قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الهجوم على الأزهر ومناهجه وعلمائه وقياداته، أصبح أمراً معتاداً حتى إننا صرنا نعرف توقيت هذا الهجوم بعد أن رصدناه بدقة، ووجدنا أنه يحدث فى إحدى حالتين، الأولى: بعد وقوع حوادث الإرهاب، والثانية كلما أحرز الأزهر نجاحاً فى تحقيق رسالته فى الداخل أو فى الخارج.
وأضاف فضيلته، أن الخطة فى هذه الحالة إما الصمت المطبق وإخفاء الحسنات، وإما البحث والتفتيش عن الهنات وإذاعتها بعد تكبيرها وتجسيمها، وليس عندى من تفسير لهذا الإصرار المُلِح على تكرار الهجمات غير المبررة ضد الأزهر الشريف وأبنائه، إلَّا أن هؤلاء القائمين على هذا الأمر يريدون عن عمد تزييف وعى المسلمين، ويحاولون فى سعى بائس فاشل خلخلة رصيد الأزهر فى قلوب المسلمين.
وأشار الإمام الطيب، إلى أن الهجوم المُبرمَج على الأزهر ومناهجه وعلمائه وقياداته، يتزامن دوماً مع دعوات مريبة تظهر على استحياء بادئ الأمر، تنادى بضرورة تحطيم هيبة الكبير واحترامه، وتنظر إلى هذا التقليد الذى نفخر بتنشئة أبنائنا عليه، نظرة احتقار بحسبانه سلوكاً لم يَعُدْ له مكان فى ثقافة الفوضى الحديثة، مع خطة مريبة لتحطيم تراث المسلمين والسخرية من أئمته وأعلامه، وفى سُعارٍ جامح يعكس حجم المؤامرة على حضارة الإسلام.
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن هذه الهجمات لن تثنى أبناء الأزهر عن السير قدماً فى سبيل نشر رسالة الإسلام الوسطى، والعمل ليل نهار على تصحيح المفاهيم المغلوطة، والوقوف بجوار المستضعفين والمظلومين فى كل أصقاع الأرض؛ فالأزهر منذ نشأته وحتى يوم الناس هذا مؤسسة علمية تعليمية رسالتها الحفاظ على الدين الإسلامى الصحيح وتبليغه إلى الناس، وهذا هو سر بقائه هذه الفترة الطويلة جداً، رغم الضربات والهجمات التى وجهت إليه - وما زالت توجه إليه حتى يوم الناس هذا -، ولو أن أى مؤسسة أخرى «متشرذمة»، أو «متخندقة»، أو «متمذهبة» بمذهب واحد، وجهت إليها بعض من تلك السهام التى صُوبت نحو هذا المعهد العريق لتردت وسقطت وماتت وأصبحت فى ذمة التاريخ.
وأكد فضيلة الإمام الطيب، أن الذى حفظ الأزهر وأبقاه حتى الآن وسيبقيه إن شاء الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ هو أن هذا المعهد العريق فعلاً يقبض على وسطية الإسلام ويعلن دائماً أنها هى اللافتة الكبرى له؛ قائلاً: «نحن مؤسسة علمية تعليمية ذات رسالة تبليغية، وليست لنا مطامع سياسية، ولن يسمح الأزهر بأى حالٍ من الأحوال أن يُستغل اسمه وزخمه لخدمة اتجاه سياسى أو حزبى أو غير ذلك؛ لأن الأزهر على مدار تاريخه الذى يتجاوز الألف وخمسين عاماً فوق هذا.. الأزهر فوق الأشخاص، وحتى فوق الثورات».
وتابع فضيلة الإمام الأكبر: «إن حديثى حول الهجوم الذى تشتد وتيرته من وقت لآخر ضد الأزهر ومناهجه وعلمائه وقياداته، هو أشبه بنفثة مصدور أو زفرة مكلوم؛ بل هى شكوى الغريب أحملها إلى أهل العلم، وسدنة الشـريعة وحرَّاس القيم السماوية، مما تعج به الساحة الآن من اكتساح العملة الزائفة للعملة الحرة الأصيلة فى شتى المجالات، ومِنْ تصدُّر بعض الأدعياء لمنابر تحولت من رسالة تنوير عقول الناس إلى رسالة مريبة هدفها القضاء على الرموز والقيم وكل المبادئ التى تربينا عليها، وهم إذ يقومون بهذا الدور المشبوه فإنهم ينفذون حملة موزعة الأدوار، وفى جرأة ممقوتة، ما أظنها تخفى على أحدٍ، ممن يضيق بهذه الفوضى، وينشغل بهذا الهمِّ الذى لا همَّ يفوق خطره، حتى لو كان همَّ العيش وضرورات الحياة».
وأكد فضيلة الإمام الطيب أن الأزهر الشريف ظل - ولايزال بحمد الله - هو دار أهل العلم والنزاهة والتجرد، وأبناؤه كانوا - وما زالوا - هم الأمناء على أحكام الدين، وهذا المعهد العريق هو الجهة الوحيدة التى يعرفها الناس، ويطرقون أبوابها كلما حزبهم أمر البحث عن حكم الله تعالى فيما يطرأ لهم من شئون الدنيا والدِّين، وفيما يرغبون أن تستقيم على هديه حياتهم: إبراءً للذمَّة وطمعاً فيما عند الله، وسيكون كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
محمد أبو العيون