| 20 أبريل 2024 م

حوار مع

الرئيس الإقليمي للرهبنة الفرنسيسكانية بمصر: الحوار بين الإسلام والمسيحية مستمر عبر التاريخ.. والأزهر داعم للتعايش

  • | الخميس, 19 أكتوبر, 2017
الرئيس الإقليمي للرهبنة الفرنسيسكانية بمصر: الحوار بين الإسلام والمسيحية مستمر عبر التاريخ.. والأزهر داعم للتعايش

أقام الآباء الفرنسيسكان احتفالية بمناسبة مرور 800 عام على لقاء القديس الإيطالى فرنسيس الأسيزى والسلطان الكامل محمد الأيوبى بدمياط سنة 1219 ويعتبر أول حوار بين الإسلام والمسيحية.. «صوت الأزهر» حاورت الأب كمال لبيب أمير الرئيس الإقليمى للرهبنة الفرنسيسكانية بمصر للتعرف على القصة الكاملة للقاء السلطان الكامل والقديس فرنسيس.

_ حدثنا عن أنشطة وطبيعة عمل الآباء الفرنسيسكان فى مصر؟

- أتاح الآباء الفرنسيسكان فى مصر الفرصة لإقامة حوار بين الكنيسة الكاثوليكية من ناحية وبين كنيستى الأقباط الأرثوذكس والروم الأرثوذكس وإقامة علاقات تعاون ومحبة بينهم فى مجال التعليم (حضانات للأطفال ومدارس..) وبشكل مجانى تخدم جميع أبناء الوطن فقد يوجد فى المدارس نصف الطلاب والمعلمين والعاملين من المسلمين..

وفى المجال الثقافى يقوم الفرنسيسكان بدور كبير حيث أسسوا مراكز الدراسات والأبحاث كمركز المسيحية الشرقية بالموسكى، والجيزة والمركز الكاثوليكى للسينما، كما أنهم أغنوا المكتبات بالمؤلفات والترجمات. وفى مجال الصحة فقد أنشأ الفرنسيسكان العيادات والمستوصفات فى ربوع مصر، كما يسعى الفرنسيسكان إلى العمل على تخفيف آلام الناس. ويقوم الفرنسيسكان بأعمال الخير ونشر رسالة السلام.

_ الكثير لا يعرف قصة الملك العادل والقديس فرنسيس الاسيزى  التى تحتفلون بها سنوياً.. نود إلقاء الضوء عليها؟

- أثناء الحروب الصليبية  اندلعت المعارك بين الحملة الصليبية الخامسة بقيادة «جان دى يريين» وقوات المسلمين تحت قيادة السلطان الايوبى الكامل محمد بن العادل والتى دارت رحاها فى مدينة دمياط وكانت الغلبة تتنقل بين طرف والاخر، حتى انسدت السبل ولم يكن هناك فى الافق ما يساعد على وضع حد لهذه المذابح. نصح فرنسيس الاسيزى الذى كان قد حضر إلى دمياط عام 1219 القادة بعدم الهجوم العسكرى واللجوء إلى الحوار والتوصل إلى سلام  يرضى جميع الأطراف لكنهم أهملوا نصيحته وكانت هزيمتهم وبعد حصار دمياط الذى لم ينجح وفى الفترة التى عقدت فيها الهدنة بين الجانبين اعتقد فرنسيس أنه فى إمكانه أن يجد حلا لهذا الصراع العبثى من خلال إقناع السلطان الكامل بالمسيحية وطلب من المندوب البابوى المرافق للحملة التوجه إلى معسكر المسلمين، فترك فرنسيس معسكر الصليبيين بصحبة احد رهبانه قاصدين معسكر المسلمين وطلب مقابلة السلطان اعزل من السلاح. وبعد مقابلة الملك ظل فرنسيس يتحدث عن المسيحية والملك يصغى وعندما فرغ من حديثه وكان يعرف أحوال المسيحية ولم يعتنقها لأن ايمانه بالدين الإسلامى لا يقل عن ايمان فرنسيس بالمسيحية.

_ هل كان للقاء بين القديس فرنسيس والملك الكامل دور فى توضيح فكر كل منهما فيما يتعلق بالحوار بين الأديان؟

- لاشك أن اللقاء قد صحح لدى كل من الرجلين فكرة مسبقة خاطئة عن معتقد الآخر، فاتضح لفرنسيس أنه يمكن أيضاً عبادة الله الواحد خارج المسيحية كما تبين للملك الكامل أن المسيحيين الحقيقيين هم دعاة حب وسلام.. وأرسل السلطان حراسا واكبوا فرنسيس ورفيقه حتى معسكر المسيحيين.. لكن هذه الفترة التى قضاها فرنسيس فى ضيافة السلطان لم تمر عليه دون أن تترك فى نفسه أثراً كبيراً حيث دار خلالها بينهما كثير من الأحاديث عن الأديان.

_ أرسى القديس فرنسيس أسسا جديدة فى طريقة الحوار الدينى.. حدثنا عنها؟

- هناك خمسة أسس وقواعد وضعها القديس فرنسيس للحوار الدينى مع غير المسيحيين وهى: العيش المشترك، تقبل  الآخرين كما هم، المسالمة بدون شجار، الخضوع للسلطة القائمة، الشهادة بالإيمان المسيحى. واللقاء بين القديس فرنسيس والملك الكامل  أول حوار حى بين الإسلام والمسيحية، وشعار مؤسس الرهبنة «يا الهى اجعلنى أداة للسلام» والرهبنة الفرنسيسكان مؤمنة بالسلام للآخر، ودائما نقول إن المقابلة هى إيمان بأن الخير عند الآخر وهذا معناه أن الآخر من الله، وهذا يجعلنا نتفق.

_ نود التعرف على أوجه التعاون  بين الآباء الفرنسيسكان وبين الأزهر؟

- تمت مقابلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى 3 أكتوبر واتسم اللقاء بالمود والإخاء والمحبة، وكان الإمام مستمعا جيدا وطرح علينا أفكارا فى فتح العديد من المدارس ومشاريع الخير، وتم الاتفاق على عقد ندوة فى مدينة دمياط حيث كانت تشهد على لقاء القديس فرنسيس والملك الكامل، بالإضافة إلى ندوات بالمحافظات توعوية، ورحب بالتعاون والعمل المشترك بينا وبين الأزهر، فالإمام شخصية حكيمة. ونحن نسعى إلى ترسيخ فكرة السلام والتسامح بين الأديان والثقافات فنسير على طريقة القديس فرنسيس مع بعض التطورات.

_ تبادل الإمام وبابا الفاتيكان الزيارات.. ما انطباع تلك الزيارات فى نفوس الفرنسيسكان؟

- زيارات هادفة بغرض إصفاء النفوس وترسيخ مفاهيم التعايش السلمى والسلم المجتمعى وترسيخ المواطنة والجلوس على طاولة واحدة والحوار بين الأديان، فالإمام الأكبر يمثل أكبر رمز دينى فى الشرق الأوسط والعالم ورئيس القادة الدينيين. فيسعى الإمام إلى لم شمل الفرقاء والسلام بينهم فهو بحق إمام السلام.

_ بعد زيارة أكبر رمزين دينيين فى العالم الإمام الأكبر والبابا  لبعضهما.. برأيك هل يعيد التاريخ نفسه ويسيران على غرار القديس فرنسيس والملك الكامل؟

- بالطبع، فالإمام الأكبر شخصية مثقفة ويحترم الآخر ويحترم الديانات الأخرى وكذلك بابا الفاتيكان شخصية تدعو إلى السلام، ولكن نحتاج إلى جزء التنفيذ وترسيخ ما يؤمنون به على أرض الواقع وإقناع الجميع بذلك ولن يتم هذا إلا من خلال حملات التوعية فى مجال التعليم، وفى الآونة الأخيرة قلب الإمام تحرك وقلب البابا تحرك فكان اللقاء بينهما إيمانيا.

_ عودة الحوار بين الفاتيكان والأزهر تمت بمعايير.. ما هى؟

- بالطبع فكرة تقبل الآخر والتعايش والاحترام هى أساس أى حوار، الإمام الأكبر والبابا يدعوان إلى السلام العالمى ويحاولان جاهدين ترسيخ تلك  المفاهيم، وعندما جاء القديس وحاور الملك الكامل رجع إلى إيطاليا  وكتب بعض الآيات القرآنية واستشهد بأسماء الله الحسنى وكتب بعض الأسس والقوانين لمن يريد العيش مع المسلمين لا نخاف منهم ونؤمن بأن الآخر متميز ونحن الاثنيان من الله ويفسد العلاقة بيننا الطمع والحقد والجشع، ولابد أن تكون هناك نية صادقة، والتبادل لأنه يغنى الآخرين ولا يفسد بينهم.

نعمات مدحت

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg