعلم العربية قبل التحاقهم بكليات جامعة الأزهر. وقد كلل هذا التعاون بحصول شيخ الأزهر على جائزة شخصية العام الثقافية ضمن فعاليات جائزة الشيخ زايد للكتاب، حيث وصفها شيخ الأزهر بأنها تكريم للأزهر الشريف ولمصر وللعالمين العربى والإسلامى، لأن الأزهر هو الحارس الأمين لاعتدال الدين الإسلامى الحنيف، وأنه سيظل يعمل لمصلحة الإسلام والمسلمين جميعاً.

«حكماء المسلمين»

العلاقة بين الأزهر ودولة الإمارات شهدت تقدماً كبيراً بعد إنشاء مجلس حكماء المسلمين الذى ترأسه شيخ الأزهر ليكون مؤسسة إسلامية رائدة تسعى لتحقيق رسائل تهدف لتحقيق السلام من خلال العديد من المشاريع، وقد تم إنشاء مجلس الحكماء كهيئة دوليَّة مستقلَّة فى 21 رمضان من عام 1435 هـ، الموافق 19 يوليو عام 2014م، بهدف تعزيز السِّلم فى المجتمعات المسلمة، ويجمع ثلَّة من علماء الأمَّة الإسلاميَّة وخبرائها ووجهائها ممَّن يتَّسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة، بهدف المساهمة فى تعزيز السِّلم فى المجتمعات المسلمة، وكسر حدَّة الاضطرابات والحروب التى سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة فى الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام والتَّشرذم. ويعتبر المجلس - الذى يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبى مقراً له- أوَّل كيان مؤسَّسيٍّ يهدف إلى توحيد الجهود فى لمِّ شمل الأمَّة الإسلاميَّة، وإطفاء الحرائق التى تجتاح جسدها وتهدِّد القيم الإنسانيَّة ومبادئ الإسلام السَّمحة وتشيع شرور الطَّائفيَّة والعنف التى تعصف بالعالم الإسلاميِّ منذ عقود.

حقوق الأقليات

قاد مجلس حكماء المسلمين مبادرة سلام من أجل نصر المستضعفين فى بورما، حيث دعا مجلس حكماء المسلمين عدداً من قيادات المجتمع البورمى من مختلف الديانات (البوذية والإسلام والمسيحية والهندوسية) لندوة حوارية موسعة، للتباحث حول سبل العيش المشترك لجميع مواطنى بورما والوقوف على أسباب هذا الخلاف ومحاولة وضع حلول جذرية لإنهائه وترسيخ أسس المواطنة فيه. وبناءً على ذلك عقد مجلس حكماء المسلمين ندوة حوارية فى القاهرة، حملت عنوان «نحو حوار إنسانى حضارى من أجل ميانمار (بورما)»، وذلك فى فترة امتدت بين 1 إلى 6 يناير من عام 2017 م. استجابت الحكومة البورمية لعقد هذه الندوة وهى المرة الأولى التى تستجيب فيها لمناقشة وضعها الداخلى فى دولة خارجية، وهى كذلك المرة الأولى التى تستجيب فيها الحكومة إلى وسيط إسلامى، حيث حضر هذا الملتقى 27 شخصاً بوذياً ومسلماً ومسيحياً وهندوسياً. عُقدت الندوة فى القاهرة على مدار ستة أيام، حيث تركزت فعالياتها خلال ثلاثة أيام فيما خُصِّص يومان للرحلات السياحية فى القاهرة وذلك ليرى الوفد التعددية الحضارية والدينية فيها، وعقد الإمام الأكبر كذلك جلسة مغلقة مع أعضاء مجلس حكماء المسلمين ووفد جمهورية اتحاد ميانمار ناقشوا خلالها أوضاع المسلمين فى إقليم «راخين». وفى ختام الندوة أصدر مجلس حكماء المسلمين بياناً ختامياً أكد خلاله على أنَّ الحوار كان خطوة ناجحة فى الطريق لحل الأزمة، وأن استجابة مسئولى ميانمار لمبادرة المجلس هى خطوة مُشجعة لتعزيز السلام فى بلادهم وأن الأزمة فى بلادهم تستوجب التدخل لوقف العنف وإراقة الدماء.

قوافل السلام

أطلق «حكماء المسلمين» بالتعاون مع الأزهر الشريف سلسلة من قوافل السلام تجوب العالم شرقا وغربا، لتعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة، بجميع دول العالم، من مجموعات علمية أزهرية متخصصة فى الشريعة الإسلامية وعلومها، يتحدثون لغة الدولة التى سيقومون بزيارتها، وتقوم هذه القوافل بتنظيم أنشطة علمية وفكرية مكثفة، تشتمل على ندوات دينية ولقاءات فكرية ومحاضرات علمية فى عدد من المؤسسات الدينية والأكاديمية؛ تهدف كلها لتصحيح المفاهيم، وتخفيف حدة التوتر الدينى الذى يحيط بكثيرٍ من المجتمعات المسلمة؛ بهدف نشر ثقافة السلام والتسامح والتعايش المشترك من خلال توضيح تعاليم الإسلام الصحيحة التى تحض على ذلك. وتحصين هذه المجتمعات وبخاصة الشباب الذين يمثلون هدفا لحركات التطرف والتضليل داخل هذه المجتمعات، والإجابة على أهم التساؤلات التى تشغل فكرهم، وتشجيع المسلمين على الاندماج بشكلٍ إيجابى وفعَّال فى المجتمعات التى يعيشون فيها، والإسهام فى بنائها ورقيها. البلدان المستهدفة: تستهدف قوافل السلام البلدان التى تشهد بعض الصراعات الثقافية على المستويات الدينية والعرقية فى كل من أفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا. أوروبا: (إنجلترا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، فرنسا). آسيا: (الصين، إندونيسيا، باكستان، كزاخستان). أفريقيا: (نيجيريا، تشاد، جنوب أفريقيا، أفريقيا الوسطى). أمريكا: (الولايات المتحدة الأمريكية).

دعم مشروعات الأزهر

العلاقة بين الأزهر والإمارات تناولت فى الفترة الأخيرة استراتيجية جديدة وهى دعم مشروعات الأزهر الشريف التى تسانده فى أداء رسالته، فتقديراً من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات للدور الذى يؤديه الأزهر الشريف فى خدمة العالم الإسلامى، واستمراراً للدعم المتواصل الذى تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة للشعوب الشقيقة عامة والشعب المصرى خاصة، وفى إطار علاقات التعاون التاريخية والأخوية بين البلدين، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة شئون الرئاسة والأزهر الشريف لتمويل ودعم المشروعات والبرامج التى ينفذها الأزهر بتكلفة إجمالية تبلغ 155 مليون درهم إماراتى، وبموجب المذكرة التى جاءت فى إطار التعاون العلمى والثقافى بين الإمارات ومصر، يأتى تمويل إنشاء مكتبة جديدة للأزهر الشريف تليق بمكانته وما تحويه مكتبته من نفائس المخطوطات التى تبلغ 50 ألف مخطوطة، وكذلك المطبوعات على أحدث النظم المكتبية العالمية، بالإضافة إلى تجهيز تأمين مقتنيات المكتبة الحالية خلال أحدث نظم المراقبة والتأمين الإلكترونية، كما تتضمن الاتفاقية تمويل مشروع سكن لطلاب الأزهر يتناسب واحتياجات النمو فى أعداد الطلبة الدارسين فى الأزهر الشريف.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg