| 25 أبريل 2024 م

متابعات

30 يونيو.. أعادت مصر إلى حضن أفريقيا بعد غياب طويل

  • | الأربعاء, 3 يوليه, 2019
30 يونيو.. أعادت مصر إلى حضن أفريقيا بعد غياب طويل

د. أيمن شبانة: قبل «يونيو» شكَّك البعض فى انتماء مصر للقارة وتعاملوا معها كدولة عربية أو شرق أوسطية

د. صلاح الجعفراوى: أفريقيا هى الامتداد الطبيعى والبعد الاستراتيجى لمصر

 

لا ينكر إلا جاحد أن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الغرق فى مستنقعات الجماعات التخريبية والظلامية التى لا تعرف للأوطان حقوقا، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجيش مصر العظيم نجحا فى إبعاد مصر عن سيناريوهات مأساوية شهدتها بعض دول المنطقة والتى مازالت تعانى حتى الآن من حرب أهلية دمرت بنيتها التحتية وقتلت وشردت أبناء شعوبها، ومن أهم إنجازات هذه الثورة عودة مصر إلى حضن القارة الأفريقية بعد غياب سنوات طويلة.

أكد الدكتور أيمن السيد شبانة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، أن ثورة 30 يونيو كانت نقطة تحول خطيرة فى تاريخ مصر السياسى، سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى، وكان لهذه الثورة من الإنجازات والانتصارات الكثير والكثير، أهمها أنها أرجعت مصر إلى الحضن الأفريقى.

وقال شبانة: إن مصر تسلمت خلال هذا العام 2019 رئاسة الاتحاد الأفريقى، وهو ما يتطلب بذل الجهود للنهوض بأعباء هذه الوضع المتميز الذى أولاه الأفارقة لمصر، بعد سنوات عجاف شهد خلالها الدور المصرى فى أفريقيا ضعفا واضحا منذ تسعينيات القرن المنصرم، مما دفع البعض للتشكيك فى حقيقة انتماء مصر للقارة، والتعامل معها باعتبارها دولة عربية أو شرق أوسطية، لذا سعت مصر لاستعادة مكانتها الإقليمية فى أفريقيا، عقب سقوط نظام مبارك، خاصة بعدما طالت التهديدات النابعة من القارة مصالحها المائية المصيرية، وبعدما تأثرت بالسلب مصالحها الأمنية، نتيجة تسلل الإرهابيين والمهاجرين غير الشرعيين، وتزايد عمليات تهريب السلاح وغسيل الأموال العابرة من دول القارة إلى مصر.

وأضاف شبانة: أدركت القيادة السياسية بعد ثورة 30 يونيو 2013، ضرورة إعادة الدولة المصرية إلى قلب التفاعلات فى القارة السمراء، انطلاقا من ثوابت تفرضها معطيات الجغرافيا والتاريخ، ومتغيرات تستوجب تعزيز المصالح المصرية بالقارة، وطموح مشروع فى استعادة الدور القيادى، عندما كانت القاهرة محورا أساسيا فى تصفية الاستعمار، ودعم حركات التحرر الوطنى، ومناهضة سياسة الفصل العنصرى، وتعزيز جهود الوحدة الأفريقية، والواقع أن التوجه صوب أفريقيا كان واضحا فى ذهن القيادة السياسية المصرية منذ البداية، فكانت القارة حاضرة بوضوح فى البرنامج الانتخابى للرئيس السيسى، كما تضمن دستور 2014 نصوصا تؤكد البعد الأفريقى للهوية المصرية، ومحورية نهر النيل كسبب لحياة المصريين.

وتابع: تم استحداث لجنة للشئون الأفريقية بمجلس النواب، وتخصيص قطاع للشئون الأفريقية بمعظم الوزارات والمؤسسات الحكومية، وإنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، كآلية لدعم القدرات البشرية وتدعيم التنمية بأفريقيا، وقد توج هذا الاهتمام بصياغة خطة للتحرك الاستراتيجى المصرى فى أفريقيا على جميع الأصعدة، وذلك فى أبريل 2016، انطلاقا من خطاب سياسى جديد يعلى من شأن قضايا السلام والتنمية، ويوظف كل أدوات القوة الصلبة والناعمة، على أساس مبدأ «المكسب للجميع».

وأشار إلى أن أولى الجولات الخارجية للرئيس عبدالفتاح السيسى بعد تقلده الرئاسة كانت من نصيب القارة الأفريقية، حيث زار الجزائر والسودان، وشارك فى القمة الثالثة والعشرين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقى بغينيا الاستوائية، ليصبح هذا هو دأب الرئيس فى القمم اللاحقة للاتحاد، كما حرص الرئيس على حضور معظم الفعاليات الأفريقية، وأبرزها قمة دول حوض النيل بعنتيبى بأوغندا، والقمة الألمانية الأفريقية 2017، و2018، ومنتدى التعاون الصينى الأفريقى 2018، كما قام بجولة أفريقية غير مسبوقة، شملت أربع دول هى تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد، وقد بلغ نصيب أفريقيا من الزيارات الخارجية للرئيس حتى أغسطس 2017 نحو 30%، وذلك بواقع 21 زيارة من إجمالى 69 زيارة، واستقبلت مصر العشرات من الرؤساء والمسئولين الأفارقة، بمن فيهم جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا السابق، الذى كان يتزعم الاتجاه الداعى لتجميد عضوية مصر بالاتحاد الأفريقى، كما استقبلت رؤساء تحرير الصحف الأفريقية، وقادة السلك الدبلوماسى الأفريقى بالقاهرة.

ونوه شبانة إلى أن مصر احتضنت بمدينة شرم الشيخ العديد من الفعاليات الأفريقية وأهمها: قمة التكتلات الإقليمية الثلاثة (سادك، كوميسا، إياك) فى يونيو 2015، وذلك لبحث إقامة منطقة تجارة حرة بينها، وقمة الاستثمار فى إطار كوميسا فى مارس 2016، واجتماع وزراء دفاع دول الساحل والصحراء فى أبريل 2016، كما نظمت مصر «منتدى الشباب الأفريقى» بشرم الشيخ لعامين متتاليين 2017-2018، ومنتدى الاستثمار فى أفريقيا نهاية 2018، ومنتدى مكافحة الفساد فى أفريقيا يونيو 2019، وخلال هذه الفعاليات، توالت المبادرات المصرية تجاه أفريقيا، فطالبت القاهرة بتفعيل القوة الأفريقية الجاهزة للانتشار السريع كذراع أمنية للاتحاد الأفريقى، لتكون بديلا عن التدخلات الأجنبية فى شئون القارة، وحتى لا يتكرر دور حلف الناتو فى ليبيا، وكذا سعت مصر لصياغة نظام لأمن البحر الأحمر، على محور عربى أفريقى، وإنشاء مركز لإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراعات فى إطار الاتحاد الأفريقى، وتأسيس مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب، وإقامة طريق برى للربط بين مصر ودول شرق أفريقيا، وإنشاء ممر ملاحى يربط بين البحر المتوسط وبحيرة فيكتوريا، وإقامة مدينة للشباب الأفريقى بمصر.

ووضح شبانة أن التحركات المصرية حققت كثيرا من المكاسب، فتمكنت مصر من استعادة عضويتها الكاملة بالاتحاد الأفريقى فى يونيو2014، وأيد الاتحاد الأفريقى حصولها على مقعد غير دائم فى مجلس الأمن الدولى، كممثل للقارة خلال عامى 2016 و2017، كما حصلت مصر على عضوية ورئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقى لأكثر من دوره، وتولت رئاسة لجنة التغير المناخى بالاتحاد الأفريقى، كما أيد الأفارقة جهود مصر للإصلاح الاقتصادى المصرى ومكافحة الإرهاب، وذلك عبر المشاركة فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ عام 2015، والاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة، وعقد جلسات برلمان عموم أفريقيا بشرم الشيخ - للمرة الأولى- فى أكتوبر 2016، ووافق الاتحاد الأفريقى على ترشيح السفيرة المصرية مشيرة خطاب لمنصب مدير عام اليونيسكو، كممثل للقارة الأفريقية، بعدما كان هناك توجه عام معارض لترشيح مصر لهذا المنصب من قبل، ومع تولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، يتوقع الجميع أن يزداد الدور المصرى فى أفريقيا توهجا، وأن تنجح مصر فى التعبير بشكل فاعل عن قضايا قارتها الأم، خاصة القضايا الأمنية، وهو ما سوف يدعم فرص مصر فى استضافة مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراعات، والذى تبنى الاتحاد الأفريقى تأسيسه بمبادرة مصرية خالصة، موضحاً أن كل الإنجازات السابقة هى ثمرة وحصاد ثورة 30 يونيو التى لولاها لانقطعت صلة مصر بأفريقيا وشغلت مكانها قوى إقليمية والله وحده يعلم ما كان سيحدث من أضرار على الأمن القومى المصرى.

ومن جانبه قال الدكتور صلاح الدين الجعفراوى، ممثل هيئة آل مكتوم الخيرية بدولة الإمارات العربية ومنظمة «الأيسسكو»: بفضل الله وكرمه أن أنقذ مصر الحبيبة وشعبها العظيم، بل قل المنطقة العربية كلها فى ثورة 30 يونيو على يد هذا الرجل المغوار الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لولاه لأصبحت خريطة مصر والمنطقة غير ما هى عليه الآن، ولو نظرنا إلى وضع مصر قبل هذه الثورة لوجدناها غربت بوجهها عن سمار أفريقيا إلى بياض أوروبا وأمريكا، مع العلم أن أفريقيا هى الامتداد الطبيعى لمصر وهى البعد الاستراتيجى لها.

وأضاف الجعفراوى قائلا: إن الرئيس السيسى يولى تعزيز البنية الأساسية والربط بين الدول الأفريقية أهمية قصوى سواء فى الطرق أو السكك الحديدية أو الطاقة بحيث نستفيد من القدرات المختلفة والمتكاملة على مستوى القارة والعمل على تطوير التعاون مع الأشقاء الأفارقة واستعادة الدور المصرى الرائد فى أفريقيا، وهذا واضح وجلى من خلال النشاط الكبير على المستوى الأفريقى فى الخمس سنوات الماضية واهتمامها بالقضايا الأفريقية، وفى حديثه المتكرر أينما ذهب، والعمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وجميع الدول الأفريقية خاصة دول حوض النيل ومنطقة القرن الأفريقى وبحث جميع التطورات بالقارة الأفريقية وكذا دراسة تداعياتها على الأمن القومى المصرى والمصالح المصرية بصفة عامة، والتأكيد على الأهمية التى توليها مصر لتناول قضايا القارة الأفريقية والحفاظ على مصالح الأشقاء خاصة فى مجال السلم والأمن الذى يمثل أولوية متقدمة للاتحاد والعمل على مكافحة الإرهاب وطنيا وإقليميا ودوليا، والتأكيد على أهمية التصدى بشكل فعال لتمويل الإرهاب وتجفيف منابع تجنيده وتسليحه ودعمه واحتضانه سياسيا، فضلا عن ضرورة دعم الدول الأفريقية الشقيقة التى تواجه الإرهاب ومساندتها فى مساعيها للقضاء عليه والتضامن معها ومع شعوبها فيما فقدته من ضحايا من قوات إنفاذ القانون والمدنيين وأهمية تبنى منظور شامل فى مكافحة الإرهاب يشمل المعالجة الفعالة للأسباب الجذرية للإرهاب والفكر المتطرف من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد الجعفراوى أن عودة مصر إلى أفريقيا أحد أهم التحولات الإيجابية فى السياسة الخارجية ‏المصرية بفضل ثورة 30 يونيو المجيدة، وقد لعب الرئيس السيسى دورا محوريا فى صياغة هذا التوجه وتعميقه، ‏من خلال التأكيد على انتماء مصر الأفريقى وحقها المشروع فى حماية أمنها القومى ‏ومصالحها فى نهر النيل اعتمادا على الحوار والتعاون مع دول حوض النيل، علاوة ‏على حق مصر التاريخى والجيوسياسى فى استعادة دورها القيادى فى أفريقيا والذى ‏دشنته المرحلة الناصرية بدعم حركات التحرر الوطنى ومحاربة الاستعمار وجميع ‏أشكال التمييز العنصرى، ولعب دورا كبيرا فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية.‏

وكشف الجعفراوى عن وجود منافسين لمصر فى الفضاء الأفريقى قد لا يروق لهم ‏عودة مصر لاحتلال دور قيادى غابت عنه قرابة 30 سنة، ‏وكانت هذه الأطراف تنفرد بالقيادة أو توزع الأدوار فيما بينها، وبالتالى فإن حجم ‏وثقل مصر التاريخى والجيوسياسى قد يقلق هذه الأطراف، فمصر واحدة من الدول ‏الخمس الكبار فى أفريقيا، وتسهم بـ 12% من ميزانية الاتحاد الأفريقى، ‏وتعتبر ثامن مساهم فى عمليات حفظ السلام، كما تستضيف مصر عددا من ‏المؤسسات الأفريقية، أهمها وفد الاتحاد الأفريقى الدائم لدى جامعة الدول العربية ‏بالقاهرة، واتحاد الغرف الأفريقية للتجارة والصناعة والزراعة والمهن، و‏الكونفيدرالية الأفريقية لكرة القدم، ووكالة الكوميسا للاستثمارات الإقليمية، والمصرف ‏الأفريقى للاستيراد والتصدير، والاتحاد الأفريقى لمنظمات مقاولى التشييد والبناء، ‏ومنظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية.

 

طباعة
الأبواب: متابعات
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg