| 01 مايو 2025 م

حوار مع

1085 عاماً من العلم والنور.. الإمام الأكبر فى احتفالية الجامع الأزهر بذكرى تأسيسه: مسيرة حافلة من العلم والحضارة.. وأدعو المسلمين أن يؤثروا اتحادهم ويجمعوا كلمتهم

  • | الإثنين, 17 مارس, 2025
1085 عاماً من العلم والنور.. الإمام الأكبر فى احتفالية الجامع الأزهر بذكرى تأسيسه: مسيرة حافلة من العلم والحضارة.. وأدعو المسلمين أن يؤثروا اتحادهم ويجمعوا كلمتهم
  • منذ تأسيس الجامع الأزهر بدأت معه مسيرة دعوة وحضارة علم وعدل
  • أدعو الله بأن يحفظ للأزهر دوره التاريخى كملاذ لوحدة الكلمة ومرجعية لأطياف الأمة
  • د. محمد الضوينى: الأزهر منحة ربانية منَّ الله بها على الأمة لتعبر عن روح الإسلام
  • د. سلامة داود: 1085 عاماً والأزهر قلعة العلم وحصن الدين ودرع الأمة
  • - البعثات الأزهرية مثَّلت أسس النهضة الحديثة فى مصر على أيدى علماء الأزهر
  • د. محمد الجندى: رسالته عالمية يفد إليه طلاب من ربوع الأرض ثم يعودون لبلدانهم فقهاء
  • د. عبدالمنعم فؤاد: الدراسة فى أروقته هدفها مواجهة الأفكار المتطرفة وحماية الشباب منها
  • د. عباس شومان: التاريخ يشهد بأنه كان فى طليعة المدافعين عن الوطن وقضايا الأمة

 

 

نظم الأزهر الشريف، الجمعة الماضى، الموافق السابع من شهر رمضان المبارك، احتفالية كبرى بالجامع الأزهر بمناسبة مرور 1085 عاماً هجريّاً على أول صلاة أقيمت فى الجامع الأزهر الشريف فى السابع من شهر رمضان عام 361هـ، الموافق 21 يونيو عام 972م، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبحضور الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، والدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، والدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور محمد الجندى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والشيخ أيمن عبدالغنى، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، والدكتور أتى خضر، رئيس قطاع مكتب شيخ الأزهر، والدكتور إسماعيل الحداد، الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر، ولفيف من كبار علماء الأزهر وقياداته وطلابه.

وتضمنت الاحتفالية مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات، التى انطلقت بعد صلاة الجمعة مباشرة، والتى هدفت إلى التعريف بتاريخ الجامع الأزهر، وهيئاته العلمية والتعليمية المختلفة، وأبرز شيوخه وعلمائه، ومواقفه من قضايا الأمة قديماً وحديثاً، كما تناولت عدداً من الكلمات الرسمية لكبار علماء الأزهر وقياداته بهذه المناسبة، إلى جانب عرض فيلم وثائقى عن تاريخ الجامع الأزهر، واختتم العرس الأزهرى بإفطار جماعى للصائمين.

نداء الإمام

وبدأت فعاليات الاحتفالية باحتفاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالذكرى الـ1085 لتأسيس الجامع الأزهر، حيث أكد فضيلته، فى منشور عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«إكس (تويتر سابقاً)» أنه منذ أن أُقيمت أول صلاة فى الجامع الأزهر العتيق، منذ 1085 عاماً، وبدأت معها مسيرة دعوة وحضارة، علم وعدل، هُوية ووطنية، وأثَّرت وأثمَرَت، وهوَت إليها أفئدة المسلمين من شتى بقاع العالم، موجهاً فضيلته نداءً إلى المسلمين فى كل مكان، داعياً إياهم إلى أن يُؤثِروا اتحادهم، ويجمعوا كلمتهم، مُتوجهاً إلى المولى عز وجل بأن يحفظ للأزهر دوره التاريخى كملاذٍ لوحدة الكلمة، ومرجعيةٍ جامعةٍ لجميع أطياف الأمة الإسلامية.

قبلة علمية

بدأت فعاليات الاحتفالية من داخل الجامع الأزهر الشريف بكلمة الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر، قال خلالها: إن الأزهر منحة ربانية، منَّ الله بها على الأمة، لتعبر عن روح الإسلام، وتحمل أنوار الوحى إلى العالم كله، وتقدم للبشـرية ترجمة حقيقية للوسطية التى لا تتلاقى مع إفراط أو تفريط، ولا تقبل المغالاة ولا التهاون، موضحاً أننا نحتفل اليوم بذكرى ميلاد الأزهر الذى أزهرت به ربوع مصـر، وقوى عوده واشتد ساعده وصار قبلة علمية عالمية، يبذل من فهم علمائه السلام للدنيا، والأمن للأرض، والتوجيه للبشرية، وما تزال ثمراته تخرج بإذن ربه تحمل مشعل هداية القلوب، واستنارة العقول، موضحاً أن الأزهر المعمور ولد لتكون أروقته منارة للعلم، وقبلة للطلاب، ‏‏فيها تعلم الملوك والسلاطين، وفى معاهده تخرج الرؤساء والوزراء والسفراء من شتى بقاع الدنيا، وإلى علمائه تقرب الملوك والأمراء، ومن صحنه انطلقت الثورات، ومن على منبره وجهت، وبقيادة علمائه ومشاركة طلابه انكسـرت قوى الطغيان، وتحطمت أحلام الغزاة، وتحت قبابه مد العلماء أرجلهم، ولم يمدوا أيديهم طمعاً، ولم يحيدوا عن رسالتهم تملقاً.

وأضاف «الضوينى» أن المتأمل لمنهج الأزهر الشـريف يرى أنه ينبئ عن فكر ونظر وبصيرة، وإلمام بواجب الوقت الذى يلزم أن يقوم به العقلاء، كما عاش على هذا المنهج العامر مشايخ الأزهر الشـريف وعلماؤه، وفى ظل ما مرت به الأمة الإسلامية كان للأزهر جهوده المتنوعة التى تنبئ عن وعى وإدراك وفهم مسدد، ولن أقرأ التاريخ؛ فتاريخ الأزهر تاريخ طويل بطول القرون، وعريض بسعة أرجاء الأرض، مشيراً إلى أن المتأمل للشخصية الأزهرية يرى منهجاً متكاملاً متوازناً يلبى مطالب الجسد والروح، ويجمع بين المعارف الدينية والدنيوية معاً، ويعمر القلب بالإيمان واليقين، والعقل بالفكر والنظر، ويعمل على إصلاح الدنيا والآخرة، ومن هنا تجاورت فى رحاب الأزهر كليات الإلهيات والحكمة القديمة والفلسفة الحديثة، مع كليات العلوم التجريبية والطب والهندسة والزراعة وغيرها، كما أن الناظر إلى واقعنا وما فيه يرى الأزهر الشريف يحمل مسئولية الجانب العلمى والدعوى من رسالة الإسلام، خاتمة الرسالات الإلهية إلى البشـر كافة، رسالة السلام العالمى والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية، والتحرر من الآصار والقيود التى تثقل كاهل البشر.

ضد التطرف

وشدد على أن الأزهر يوقن بضـرورة التجديد فى كل زمان ومكان، ويرى التجديد حقيقة شديدة الوضوح فى الإسلام نصاً وشريعة وتاريخاً، موضحاً أن الأزهر ينادى بالتعايش الذى شهدت بتطبيقه عملياً حضارة الإسلام التى لم تخرج عن إطار المؤاخاة مع أبناء الأديان الأخرى، والتى عاملتهم من منطلق القاعدة الشرعية «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، موضحاً أن هذا التعايش صاغه الأزهر صياغة حضارية فى بيت العائلة المصرى، لافتاً إلى أن الأزهر يقف صامداً فى مواجهة الفكر المتطرف، وينادى فى الشباب بألا تسلموا عقولكم وتفكيركم لهذه الدعوات التى تربط ربطاً خاطئاً بين الإرهاب والدين، وتهدد الهوية، وتعبث بالثوابت، وتزيف الشواهد والأدلة، مشدداً على أن الدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبداً، ولا يستقيمان فى ذهن عاقل، مبيناً أن الأزهر وقف فى وجه هذا الفكر المتطرف الذى ينادى على الناس بالغلو والتشدد من ناحية، والإلحاد والتفلت من ناحية أخرى، فأصدر بياناته، وعمد إلى الإنترنت فاقتحم صفحاته؛ ليكون قريباً من الشباب قياماً بالواجب وأداء للرسالة، منوهاً إلى إدراك الأزهر لمعاناة المجتمع من الفتاوى العبثية والفوضى العلمية التى ملأت أسماع الناس ليلاً ونهاراً، والتى تطاردهم لتردهم لا إلى رحمة فى القرآن والسنة ولا إلى يسـر فى الشـريعة، فوقف الأزهر بهيئاته المختلفة وعلمائه ووعاظه لهذا العبث بالتأصيل والتحرير والتدريب، وإنشاء المراكز المهمة، ومنها مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية، وغير ذلك، كما وقف الأزهر شامخاً ينادى بأخوة عاصمة، تحفظ على الجميع تنوعهم واختلاف فهومهم، وتنادى بنداء القرآن «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ»، ويصـرخ فى عقلاء الأمة وقاداتها بأمر الله: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ»، ويضع الأزهر ببصيرته المفاهيم الرصينة التى تضمن الأمن والسلام والتقدم للأمة، وتقضـى على العصبية والجمود، منطلقاً فى ذلك من قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذاكم المسلم له ذمة الله، وذمة رسوله، فلا تخفروا الله فى ذمته»، وقد كان مؤتمر الحوار الإسلامى - الإسلامى، فى دولة البحرين، منذ أسبوعين تقريباً، وكان شعار ذلك المؤتمر «أمة واحدة ومصير مشترك».

رسالة عالمية

وتابع وكيل الأزهر الشريف: لقد أخذ الأزهر الشـريف على عاتقه -منذ أكثر من ألف عام- مسئولية الدعوة إلى الإسلام، والدفاع عن سماحته ووسطيته واعتداله، ونشـرها فى مختلف دول العالم، من خلال آثاره العلمية والخلقية المباركة التى يتركها فى عشـرات الدول التى تدفع بفلذات أكبادها إلى معاهده وجامعته خاشعين فى محاريبه، متعلمين من مناهجه، مستفيدين من فعالياته، ثم بهذا الزاد الروحى والخلقى والعلمى الذى يحمله الأزاهرة المبتعثون، الذين يؤكدون أينما حلوا أن الإسلام دين المحبة والتعاون والتآخى والتعايش السلمى بين أبناء البشـر، وأنه دين الرحمة والمودة والبعد عن الغلو والتطرف الذى ترفضه أديان السماء، فضلاً عن نشر علوم الشريعة التى تصون الحياة، وأن رسالة الأزهر هى رسالة عالمية، تحمل نور الإسلام للعالم أجمع، مؤكداً أنه لولا أن الله حمى هذا الدين بالأزهر ورجاله لضاعت معالم الشـريعة، وأنه لا ينكر عاقل ولا مفكر ولا صاحب رأى سديد دور الأزهر الشـريف فى نشـر قيم التسامح بين الناس جميعاً، ورعايته للفكر الإسلامى المعتدل فى مصـر والعالم كله، قائلاً: «سيظل الأزهر الشـريف له دور فاعل فى تعزيز وشائج الأخوَّة بين بنى الإنسان، وفى تقوية التعاون العلمى والفكرى والثقافى بين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وفى نشـر حقائق الدين والرد على أباطيل دعاة التفرقة الذين يتاجرون باسم الدين، خصوصاً فى هذه المرحلة التى ينشط فيها تجار المشروعات الطائفية المقيتة التى تضعف فى الأمة مناعتها وقدرتها على المواجهة، وتمزق وحدتها».

غاية نبيلة

من جهته، أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن الجامع الأزهر بتاريخه العريق يمثل قلعة العلم، وحصن الدين، وعرين العربية، وقد وهبه الله منحةً لمصر وللعالم، ودرعاً للأمة، يرد عنها غوائل الزمان، ونوازل الحدثان، مضيفاً أن اسم الجامع يدل على أنه محراب عبادة ومنارة علم، والعلم عبادة، كما يدل اسمه «الجامع» على أنه يجمع شمل الأمة، ويقاوم تفرقها وتشتتها؛ لتعود كما أراد الله تعالى لها فى قوله جل وعلا: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»، موضحاً أن الغاية القرآنية السابقة، هى الغايةُ النبيلةُ والسعىُ الموَفَّقُ الدؤوبُ الذى يقوم به فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حفظه الله تعالى، فى الحوار الإسلامى- الإسلامى، الذى يسعى إلى نبذ الفرقة والتعصب، والاجتماع على الثوابت والأصول المشتركة التى اتفقت عليها الأمة على اختلاف مذاهبها، لأن العالم الإسلامى لم يجنِ من الفرقة إلا الضعف والوهن، ولم تكن الأمة أحوج إلى الاتحاد واجتماع الكلمة ولمِّ الشمل منها الآن بعدما تداعت عليها الأمم، مشيراً إلى أن الأزهر نسبٌ شريف، يعود فى نبعته المباركة إلى أم أبيها السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفى تسميته «الأزهر» جمالٌ من الزهر؛ لأنه يتفتح عن العلوم كما تتفتح الأزهار عن أكمامها، وفى تسميته «الأزهر» بصيغة اسم التفضيل دلالةٌ على أنه يعيش مع أشرف العلوم وأعلاها، وعلى أنه لا يرضى لمن ينتسب إليه إلا أن يكون هو الأزهرَ والأنورَ والأبهرَ والأقدر، فلا يرضى لمن ينتسب إليه أن يكون تابعاً لغيره فى مضغ العلوم والمعارف، بل يتمثل قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى»، مشدداً على أن اليد العليا هى اليد التى تملك قوة العلم وتنتج العلم، واليد السفلى هى اليد التى تستورد العلم وتعيش عالة على ما أنتجته عقول الآخرين؛ لذا عاش الأزهر هذه القرون الطويلة وهو ينتج المعرفة، وكانت البعثاتُ التى أرسلها محمد على باشا إلى أوروبا من النابهين من أبناء الأزهر، الذين قامت على أكتافهم فى مصرنا الحبيبةِ كلياتُ الطب والهندسة وغيرُها من العلوم التطبيقية، فكانت النهضة الحديثة فى مصر على أيدى علماء الأزهر.

وشبَّه «داود» الأزهر، بماضيه وحاضره، كالشمس، من اقترب منها ذاب فيها، فما من بلد فى الدنيا إلا وللأزهر عليه يدٌ بيضاء فى نشر العلم والوسطية والاعتدال، والوافدون فى رحابه -وهم اليوم نحو ستين ألفَ طالبٍ وافد من نحو مائة وثلاثين دولة- هم حملة النور والإسلام والوسطية إلى بلادهم، هم معاهد الأزهر وجامعاتُه فى دول العالم، جهَّزهم الأزهر وصنعهم على عينه، فله الفضل عليهم بحق الأستاذية والتعليم والرعاية؛ وما قطعوا بلداً أو نشروا علماً إلا وكان للأزهر نصيبٌ من أجره وثوابه؛ لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازياً فى سبيل الله فقد غزا»؛ وقد جهَّزهم الأزهر للأمة كلِّها، وللعالم كلِّه، هداةً مهديين، فإذا نشروا علمه فى البلاد كان لهم فضلٌ عليه أيضاً، لقول علمائنا: «ما من أحد إلا وللشافعى عليه فضل، إلا البيهقى فإن له الفضل على الشافعى لنشره مذهبه»، وهذه هى رحم العلم بين الأستاذ وتلميذه، موجهاً نصيحة إلى أبناء الأزهر بقراءة تراجم سير علماء الأزهر، والاقتطاف من أزاهيرها، والتأسى بهم فى علو الهمة، وغزارة العلم، ومكارم الأخلاق: «فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم... إن التشبه بالرجال فلاحُ»، مضيفاً: أرجو أن يُوفَّقَ بعضُ أولى العزائم الصادقة إلى جمع هذه الشمائل والمكارم من سيرهم، وحُسْنِ عرضها، وتجليتها، وكشفِ جوانبها المضيئة، لتكون نبراساً يضىء لنا وللأجيال القادمة، فإن الأخلاق تُعدى، وإن التأسى بالتجارب الرائدة والنماذج المشرقة هو خير باعث على النهضة.

وعى إنسانى

وقال الدكتور محمد الجندى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن مسلمى العالم أجمع اليوم يحتفون اليوم بهذه الذكرى العزيزة على قلب مسلم، لما له من أهمية خاصة لهم، ذلك الجامع والجامعة الذى عرف بمتانة علومه، حيث كان أول كرسى عقد درساً فى الجامع الأزهرى، هو كرسى العالم الجليل «القيروانى»، كما ذكر المقريزى، ثم تسلسل الأمر بالمتن المتصل أو بالسند المتصل، ليأتى بعده العلامة الشبراوى، ثم العلامة سليم البشرى، الذى أسس هيئة كبار العلماء، ثم العلامة ثعيلب، وتلاه البراوى، ثم العالم الكبير عبدالحليم محمود، وصولاً إلى فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، والذين درسنا على أيديهم العلوم الدينية الأصيلة من منبعها الأصيل، مبيناً أن الأزهر هو حصن الوعى الإنسانى فى العالم كله، فرسالة الأزهر رسالة عالمية، حيث يفد عليه طلاب من ربوع الأرض، من دول آسيا وأفريقيا، يدرسون فى الأزهر العلوم الدينية والشرعية الصحيحة، ثم يعودون لبلدانهم وهم فقهاء فى الدين والقرآن مفسر فى قلوبهم، ولهذا حق علينا أن نحتفى كل عام فى هذا اليوم بذكرى الأزهر الشريف السنوية، إيماناً منا بما له من مكانة فى قلوبنا وقلوب المسلمين حول العالم.

حماية الأمة

وأكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، أن الأزهر الشريف لم يكن مجرد مؤسسة تعليمية فحسب، بل كان على مدار تاريخه ركيزة أساسية فى حماية الأمة علمياً وفكرياً، فدوره لم يقتصر على نشر العلوم الشرعية واللغة العربية، بل امتد إلى الدفاع عن قضايا الأمة، والتصدى لكل محاولات الهيمنة والاستعمار، مشدداً على أن الأزهر سيظل صوتاً للحق، ومنارةً للوسطية، ودرعاً حامية لمصر والمسلمين والعالم بأسره، موضحاً أن الدساتير المصرية تُعرّف الأزهر بأنه مؤسسة تعليمية أولاً، ثم دعوية، وأنه يقوم بدور أساسى فى تعليم الشريعة الإسلامية واللغة العربية للعالم أجمع، وقد اضطلع بهذه المهمة منذ نشأته وأدى أكثر منها، فكان قبلةً للطلاب والعلماء من شتى بقاع الأرض، وحصناً منيعاً أمام محاولات التشويه والانحراف الفكرى، ومنبراً لمواجهة التحديات التى تعرض لها المسلمون عبر العصور، مشيراً إلى أن الأزهر الشريف لم يكن فقط منبراً للعلم والدعوة، بل كان أيضاً فى طليعة صفوف المدافعين عن الوطن وقضايا الأمة حينما تطلب الأمر ذلك، حيث وقف علماؤه وشيوخه وطلابه ضد كل محاولات الاحتلال، فكان الأزهر هو القائد الحقيقى للمقاومة ضد الحملة الفرنسية على مصر، ومن صحن الجامع الأزهر تحطّمت أحلام الفرنسيين، بعدما انطلقت منه الثورات الشعبية التى واجهت الاستعمار، فكان شيوخ الأزهر هم المخططين والموجهين والمحفزين لحركة النضال الوطنى، ولم يكتفوا بدور التوجيه، بل حملوا السلاح بأنفسهم، وجمعوا أبناء مصر خلفهم للدفاع عن الوطن.

وشدد على أن الأزهر لم يقتصر دوره على الساحة المحلية، بل حمل شيخه فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، عصا الترحال شرقاً وغرباً، ساعياً إلى ترسيخ قيم السلام والتعايش بين الشعوب، ونشر ثقافة الحوار ونبذ العنف والتطرف، وكان آخر هذه المبادرات عقد مؤتمر الحوار الإسلامى - الإسلامى فى العاصمة البحرينية المنامة، بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، والذى أكد خلاله الأزهر أن الأمة الإسلامية كيان واحد، يجمعها مصير مشترك، وأن الحوار هو السبيل الأوحد لحل النزاعات، موضحاً أن الأزهر سوف يظل منارةً للعلم والعلماء، وملاذاً لكل من يبحث عن الوسطية والاعتدال، ودرعاً حامياً لمصر والأمة الإسلامية، وأنه سيواصل جهوده فى دعم السلام، وترسيخ مبادئ المواطنة، وحماية الشباب من التطرف والانحراف الفكرى، داعياً الجميع إلى التعاون والعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر أمناً واستقراراً للأمة والعالم بأسره.

تحصين الشباب

من جهته، قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهرى، إن الغرض من الدراسة فى أروقة الأزهر الشريف هو مواجهة الأفكار المتطرفة وحماية شبابنا منها، مضيفاً أنه تم افتتاح أروقة أزهرية لأبناء المصريين بالخارج لتكون هناك صلة علمية بين أبناء مصر فى الخارج وأزهرهم الشريف، لتزودهم بالعلم النافع وتحصنهم من الأفكار المتطرفة والهدامة، موضحاً أن فضيلة الإمام الأكبر يولى اهتماماً كبيراً بالرواق الأزهرى، ويحرص على التوسع فيه ليكون ملاذاً لأكبر عدد ممكن من الدارسين فى كل مكان داخل مصر وخارجها، وهو ما نعمل على تحقيقه حيث بلغت عدد أروقة الجامع الأزهر 1249 رواقاً فى جميع محافظات مصر ومراكزها بل وعدد من قراها، وبلغ عدد الدارسين من الأطفال ما يربو على 200 ألف دارس يحفظ كتاب الله عز وجل، كما تم افتتاح أروقة علمية ودينية فى جميع محافظات مصر الآن، يدرس فيها أكثر من 100 ألف دارس من الكبار وخريجى الجامعات المصرية، مشدداً على أن أروقة الأزهر ظلت قديماً -وما زالت وستظل بإذن الله تعالى- تدرس صحيح الإسلام، وأن مناهج الأزهر باقية على العهد توفر الرأى والرأى الآخر، داعياً إلى ضرورة أن يتحول الشباب للعلم النافع، وألا ينساقوا وراء الآراء الهدامة، وأن يتمسكوا بعلم الأزهر الشرعى، لافتاً إلى أن المحافظة على أمن الأوطان مطلب شرعى، وعلى الشباب المحافظة عليه، محذراً إياهم من الانسياق وراء من ينادون بغير العلم الحقيقى، طالما كان لا يعرف العلم الشرعى الأصيل ولا يعرف سماحة الدين.

أحمد نبيوة

 

طباعة
كلمات دالة: رمضان 2025
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2025 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg