د. عباس شومان: نقدر دور الإعلام الحقيقي في المجتمع .. وباب التجديد مفتوح
د. محمد مهنا: نحمل دعوة ربانية تهدف لتحقيق الخير والسلام
د. إبراهيم الهدهد: رسالتنا تقوم على الجمع بين علوم الدين والدنيا
د. عبدالصبور فاضل: وسائل الإعلام مطالبة بتأدية رسالتها بحيادية ومهنية
د. حسين أمين: الإعلام مسئول عن "الإسلاموفوبيا"
أكد فضيلة وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان ترحيب الأزهر بالنقد شريطة أن يكون الناقد عالمًا له علمه في علوم الدين واللغة حتى يكون أهلًا للنقد، مع احترام أدب الحوار، مبينا أن الأزهر وعلماءه ليسوا فوق النقد، لكن على من ينتقد ألا يُجرِّح أو يُهين، موضحاً أنَّ المقدس فى الأزهر ولدى كل العلماء هو القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الصحيحة، أمَّا النتاج الفكرى للعلماء فهم ليسوا معصومين من الخطأ، لهم اجتهاداتهم، فكلٌ يؤخذ منه ويُردُّ عليه إلا رسول الله وحده من البشر هو من يؤخذ منه ولا يُرَد عليه.
وأضاف شومان فى كلمته بافتتاح ندوة "الأزهر والإعلام.. الرسالة والمسؤولية" ضمن فعاليات برنامج (ASFP) لرواد المنهج الأزهري بالجامع الأزهر الشريف أنَّه ليس من الصالح العام الهجوم على الأزهر، لأن أي ضرر يلحق بالأزهر فهو يلحق بالأمة كلها وبمصر خصوصًا، وقال إنَّ من يتصور أنَّه بإمكانه أن ينال من الأزهر فهو واهم ولا يعرف الحقيقة، ومن لا يعرف فعليه أن يراجع تاريخ الأزهر العريق الذي امتد لأكثر من 1000 عامٍ وكيف كان الهجوم عليه طوال تاريخه من حملات أجنبية ومن المستعمرين، مشيراً إلى أن هذه الهجمات تفتت لأن الأزهر صخرة صمَّاء تنكسر عليها أحلام الطُّغاة والمستبدين على مرِّ العصور، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما فعله الأزهر على مرِّ التاريخ ودوره في انطلاق الثورات التي حررت الوطن من أيدي المعتدين والمحتلين والمستبدين.
الدليل العلمي
وأشار وكيل الأزهر الشريف إلى أنَّ التجديد ليس معناه التخلي عن أي شيء من ثوابت الدين، فالأزهر ليس بإمكانه ولا بإمكان أحد أن يتخلى عن شيء من ثوابت الدين أو يُحلَّ حرامًا أو يحرِّم حلالًا، محذرا من خطورة فكر بعض الأدعياء الذين يفسرون الدينَ حسب أهوائهم ويقولون نحن نستريح إلى هذا ولا نستريح إلى ذاك، قائلًا: "سنواجه ونرد على أي محاولة لانتقاد كتاب الله وسُنَّة رسوله" بالدليل العلمي الذي يثبت خطأهم ويثبت أنهم أصحاب فكر مشوش ولا يملكون ظهيرا علميا يمكنهم من التجديد أو حتي النقد، لافتاً إلى أن الخلاف مقبولٌ شريطة أن يكون من أهل الخلاف، حيث تعوَّدنا من خلال علوم الدين التي درسناها على اختلاف الآراء وتقبلها جميعًا لأنها في النهاية تهدف إلى الصالح العام ومصلحة النَّاس وليس التقليل من أحد، فاختلاف علماء الأمة رحمة وباب التجديد مفتوح ولم ولن يغلق لأن ذلك من سُنن الله في الأرض، مشدداً على أن الأزهر يقدر دور الإعلام الحقيقي في المجتمع، بعيدا عن الإعلام الذي يروج الشائعات، مجددا تأكيده على ضرورة أن يعمل الأزهر والإعلام معا لمكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة ونشر الأفكار السليمة والمستنيرة وإبراز النماذج الطيبة، موضحا إدراك الأزهر الشريف لأهمية الإعلام وإنشائه كلية مستقلة للإعلام إيمانًا مِنَّا بأهمية الإعلام ودوره في نهضة الأمم والمجتمعات، ونحن نعتز بهذه الكلية كما نعتز بكلية الشريعة.
تطلعات الأمة
وأضاف الدكتور محمد مهنا عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر والمشرف علي الرواق الأزهري أن رسالة الأزهر الشريف هدفها العلم والفكر والثقافة رسالة الحضارة الإنسانية التي قام عليها الأزهر علي مدي أكثر من ألف عام بالإضافة إلى التنوير والمنهجية العلمية التي يتميز بها الكيان الشريف، والمتمثلة في اتساع مفهوم العلوم وشمولها في هذا المنهج بما يحمله من عمق واتساع، مشيراً إلى أن المنهج الأزهري يتسم بوضوح منظومته العلمية وتدرجها من علم المباديء إلي علم الغايات إلي علم الوسائل وعلوم الآلة إلى علوم المصادر، وأن رسالة الأزهر في منهجه تقوم على التجرد لطلب الصواب والوصول إلى الحقيقة دون إنحراف إلي سياسات أو أهواء أو عصابيات عقدية أو أيدلوجية، لأنها تقومن على دعوة ربانية تهدف إلى تحقيق الخير والسلام، والتي جعلت من الأزهر الشريف قبلة ً وكعبة ً للعلوم في العالم الإسلامي.
وشدد مهنا على أن الإعلام المسئول عن توصيل هذه الرسالة بكل ما تحمله من عمق واتساع إلي العالم كله والمسئول عن نقل هذه الرسالة كمنهجية علمية كفكر ثقافي كفكر وثقافة كوسطية، رسالة التنوير فرق بين علم ومعلومات كيف يقوم الإعلام بنقل هذا العلم بمستوياته المختلفة علي قدر مخاطبة الجماهير دون ابتذال للعلم علي مستويات المعلومات دون أن نبتذل العلم أو نهينه أو ندرك الفرق بين المقررات وبين المناهج العلمية وكيف نعلم ما معني التراث وكيفية المحافظة علي تراث الأمة وكيف يمكن الإستناد إلى هذا التراث لبناء حاضر رصين عميق والتطلع لمستقبل يتوافق مع تطلعات الأمة وأهدافها.
النهوض بمصر
وشدد الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر على أن الأزهر والإعلام في مواجهة التطرف والإرهاب المواجهة تمضي على مركزين الأول يتمثل في الأزهر الشريف والآخر في مواجهة البناء والأداة، فالأزهر الشريف يعي رسالته جيداً لأنه يعمل في رسالة من بعثه الله رحمةً للعالمين فيقيم دعوته ويقيم مناهجه ويقيم تربية أبنائه على هذه المقاصد العليا كونها رسالة رحمة للعالمين وليست للمسلمين وحدهم، مشيراً إلى أن رسالة الأزهر الشريف قامت على الجمع بين علوم الدين والدنيا، مستشهداً بلجوء محمد علي باشا إلى البعثات الأوروبية للخارج للنهوض بمصر علمياً والاستعانة بطلاب الأزهر الشريف الذين عادوا بعد ذلك وقادوا مدرسة الهندسة والمدفعية والطب بأبي زعبل التي خرجت أول دفعة من الأزهريين ضمت مائة خرج كلهم من أبناء الأزهر الشريف مع اتجاه الأزهر الشريف برسالته الخاصة بالبناء على مستوى مصر محلياً وخارجياً، مشدداً على أن الإعلام يشكل الصورة الذهنية عن الأزهر الشريف وأنه لا يمكن تقبلها على الإطلاق، أو إظهارها بشكل يدعو إلى السخرية ليتمكن الكيان الشريف من أداء دوره في الحرب على الإرهاب.
دحر الإرهاب
وأضاف الدكتور عبد الصبور فاضل عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر أنه ليس غريباً أن يتعرض الإسلام والأزهر الشريف وقبله الإسلام عبر تاريخه قديماً وحديثاً للنقض أو التجريح أو الهجوم من بعض غير المسلمين والوسائل الإعلامية ولكن الغريب أن يتعرض الأزهر من بين أبناء الأمة ومن بعض وسائل إعلامنا لحملة ممنهجة شملت ثوابت الدين ولا تخفي علي أحد، مشدداً على أن مناهج الأزهر علي مر العصور تؤمن بالرأي والرأي الآخر وتهتم بالشاذ والضعيف والمرفوع والموضوع والحسن والصحيح لأنها تنطلق من الإسلام بوسطيته السمحة النيرة المستنيرة، مطالباً وسائل الإعلام أن تؤدي رسالتها بحيادية ومهنية ولا تسمح باستضافة هؤلاء الذين يريدون ضرب ثوابت الدين وهوية الأمة وأخلاق المجتمع والهجوم على الأزهر وشيخه وعلمائه، مشيراً إلى أنه ليس من مصلحة العالم كله أن يتراجع دور مصر أو يتراجع دور الأزهر الشريف، نكروا هؤلاء في خطبكم وفي ندواتكم وفي محاضراتكم وفي كل ما يوفدوا عليكم من وسائل الإعلام لأن هدفهم أن تذكر أسماءهم فينالون شهرة علي حساب الدين والوطن والأزهر الشريف، مناشداً بضرورة الاستفادة من التقنيات الحديثة في نشر الدعوة الإسلامية ودحر التطرف والتكفير والإرهاب، والاهتمام بهذا الجانب من خلال المحور الإعلامي في إطار البرنامج التدريبي لرواق الأزهر وإني علي يقين أننا سنحقق الآمال بإذن الله .
قناة الأزهر
وشدد الدكتور حسين أمين أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية على أنه لا يمكن أن نذكر بأن الإعلام قد ساهم في طرح آراء وسطية عما يحدث من إرهاب وتطرف من جماعات لا تمثل الإسلام أو المسلمين في شيء وبالتالي التقارير والأخبار التي تأتي إلي مشاهدين مختصة بنقل هذه الصور البشعة التي كونت ظاهرة تسمي الإسلامفوبيا وهو الإرهاب من الإسلام، مشيراً إلى ضرورة استخدام الشبكات التواصل الاجتماعي على الصعيد الأمثل في التواصل مع الآخرين وطرح الأفكار التي تدفع الأمة للأمام، مشيراً إلى أن التقرير العولمي للديانات يشير إلى أن في عام 2050 يتساوي عدد المسملين مع المسيحية لذا فيزداد الهجوم الخارجي على المسلمين، مشدداً على ضرورة وقف الصورة السيئة الموجودة لوقف الفكر المتطرف ومحاربة الإرهاب ونستطيع في نفس الوقت أننا نضع الخطاب الوسطي الموجود من علماء الأزهر الذي ينتظره كل الناس في مكانته وهذا لا يتأتي إلا بعمل ومثابرة في برامج تدريبية.
التوصيات
أكد المشاركون في الندوة علي ضرورةِ التنسيقِ بين الأَزهرِ الشَرِيفِ ووسائلِ الإِعلامِ المتنوعةِ في ضوء رؤيةٍ تكامليةٍ فاعلةٍ ، كما أكدوا علي أهميةُ عقدِ برامجَ وورشِ عمل مشتركةٍ بين قيادات وخبراءِ الإعلام وقيادات الأزهر الشريف لتنسيقِ الجهود لمواجهة التطرف، وأن النيلَ من الأزهرِ الشريف نيلٌ من مصرَ والعالم الإسلامى، مطالبين بضرورةُ تجنبِ بعض وسائل الإعلام لأساليب الإثارةِ والتركيز علي السلبيات دون الإيجابيات واستضافة غير المتخصصين للخوض في العلوم الشرعية.
وناشد المشاركون بضرورةُ تجنبِ ما ينتهجه بعض الأزهريين من الدخول في مناظراتٍ علميةٍ علي الساحاتِ الإعلاميةِ إذ إن المناظرات العلمية لها أصولها وضوابطا وشهودها من أهل العلم، وأن مسؤولية الإعلامِ لا تعنى تقييدَ الحرية، لكنها تستوجب مواجهةَ الفوضى والتطرف بكل أنواعهما، وضرورةِ التكاتفِ لإِنتاجِ مواد إعلاميةٍ متنوعةَ الأشكالِ للتعبير عن رسالة الإسلام السامية بالتنسيق بين الإعلام والأزهر الشريف، وأشاد المتحدثونَ بجهود فضيلةِ الإمامِ الأكبر د. أحمد الطيب فى إستعادةِ دور الأزهر القيادى ورسالتهِ الوسطيةِ الساميةِ إلى سابقِ عهدها، وأوضحوا أهميةَ التطوير الذى يشهده الجامع الأزهر في الفترةِ الأخيرةِ من خلال نشاطِ الأروقةِ المتنوعةِ لاستعادة مكانة الجامع الأزهر على المستوى العلمي والدعوي والثقافى، مضيفين أن بعضَ المحاولاتِ لنقد الأزهر ليست إلا انعكاساً لثقةٍ أعمقَ فيه وتطلعاً للاضطلاعِ بدورٍ أعظمَ علي المستوى الدينى والعلمى والفكرى والثقافي لمواجهة التحديات العلمية وعلى رأسها الإرهاب، داعياً المتحدثونَ إلى إنشاءِ دبلومٍ خاصٍ للدراساتِ الإعلاميةِ لكل الأزهريين لزيادةِ تأهيلهم إعلامياً لتقديمِ خطابٍ إسلامى وسطى يعبر عن حقيقة رسالةالأزهر والإعلام ويتواكب مع مستحدثاتِ العصرِ.
هبة نبيل