د. نهلة الصعيدى: الأزهر أصبح قبلة علمية عالمية بفضل رؤية الإمام الطيب
د. شهيدة مرعى: مناهجنا تجمع بين الأساليب التقليدية والابتكارات الرقمية لضمان تعليم متميز
منذ إنشاء مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر الشريف فى عام 2018، شهدت منظومة تعليم الوافدين نهضة شاملة تحت قيادة فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وإشراف مباشر من الدكتورة نهلة الصعيدى، مستشارة شيخ الأزهر لشئون الوافدين، وأصبح المركز نموذجاً متكاملاً لرعاية الطلاب غير الناطقين بالعربية، من خلال تطوير المناهج وفق أحدث الأساليب التربوية، وإطلاق مبادرات تعليمية نوعية، وتعزيز فرص التعلم الرقمى، فى إطار استراتيجية تتماشى مع رؤية مصر 2030، التى تهدف إلى تعزيز دور مصر كمركز عالمى لنشر الفكر الوسطى وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
وبمناسبة مرور خمسة عشر عاماً على تولى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر الشريف، أكدت الدكتورة نهلة الصعيدى، مستشارة شيخ الأزهر لشئون الوافدين، أن هذه السنوات شهدت نقلة نوعية فى خدمة الطلاب الوافدين، حيث أولى فضيلته اهتماماً بالغاً بتطوير منظومة تعليمهم وتأهيلهم علمياً وفكرياً وثقافياً، موضحة أن فضيلة الإمام الطيب لم يدخر جهداً فى رعاية الطلاب الوافدين، باعتبارهم سفراء الأزهر فى بلادهم، فعمل على توفير بيئة تعليمية متكاملة، من خلال تطوير المناهج، وتعزيز برامج التدريب، وإطلاق المبادرات التى تعزز انتماءهم الأزهرى الوسطى، بالإضافة إلى التوسع فى المنح الدراسية والدعم المادى والمعنوى لهم، مشيرة إلى أن الأزهر الشريف فى ظل قيادته أصبح قبلة علمية حقيقية للطلاب من مختلف دول العالم، حيث حرص على تيسير سبل التحصيل العلمى لهم، وإتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة فى الأنشطة الثقافية والدعوية، بما يسهم فى ترسيخ قيم الاعتدال والتسامح التى ينادى بها الأزهر الشريف، مشيدة بجهود فضيلته فى تعزيز مكانة الأزهر كمنارة علمية عالمية، وأكد ضرورة أن يكون الأزهر مركزاً رئيسياً لنشر رسالة الإسلام السمحة، التى تعزز من وحدة الأمة الإسلامية وتدعم الحوار بين الثقافات، مؤكدة أنه كان دائم الحرص على تأهيل العلماء الوافدين ليكونوا سفراء للسلام والاعتدال فى بلدانهم، ما جعل الأزهر يشهد تطوراً ملحوظاً فى أعداد الطلاب الوافدين الذين يدرسون فى مختلف التخصصات الشرعية واللغوية.
أصالة ومعاصرة
وأوضحت «الصعيدى» أنه منذ توليه مشيخة الأزهر عام 2010، حمل على عاتقه مسئولية تطوير الأزهر الشريف ليواكب التحديات المعاصرة، مع الحفاظ على ثوابته الراسخة، فقاد مسيرة إصلاحية شملت مختلف الجوانب التعليمية والفكرية والدعوية والاجتماعية، منها إصلاح التعليم الأزهرى، حيث أطلق فضيلته مشاريع لتطوير المناهج الدراسية فى جميع المراحل، بحيث تواكب العصر وتجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع التأكيد على نشر الفكر الوسطى المعتدل، وتحديث مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، حيث دعم فضيلته المركز بالوسائل التكنولوجية الحديثة، وأشرف على إنشاء منصات تعليمية إلكترونية لضمان وصول العلوم الأزهرية إلى الطلاب فى كل أنحاء العالم، مع تعزيز الحوار بين الأديان، فقاد فضيلته جهوداً كبرى فى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ووقع «وثيقة الأخوَّة الإنسانية» مع بابا الفاتيكان لترسيخ قيم السلام والتعايش المشترك، ودعم قضايا الأمة الإسلامية، فلم يتوانَ فضيلته عن الدفاع عن قضايا المسلمين فى العالم، حيث كان صوتاً قوياً فى مناصرة قضايا القدس وفلسطين، ودعم حقوق اللاجئين والمضطهدين فى مناطق النزاعات، تمكين المرأة والشباب، حيث حرص الإمام الأكبر على تمكين المرأة والشباب فى مختلف المجالات، وعمل على تعزيز دورهما فى نشر رسالة الأزهر، كما أنشأ برامج خاصة لدعم الطالبات الوافدات وتعزيز دورهن العلمى والدعوى، إطلاق قوافل إنسانية ودعوية، حرص الأزهر بقيادته على تقديم الدعم الإنسانى للمتضررين من الكوارث والصراعات، من خلال القوافل الإغاثية والطبية التى جابت دولاً عديدة لمساعدة المحتاجين، فضلاً عن إحياء دور الأزهر العالمى، كما شهدت السنوات الماضية توسعاً فى إنشاء فروع جديدة لرابطة خريجى الأزهر فى مختلف الدول، لتعزيز التواصل مع الطلاب الوافدين بعد تخرجهم، ودعمهم فى نشر تعاليم الإسلام الصحيحة فى مجتمعاتهم.
كوادر العلماء
وأشارت مستشارة شيخ الأزهر لشئون الوافدين إلى أنه من أهم إنجازات مركز تطوير الطلاب الوافدين فى عهده افتتاح مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده، وتقديم خدمة الشباك الواحد؛ لتيسير وإنهاء إجراءات استخراج الإقامات وتجديدها، وسعياً لتعزيز روح التعايش والتفاهم الثقافى، دشن المركز الملتقى الدائم للأخوَّة الإنسانية، الذى يهدف إلى نشر قيم التسامح والحوار بين الثقافات المختلفة، وفى الجانب الثقافى والفنى، نظم المركز ملتقى الأزهر الدولى الأول للكاريكاتير والبورتريه، بهدف نشر رسالة الأزهر العالمية من خلال الفنون، إضافة إلى إطلاق مبادرة «وافدى الأزهر سفراء المناخ»، التى تهدف إلى رفع الوعى البيئى لدى الطلاب الوافدين، وتعزيز مساهمتهم فى القضايا البيئية العالمية، ولم يقتصر المركز على الأنشطة المحلية، بل توسع دولياً بوضع برنامج «الأزهر الدولى لنشر اللغة العربية» الذى يستهدف فتح مراكز لتعليم اللغة العربية فى جميع أنحاء العالم، عبر افتتاح مركز لتعليم اللغة العربية فى دولة جامبيا، تحت إشراف الأزهر الشريف، ضمن رؤية الأزهر لنشر اللغة العربية وتعزيز التواصل الثقافى بين الشعوب، وإعداد برنامج تعزيز قدرات كوادر العلماء، لتنمية مهارات طلاب الماجستير والدكتوراه فى مسجد الاستقلال بجاكرتا (إندونيسيا)، من خلال صقل المعرفة التخصصية، وتعزيز مهارات البحث العلمى، وتنمية القدرات اللغوية والبلاغية، وربط الطلاب بالتراث العربى، وإعداد برنامج لإعداد كوادر العلماء من طلاب الدراسات العليا الوافدين، وتقديم فصول تقوية للطلاب الوافدين، مختتمة: فضيلة الإمام الأكبر قدم نموذجاً فريداً فى قيادة الأزهر الشريف، وجعل من الاهتمام بالوافدين إحدى أهم أولوياته، إيماناً منه برسالته العالمية فى نشر العلم وتعزيز الحوار بين الثقافات، ونحن مستمرون فى تنفيذ رؤيته الرشيدة لخدمة هؤلاء الطلاب وتذليل كل العقبات أمامهم.
مناهج متطورة
من جانبها، قالت الدكتورة شهيدة مرعى، نائب رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، إن مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر الشريف يمثل إحدى الركائز الأساسية لنشر وتعزيز اللغة العربية على مستوى العالم، من خلال برامجه المتنوعة التى تستهدف تعليم العربية للناطقين بغيرها، وإعداد الكوادر المؤهلة لنقل هذه اللغة إلى المجتمعات الناطقة بلغات أخرى، كما يأتى هذا الدور فى إطار رسالة الأزهر الشريف التاريخية فى خدمة الإسلام واللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن الكريم ووسيلة للتواصل الحضارى والثقافى بين الشعوب، وأنه فى ظل التغيرات السريعة التى يشهدها مجال تعليم اللغات عالمياً، حرص المركز على تبنى مناهج تعليمية متطورة، تجمع بين الأساليب التقليدية والابتكارات الرقمية الحديثة، لضمان وصول اللغة العربية إلى مختلف الفئات والمستويات التعليمية، كما عمل على تعزيز التعاون مع الهيئات والمؤسسات التعليمية الدولية من خلال إنشاء مراكز تعليمية فى مختلف الدول، وتنفيذ برامج تدريبية متخصصة، وإطلاق الشهادات الدولية التى تعزز الاعتراف العالمى بمستويات إجادة اللغة العربية، موضحة أن المركز يشهج منذ إنشائه تطوراً مستمراً فى برامجه ومبادراته التعليمية، حيث أطلق العديد من المشاريع النوعية التى تهدف إلى تقديم بيئة تعليمية متكاملة للطلاب الوافدين، معتمدة على أحدث المناهج والتقنيات التعليمية الحديثة. ومن بين الإنجازات البارزة، تأتى «سلسلة التحفة الأزهرية»، التى تُعد مناهج متكاملة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، حيث صُممت وفقاً لمعايير عالمية معتمدة، مما جعلها نموذجاً يحتذى به فى مؤسسات تعليم اللغة العربية دولياً، كما امتد تأثيرها إلى دول متعددة، حيث تم طلبها فى آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا، مما يؤكد نجاح المركز فى تحقيق رؤيته العالمية. ولم يقتصر دور المركز على المناهج التقليدية فقط، بل أطلق «البرنامج الدولى لإعداد معلمى الناطقين بغير العربية»، الذى يهدف إلى تأهيل معلمين متخصصين وفق معايير أكاديمية عالمية، بما يضمن تقديم تعليم متميز لطلاب الأزهر الوافدين، كما اهتم المركز بتعليم اللغة العربية للدبلوماسيين الأجانب، من خلال سلسلة متخصصة تسهم فى تعزيز التواصل اللغوى والثقافى بين الدول.
تصنيفات دولية
وأضافت «مرعى» أنه فى إطار التوسع فى نشر اللغة العربية، أنشأ المركز «برنامج المعايشة اللغوية»، وهو مبادرة تعليمية تفاعلية تجمع بين الدراسة الأكاديمية والتطبيق العملى، حيث يتمكن الطلاب من ممارسة اللغة العربية فى بيئات حياتية حقيقية، من خلال زيارات إلى معالم تاريخية ودينية مثل الأزهر الشريف، والمتحف القومى للحضارة، ومدينة سانت كاترين، ما يسهم فى تعزيز مهاراتهم اللغوية بشكل عملى وفعال، كما أطلق «برنامج الدراسة الإلكترونية للطلاب غير الناطقين بالعربية»، الذى يهدف إلى توفير تعليم اللغة العربية عالمياً من خلال برامج إلكترونية مرنة، تستند إلى منصات تعليمية حديثة مثل «مايكروسوفت تيمز» و«زووم»، ما يسهم فى تمكين الطلاب من التعلم وفق ظروفهم وجدولهم الخاص، مع تقديم أنشطة تفاعلية وأدوات تقنية متقدمة لتحسين مهارات النطق والكتابة، موضحة أن المركز قام بتطوير «مؤشر الأزهر العالمى لتعليم اللغة العربية»، الذى يعد أداة استراتيجية لتقييم أداء مؤسسات تعليم اللغة العربية عالمياً، بما يعزز من تنافسيتها وفق معايير التصنيفات الدولية، ويساعد المؤسسات التعليمية على تحسين أدائها وجذب المزيد من الطلاب الدوليين، كما لم يغفل المركز أهمية البحث العلمى فى تطوير المناهج، حيث أطلق برنامج «تعزيز قدرات كوادر العلماء»، بالتعاون مع جامعة الأزهر، الذى يستهدف طلاب الماجستير والدكتوراه، عبر توفير محاضرات متخصصة فى التفسير وعلوم القرآن، وتنمية المهارات البحثية واللغوية لديهم، إلى جانب مجالس إقراء فى كتب التراث وجلسات حوارية مع كبار علماء الأزهر.
تشجيع المبدعين
واستكمالاً لهذه الجهود، عمل المركز على تطوير مشروع «الشهادة الدولية لإتقان اللغة العربية»، وهو اختبار مرجعى مقنن يهدف إلى تقييم كفاءة غير الناطقين باللغة العربية، من خلال وضع وثائق معيارية وإنشاء بنك للأسئلة، إضافة إلى إعداد نسخة إلكترونية للاختبار تتيح تقييماً أكثر دقة لمهارات الطلاب اللغوية، مؤكدة أنه لم تتوقف إنجازات المركز عند البرامج والمناهج فقط، بل امتدت إلى إطلاق مبادرات نوعية مثل «مسابقة مئذنة الأزهر الشريف للشعر العربى»، التى تهدف إلى تشجيع المبدعين العرب على التعبير عن قضايا الأمة من خلال الشعر، إلى جانب تنظيم ملتقيات ثقافية وفنية تعزز الهوية العربية والإسلامية لدى الطلاب الوافدين، كما تم إعداد سلسلة لتعليم اللغة العربية لكبار السن وللأطفال من الوافدين، وكذلك برنامج لتعليم اللغة العربية للدبلوماسيين الأجانب بجمهورية مصر العربية، مواكبة لأحدث ما يتم فى مؤسسات تعليم اللغة الثانية فى جميع أنحاء العالم فى إطار تعليم لغوى متميز فى ضوء رسالة الأزهر الشريف العظمى المتمثلة فى نشر الإسلام الوسطى واللغة العربية فى شتى بقاع الأرض، وفى إطار من الثقافة الإسلامية والعربية، كما تم إطلاق مبادرة «قوم لساناً تبن إنساناً»، التى تهدف إلى تشجيع تعلم اللغة العربية وتعزيز ارتباط الطلاب الوافدين بها، كما تم تطبيق أنظمة التعلم عن بُعد والاختبارات الإلكترونية، وأنه بفضل هذه الجهود، أصبح مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين بالأزهر نموذجاً رائداً فى تعليم اللغة العربية عالمياً تحت قيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حيث يواصل دوره فى نشر وتعزيز اللغة العربية، وترسيخ مكانة الأزهر كمؤسسة تعليمية رائدة تسهم فى بناء جسور التواصل بين الشعوب والثقافات، انطلاقاً من رسالته الوسطية فى نشر العلم والفكر المعتدل فى مختلف أنحاء العالم.
هدير عبده