| 15 مايو 2024 م

حوار مع

د. طه حبيشى أستاذ العقيدة والفلسفة: التطرف بحر بلا شاطئ.. والفتوى بغير علم أوجدت العنف

  • | الإثنين, 24 أبريل, 2017
د. طه حبيشى أستاذ العقيدة والفلسفة: التطرف بحر بلا شاطئ.. والفتوى بغير علم أوجدت العنف

أوضح الدكتور طه حبيشى أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، أن مصطلح إسلام بلا مذاهب هو كلمة السر فى جمع فرقاء الأمة من خلال الخلافات العقدية التى تنامت تحت مسميات السلفية والشيعة والصوفية، لافتًا إلى أن عدم استغلال التطرف وضبطه بالعقل المستنير والقدوة ساهمت فى وقوع الشباب ضحية للعنف والتكفير. وأضاف حبيشى لـ«صوت الأزهر» أن الفتاوى لها شروط، والمفتى المتمكن يستطيع استنباط الحكم من النص وتنزيله على الواقعة.

_ هل يصح الاختلاف حول دعائم الإسلام الثلاث؟

- الدين الإسلامى قائم على  دعائم ثلاث هى العقيدة والشريعة والأخلاق ومن يتأملها سيجد أنه لا مجال بحكم العقل أو الواقع للخلاف فى أصول العقيدة والأخلاق، ولكن المجال يتسع إلى الخلاف فى الشريعة والتى تمثل نظامًا قانونيًّا لترتيب العلاقة بين الإنسان ونفسه وربه وأخيه والكون الذى يعيش فيه، والمولى ترك مجال قوانين ضبط السلوك متسعًا لقبول الرأى والرأى الآخر فى إطار الشريعة، أما العقيدة فهى تصور للإلهيات والنبوات والسمعيات، ولا مجال للإلهيات أو النبوات أن يكون فيها خلاف لأنها مسائل سمعية.

 _  لماذا أوقعت المذاهب العقدية خلافًا فى الأمة على عكس الفقهية التى اتسعت للخلاف؟

- المجتمع الإسلامى عرضه للتحدى والاعتداء والهجوم الشرس عليه فى مكة وفى المدينة ومن يريد أن يهاجم الإسلام فإن ذلك يكون عن الطريق المادى أو من خلال تقويض ثقافته، ولا يستطيع الآخر أن يفعل ذلك بالنسبة للشريعة التى تمثل أحكامًا قانونية يمكن أن يتأتى الخلاف حولها دون أن تحدث فى المجتمع تصادمًا، خاصة أن أعداء الإسلام لم يتجهوا إلى الشريعة إلا من حيث أصولها، لكنهم اتجهوا إلى العقيدة على أساس تكوين شخصية الإنسان المسلم، فحاولوا أن يشككوا فى المولى، بقولهم إننا نتعامل مع النصوص الشرعية بحسب ظاهرها، مما يجر إلى المادية فى تصور شكل المعبود، بما يساعد على الوقوع فى الشرك.

_  نعانى من التناحر حول مسائل العقيدة من خلال التفكير بالحواس الخمس والعقل.. هل يمكن وصف هذا النوع من التفكير بالثغرة التى يستغلها أعداء الإسلام للطعن فيه؟

- تصادف أن المجتمع المسلم فيه نوعان من الرجال، الأول لا يستطيع أن يفكر إلا بحواسه الخمس، والثانى يفكر بعقله، أما الذين يفكرون بحواسهم فإنهم لا يتجاوزون بالصفات الإلهية عن هذا المستوى، والذين يفكرون بالعقل يتجاوزون هذا لأنهم يرون الله عز وجل لا يحكمه عقل ولا حواس وإنما هو فوق ذلك كله، عندما يحدث ذلك نجد فى الأمة الإسلامية فريقين يتناحران ولا يتقابلان، هذه الثغرة موجودة فى العقيدة ولا توجد فى غيرها استغلها أعداء الإسلام فى كل عصر للدخول فى معارك لا نهاية لها إلا بوقفة جادة نتبع فيها هدى النبى فى إصلاح شقاق المجتمع.

_ وما سبيل الخروج من هذا المأزق الفكرى فى مسائل العقيدة؟

النبى الكريم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وجد اليهود قد بثوا سمومهم بين الأوس والخزرج، وكان الاستغلال من اليهود فى هذه المرة بعيدًا عن العقيدة لأن القبيلتين لم يكن عندهما نبى أو رسول وإنما لأصل الثقافة الموجودة فى المجتمع وهى ثقافة العرق فأخذ اليهود يقيمون المعارك بين الطرفين على أساس عرقى وجاء النبى ووجد أن الحروب قد أوقعت بينهم العداوة والبغضاء، فنزع النبى الاسم الذى انضم تحته الفريقان وقال لا أوس ولا خزرج بعد اليوم، واختار اسمًا جامعًا للفريقين ناداهما به ونزل القرآن به وهو أنصار الرسول، فعلينا أن نطبق هذا النموذج النبوى وننزع كل الأسماء الموجودة.

  _ من يقومون بالدعوة يأتون بدليل من نص شرعى وهنا يتوقف الاجتهاد أمام النص؟

- كل هذه الأشياء لا تستند إلى دليل، وإنما كله إسلام موجه ولا نريد ذلك أبدًا ولا نتحمس له، وإنما المراد هو جماعة تعرف ربها وعندها توجه صادق تجلس مع الناس وتصفى هذه الأشياء، فأنا لا أرفض الصوفية لكن آخذ محاسنها وكذلك السلفية وكذلك الأشاعرة والشيعة وليس هناك واحد من هذه الأشياء معصوم، لكن الجماعة هى المعصومة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمتى لا تجتمع على ضلالة» فعلينا أن نأخذ هذه الأشياء جميعًا ونأخذ منها الدين الذى قالوا عنه «إسلام بلا مذاهب».

 _ فى تصورك.. هل وضعت بعض الجماعات بديلًا عن القدوة وما منهجهم فى إذابة فكرة القدوة؟

- الجماعات السلفية المعاصرة أرادت تضييع الشباب بالفصل بين الأجيال وذوبان فكرة القدوة ومحوها، ولم يضعوا بديلًا لأنهم يقصدون ذلك ومنهجهم فى تضييع القدوة عند الشباب واضح فلا أحد سواهم أطلق مقولة «هم رجال ونحن رجال» فحتى النبى عندهم لا تنفع القدوة به لأنه بمنطقهم بأنهم رجال وهو رجل وحتى الصحابة عندهم رجال وهم رجال وكذلك الائمة.

_  هذه الجماعات تحيل الشباب إلى النص الشرعى لأن الاحتكام إليه فيه السلامة من الاحتكام لأقوال العلماء؟

- على سبيل المثال، أنا أدرس فى الأزهر منذ 40  سنة ولا أملك أدوات اجتهاد مطلقة بل نسبية فعندما أحلنا هذا الشاب للنص قالوا بأن الله موجود فى جهة و«أبوالنبى» فى النار وهذا هو الدفع للخراب والهلكة، لماذا لأن من يحيل لا يملك أدوات الاجتهاد ومتطفل على موائد العلم فمن يدعى العلم من هؤلاء أقول لهم لكل قول حقيقة فشروط الاجتهاد معروفة فما المتحقق فى هؤلاء «المتعالمين» من شروط وأدوات للاجتهاد وهذا هو المحك ونقطة الخلاف.

_ وهل تتساوى آثار التطرف العلمانى والتفجيرى على المجتمع وكيف تتم مواجهتهما؟

- التطرف بحر متروك بلا شواطئ وهذه هى الكارثة الحقيقية مع أننا فى حاجة أمام هذا التطرف لإيجاد شواطئ له وكوابح من علماء دين مختارين واجتماع وعلم نفس وأدب، والتطرف العلمانى فى التأثير والحركة مثل التطرف التفجيرى فالأول يفجر معلومة والآخر قنبلة والمشكلة واحدة، الأولى موجهة للثقافة والثانية للأرواح والناتج هدم مجتمع إما ثقافيًّا أو روحيًّا وهذا هو عين الإرهاب.

_  تتطرق وسائل الإعلام إلى تجديد الفتوى حتى يسهل مواجهة العنف والإرهاب؟

- الفتاوى لها شروط أبرزها تغير الفتوى ولكن ليس بغرض تغيير الحكم، حتى نجدد الفتوى فلابد من توفر الشروط فيمن يفتى الناس وهذا موجود فى كل كتب أصول الفقه في شروط المفتى والفتوى، فالمفتى المتمكن يستطيع استنباط الحكم من النص وتنزيله على الواقعة،  فحتى نسقط الحكم من الشريعة على الواقعة لابد من وجود فقيه مدرك لآليات عمل الفتوى، وهذا وجوده قليل جدًّا فى المجتمع والإمام أبوحنيفة حينما طلب للقضاء والقاضى مفتٍ مع امتلاكه للنفاذ رفض وهو شيخ المذهب وهذا ليس عيبًا فى أبى حنيفة وإن قال ذلك تواضعًا ولكنه نطق بالقول الصحيح، فإذا ما أردنا ضبط الفتوى لا بد من وضع قوانين تنظم شئونها والقائمين عليها من أهل الاختصاص،  فهؤلاء الذين يفتون بغير علم هم  من أوجدوا التطرف والعنف والإرهاب.  

عاصم شرف الدين

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg