| 03 مايو 2024 م

حوار مع

مفتى عام المملكة الأردنية في حوار مع "صوت الأزهر": الحوار جسر لترسيخ القيم الإسلامية والاحترام المتبادل

  • | الثلاثاء, 6 ديسمبر, 2016
مفتى عام المملكة الأردنية في حوار مع "صوت الأزهر": الحوار جسر لترسيخ القيم الإسلامية والاحترام المتبادل

أكد الشيخ عبدالكريم الخصاونة، مفتى عام المملكة الأردنية الهاشمية، أن الأزهر الشريف جامعة المسلمين التى خرجت العلماء الذين يفتون بعلم ويقضون بحق، وإذا دعوا إلى الله دعوا على بصيرة، ويمد الأمة الإسلامية بمن تحتاج إليه لاظهار حقيقة الإسلام وسماحته..  

وأضاف الخصاونة لـ«صوت الأزهر» أن جهل الفتاوى احدث شروخا فى نسيج الأمة ومزق وحدتها ويعبث بالبقية الباقية لها، وتكوين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم كان لمواجهة كل هذه التحديات والافتراءات، ووقف سيل الاتهامات التى تنال من سماحة الدين الحنيف، وتكون المرجعية الفقهية الدينية..

 

بداية.. كيف ترى دور الأزهر الشريف فى نشر العلم الوسطى المعتدل؟

- الأزهر أبرز المؤسسات التعليمية الشرعية فى العالم الإسلامى، وجامعته أعرق جامعات العالم تقدم العلم النافع بوسطية الإسلام المعتدلة لأبناء المسلمين من شتى البقاع ليعودوا لبلادهم لنشر صحيح الدين بالعقل والحكمة، فهو جامعة المسلمين التى خرجت العلماء الذين يفتون بعلم ويقضون بحق، وإذا دعوا إلى الله دعوا على بصيرة، فالأزهر يمد الأمة الإسلامية بمن تحتاج إليه من العلماء الذين يظهرون حقيقة الإسلام ويحافظون على الهوية الإسلامية بحفظهم التراث الإسلامى ونشره. 

البعض يرجع كل ما يحدث فى العالم الإسلامى من فتن واضطرابات إلى الفتاوى الخاطئة.. كيف الرجوع إلى طريق الحق؟ 

- الحق يحتاج إلى قوة تحميه، وأول وأهم هذه القوى العلم والثقافة والمعرفة والوعى قبل قوة السلاح، وإن كانت قوة السلاح ضرورية إلا أنها ستكون مدمرة بلا علم، وإننى أرى أن أهم سبب لتدمير الأمة هو (الجهل) ومنه جهل الفتاوى التى أحدثت شروخا فى نسيج الأمة، ولذلك كان لا بد من اتحاد الدول الإسلامية فى تكوين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم لمواجهة كل هذه التحديات التى مزقت وحدة الأمة وتعبث بالبقية الباقية لها، فكل يوم نشاهد الأبرياء يتعرضون لشتى ألوان العذاب قتلا وتدميرًا واغتصابًا لحقوقهم فى جميع مناحى الحياة من العيش الآمن، وهذا يجعلنا نصل لحالة احتقان غير عادية، ويجب العودة إلى الله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» وهذا التغيير ليس سهلا وليس بمجرد الكلام، ولكنه يحتاج إلى جهاد للنفس ومثابرة ومرابطة واستمرار بفعل ما فرض أولا وقبل كل شىء وترك ما نهى الله عنه؛ حتى يصل كل مسلم إلى الصلاح ونتبع تعليمات الخالق القدير فى التعامل مع هذه المحن.

ما الذى أضافته الأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم لضبط الفتاوى والحفاظ على تماسك الأمة؟

- هناك من يحاول جاهدا أن يشوه الإسلام وأن يظهر المسلمين على أنهم قتلة وإرهابيون وهمج ومتخلفون، وغير ذلك بسبب هذه الفتاوى الخاطئة والأفكار التكفيرية المدخل الأساسى لكل الأعمال الشيطانية والتخريبية المصحوبة بإشاعة الإرهاب، فكان لا بد من عمل هيئة مرجعية علمية إسلامية كبرى، وهى الأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم لترد على كل الافتراءات وتوقف سيل الاتهامات التى تنال من سماحة الدين الحنيف، وتكون المرجعية الفقهية الدينية بالتواصل مع علماء العالم الإسلامى لبيان الأحكام الشرعية وتنظيم وإصدار الفتوى للحث على نبذ العنف ونشر التسامح وتحقيق السلم المجتمعى؛ حتى تكون صمام أمان لاستقرار المجتمعات، وتحجيم المتطفلين على الفتوى الذين يجتزئون النص دون معرفة المعنى والحكمة من التشريع.

الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى باتا من أخطر الوسائل التى يستخدمها الأعداء فى نشر الفتن.. ما السبيل للتعامل معهما؟

- كل شىء له إيجابياته وسلبياته، وعلينا تحكيم العقل فى مدى ما يبث عبر منابرها التى قد تكون مدخلا خصبًا لنشر الأفكار الهدامة، ونشر الشائعات والأباطيل الكاذبة من الفتاوى الباطلة والخاطئة، فهذه الوسائل مثلها كالكثير من المسائل المشتركة التى يمكن الاستفادة منها فى الحلال إلى أبعد الدرجات أو العكس، فالمسألة فى المنفعل لا فى الفعل، والعبرة بالمستخدِم لا بالمستخدَم، فكم من أناس نقلتهم شبكات التواصل من الظلمات إلى النور، وكم من آخرين أردتهم فى الظلمات بعد أن كانوا من أهل الخير والصلاح، فلها سرعة كبيرة فى نشر أغرب الفتاوى التى تصورها للناس بغير علم مستغلة جهلهم فى أمور الدين والتى تكون بعيدة عن الحقيقة.

ما دور العلماء فى مثل هذه الأوقات التى تمر بها الأمة خاصة بعد تلاحق الأزمات المعاصرة واختلاط الحابل بالنابل؟

- عليهم الأخذ بزمام المبادرات، ويكونون أصحاب الدعوات لتحرير الصورة الواقعة تحريرًا يستوفى القدر الكافى لتأسيس الحكم الشرعى فيما يجرى من حولهم، فهم الفقهاء الذين قال الله تعالى فى وصفهم «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون» لذلك فإن أنبل ما يقوم به العلماء المتفقهون فى الدين هو نشر العلم النافع الذى تحتاج إليه الأمة ليهديها من الضلال وينقذها من الهوى، ويبينون للطغاة الذين لا يفقهون ولا يعتبرون، ويكررون ما كان سبباً فى إسقاط غيرهم وإذلالهم، وما هذا إلا لأنهم ليسوا من أولى الأبصار، ولأن الطغيان سبب للعمه قال تعالى «ونذرهم فى طغيانهم يعمهون» وعليهم استيعاب أفكار الشباب واحتواؤها للاستفادة من الطاقات المتحمسة لديهم والنزول إلى أعمارهم فى إسداء النصيحة ورسم طريق الخير فى سماحة الإسلام ووسطيته.

انحدر مستوى الحوار حاليا إلى انفلات وتراشق بالألفاظ.. ما النصيحة التى تقدمها ليخرج بالشكل النافع؟

- التمتع بقيمة الحرية وإبداء الرأى المخالف يتسع ويضيق بحسب قرب وبعد هذا المحاور حسب النظم المعرفية والأنساق الفكرية التى يعرضها، ولا يليق بالمسلمين فى هذه الأوقات العصيبة أن يكون بأسهم بينهم شديدًا فلا يتراحمون بينهم، ولا ينبغى لأهل العلم والدين الذى هو شعاره السلام والتسامح والتعاون والعفو والصفح أن يشتغلوا بتراشق الألفاظ وتقاذف التهمن وليسع بعضنا بعضًا، وليقبل بعضنا من بعض، وإن طرح رأيا خطأ فلنحاوره ونرده حتى نزيل ما عنده من لبس وتنفير من الآخر، فليكن من ظن أنه على الصواب منا أن يحتمل أن يكون الخطأ معه والصواب مع أخيه ونتذكر شعار الإمام الشافعى (رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب) حتى نكون إخوانًا متراحمين وليسعنا ائتلاف القلب إن ضاق بنا اختلاف الرأى.

بعد انضمام أعداد كبيرة من شباب الغرب إلى الجماعات الإرهابية.. ما دور العلماء والمفتين تجاه مسلمى الغرب؟ 

- الإفتاء صنعة تحتاج إلى صانع أى لا بد أن يكون مُتقنًا لصنعته لكى تخرج الفتوى كما أراد الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يبلغ عن الله عز وجل فيما يقول وفيما يفعل وهذا يحتاج إلى تأهيل وإلى تدريب ووضع ضوابط وهذا أمر مطلوب حتى نقف وقفة واحدة ضد كل إفتاء خارج عن الشريعة الإسلامية والاهتمام بتنشئة الجيل المسلم الثانى فى الغرب تنشئة إسلامية وتشجيعه على تعلم اللغة العربية بإقامة الندوات والملتقيات الفكرية والدينية المكثفة فى الأقطار التى يعيشون فيها لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام بأن نتعهدها بالرعاية الكاملة تربويًا وثقافيًا وأخلاقيًا وفكريًا حتى تبقى هذه الأقليات بمنأى عن المؤثرات الضاغطة حتى لا تصبح فريسة الضياع والانحراف.

فالأقليات الإسلامية فى بلاد المهجر تشكل خط الدفاع الأول عن الوطن الإسلامى، ويجب الوقوف معهم ومعاونتهم بكافة الوسائل التى يحتاجونها؛ لأن رباط التوافق والوحدة هو الإيمان والالتزام بما جاءت به الشريعة الإسلامية فى الترابط والتقارب المشترك من أجل خير الجميع قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» فهم رصيد إستراتيجى ضخم يمكن أن يؤثر فى الأحداث إيجابيًا لخدمة قضايا الأمة إذا أحسنا التعامل معها واستثمرنا وجودها فى الخارج لأنهم يُصورون إعلاميًا وسياسيًا على أنهم أقلية متمردة يجب تأديبها فتمر قضية اضطهادهم دون ضجيج على أنها شأن خاص أو مسألة داخلية لا يجوز التدخل فيها أو الاعتراض عليها، فعلى العالم الإسلامى الاهتمام بأوضاعهم وقضاياهم لتمتين الروابط والصلات فى الدعوة والإفتاء لتكون خطوة متقدمة فى الحوار بين الإسلام والحضارات الأخرى.

ما هو الخطاب الإسلامى الذى ينتشل الأمة من الوضع المؤلم الذى تعيش فيه؟

- الأمة فى حاجة إلى أن نترابط وأن نكون على قلب رجل واحد؛ حتى نستطيع أن نخرج من عنق الزجاجة، وكفانا مهاترات بالكلام، وعلينا أن نفعل ونعمل حتى نتقدم ونعلم ما يكنه اعداؤنا للعالم الإسلامى، فعلينا بالحوار وتأصيل سبل التعاون واعتباره وسيطًا أو جسرًا لترسيخ القيم الإسلامي،ة فعن طريقه تتهيأ الأرضية المناسبة لحوار هادف بناء مبنى على الاحترام المتبادل والكلمة الطيبة، وبأسلوب حضارى يخدم الإنسانية ويشجع على التفاهم الفكرى والثقافى فى العالم؛ لأن الأديان والثقافات الحضارية تدعو إلى المحبة والإخاء والسلام والتفاهم والتسامح، وإن الحوار المبنى على هذه الأسس حتمًا سيؤدى إلى تقريب الإنسان من أخيه الإنسان ويقضى على العنصرية ويحترم الثقافات المتعددة والهوية الحضارية لكل الشعوب ويحقق النتائج المرجوة.

مصطفى هنداوى

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg