| 24 أبريل 2024 م

الإمام السند

د.نهلة الصعيدى.. تكتب: بيان الأزهر.. ومناصرته للمرأة

  • 9 سبتمبر 2018
  • الكاتب: Hussien Farouk
  • عدد المشاهدة: 7426
  • 0 التعليقات
د.نهلة الصعيدى.. تكتب: بيان الأزهر.. ومناصرته للمرأة

جاء بيانُ الأزهرِ الشريفِ استكمالاً واستمراراً لعطاءاتِهِ المتعدِّدةِ، وجهودِهِ المباركةِ المخلصةِ فى مناصرةِ المرأةِ، والتفاعلِ مع قضاياها، والتأكيدِ على حقوقها التى كفلها لها الشرعُ.

وجاء تضامُناً معها فى الحصولِ على جميع حقوقِها المعنويَّةِ والأدبيَّةِ والتشريعيَّةِ والاجتماعيَّةِ، وغيرِها من الحقوقِ التى حرمها منها البشرُ، وأعطاها لها اللهُ - عزَّ وجلَّ.

إنَّ بيانَ الأزهرِ الشريفِ قدْ جاءَ تلبيةً لصرخاتِ النساءِ المتألِّماتِ اللاتى تعرَّضْن لحوادثَ مريرةٍ، وكنَّ ضحايا لسلوكيَّاتٍ شاذَّةٍ تُعدُّ جريمةً فى حقِّ الأمَّةِ بأسرِها، تلك الأمةُ التى تربَّتْ على احترامِ المرأةِ، وحفظِ كرامتِها.

جاء بيان الأزهر والمرأةُ اليوم تتعرَّضُ لهجماتٍ شرسةٍ، وتقعُ ضحيَّةً لنفوسٍ مريضةٍ، وعقول مختلة، تريد الإطاحةَ بعفَّتِها، وهتكَ شرفها، ووأدَ كرامتِها، ليؤكد على أنه إذا لم تستعِدَ المرأةُ اليومَ كاملَ حقوقِها وفقَ الشريعةِ الإسلاميَّةِ، فلا أمل فى نهضةٍ أو بناءٍ حضاريٍّ أو أمنٍ فكريٍّ؛ إذ تلعبُ المرأةُ دوراً رائداً فى تقدُّم المجتمعِ ورقيِّهِ، وهى ركيزةُ الأسرةِ وأساسُها، والتى بدونها لا تقومُ للأسرةِ قائمةٌ، فهى المربيةُ لأفرادِها، والمُوجِّهةُ لسلوكِهم، والحريصةُ على سلامتِهم من الآفاتِ والأمراضِ التى قد يتعرَّضون لها، وهى صانعةُ الأجيالِ الذين هم أملُ الأمةِ ومستقبلُها، ورأسُ مالِها، وعمادُها، وعُدَّتُها، وعتادُها، وهى عمادُ المجتمعِ وأساسُهُ، وقوَّتُهُ وسلاحُهُ، والحفاظُ عليها حفاظٌ على المجتمعِ كلِّهِ من الانهيارِ.

لهذا كلِّه شدَّد الأزهرُ الشريفُ فى بيانِهِ على ضرورةِ صيانةِ المرأةِ وإعطائِها حقوقَها كاملةً، كما شدَّدَ على أنَّ التحرُّشَ بالمرأةِ والمساسَ بها بأيِّ سلوكٍ مُخِلٍّ هو تصرُّفٌ مُحرَّمٌ، وسلوكٌ مُنحرِفٌ، ويأثمُ فاعلُهُ، وهذا هو موقفُ الإسلامِ الصريحُ والواضحُ فى هذا الأمرِ.

والأزهرُ الشريفُ من منطلقِ رسالتِهِ سيستمرُّ فى نشرِ الإسلامِ الصحيحِ، وبيانِ صورتِهِ الحقيقيَّةِ التى شابها الكثيرُ من المفاهيمِ الخاطئةِ، وسيستمرُّ مُدافعاً عن حقوقِ المرأةِ التى جاءَ بها الإسلامُ.

وهو بهذا البيانِ يُهيبُ بالمجتمعِ كلِّهِ أن يستيقظَ لحمايةِ المرأةِ؛ لإنقاذِ الإنسانيَّةِ كلِّها، إيماناً منه بقيمة المرأة ودورها فى الحياة.وأنه لا يُمكِنُ لأيِّ مجتمعٍ أنْ يبنى حضارةً دون أن تُسهمَ فيه المرأةُ مساهمةً فاعلةً، ولن تستطيعَ المرأةُ المساهمةَ المرجوَّةَ إلا بعدَ أن تتمتَّعَ بالأمن والطمأنينة والاستقرار.

كما يشدِّدُ الأزهرُ الشريفُ بهذا البيانِ على ضرورةِ تزكيةِ سلوكيَّاتِ المجتمعِ تجاهَ المرأةِ، وتقويمِ انحرافاتِهِ نحوها؛ لكى تستمرَّ فى عطائها نحو أسرتِها ومجتمعِها؛ لأنَّ من يتأمَّلُ التاريخَ على طُولِ مداهُ يجد أنَّ مِن أهمِّ أسبابِ انهيارِ الحضاراتِ وتفكُّكِ المجتمعاتِ وانحلالِ الأخلاقِ وفسادِ القيم، وفشوِّ الجرائمِ هو هوانُ المرأةِ، وسلبها حقَّها، وغيابُ ثقافتِها، وتخلُّفها العلميّ.

ودورُ المجتمعِ نحو احترامِ وصيانةِ المرأةِ دورٌ مهمٌّ يجبُ عليه القيامُ به؛ لأنَّ البناءَ الحضاريَّ لأيِّ مجتمعٍ مُرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بوضعِ المرأةِ فيهِ؛ليكونَ مجتمعاً قائماً على المواطنة، وحقوقِ الإنسانِ، والعدالةِ الاجتماعيَّةِ، والمبادئِ الإنسانيَّةِ،

فليس الاهتمامُ بالمرأةِ كلاماً يُصدحُ به فى المجالسِ، ولا شعاراً يُرفعُ فى المناسباتِ، ثمَّ بعدَ ذلك نكونُ عاجزينَ عن ترجمتِهِ إلى واقعٍ ملموسٍ يُجسِّدُ حقيقتَهُ، ويُثبتُ صحَّتَهُ.

إنَّ بيانَ الأزهرِ الشريفِ لاقى قبولاً ضخماً طيِّباً عالمياً ومحلياً من منظماتٍ عدةٍ، وجهاتٍ مختلفةٍ، فالأمةُ كانت بحاجةٍ لمثلِ هذا البيانِ القويِّ الصريحِ والواضحِ من أكبر مؤسسةٍ إسلاميَّةٍ عالميَّةٍ.

لهذا كان من الضرورى والأمر بهذه الخطورةِ وتلك الجسامةِ أن يدعوَ الأزهرُ الشريفُ إلى تفعيلِ القوانينِ التى تُجرِّمُ التحرُّشَ، وتُعاقِبُ على فعلِهِ.

ويجبُ أنْ تُشْرَكَ المرأةُ فى سنِّ مثلِ هذه القوانينِ، فالإسلامُ قد أعطى لها الحقَّ فى صُنعِ القرارِ، ولهذا ينبغى تعزيزُ مشاركةِ النساءِ على جميع مستوياتِ صنع القرارِ، ورسمِ السياساتِ، وإشراكهنَّ فى صياغةِ النظمِ التشريعيَّةِ الخاصَّةِ بهِنَّ، وإشراكهنَّ فى مراجعةِ القوانينِ والتشريعاتِ التى تتعلَّقُ بقضاياهنَّ.

إنَّ عطاءاتِ المرأةِ المتعدِّدةِ لا تقفُ عند حدٍّ، وقد استمرَّتْ تلك العطاءاتُ لعقودٍ طويلةٍ ماضيةٍ، أثبتت فيها المرأةُ تفوُّقاً لا نظيرَ له فى جميعِ الميادينِ وشتَّى المجالاتِ، ومختلفِ التخصُّصاتِ؛ لهذا ينبغى على القيادات النسويَّةِ فى مجتمعاتِنا العربيَّةِ والإسلاميَّةِ استيعابُ الكوادرِ النسائيَّةِ، وتعزيزُ شخصيَّاتهنَّ، وترسيخُ مفهومِ الوسطيَّةِ فى الإسلامِ، وسماحة الشرعِ الحنيفِ لديهنَّ، وتغييرُ عقليَّةِ المجتمعِ نحو احترامِ المرأةِ وإعطائها حقوقها.

وعلى المرأةِ أن تحرصَ على حفظِ كرامتها، وعدمِ إهانتها، وأن يكونَ لها دورٌ فاعلٌ فى المجتمعِ وتصحيحِ مفاهيمه وقناعاته نحوها، وألا تُؤثرَ مثلَ هذه السلوكيَّاتِ على عطائها ودورها الثقافيّ والاجتماعيّ والسياسيّ والاقتصاديّ، وعليها أن تجعلَ لها مكاناً فى كلِّ الميادينِ التى تناسبها، وألا تتخلى عن أداءِ دورها ما دامت قادرةً على ذلك، وأن تجتهدَ فيه فى ضوءِ التمسُّكِ بقيمِ شريعتِها، وحدودِ ربِّها، ودون المساسِ بواجباتِها تجاه أسرتِها.

إنَّنا نحن الأزهريَّات فخوراتٌ بهذا البيان الصادر عن الأزهر الشريف، فخورات بقيادته تلك القيادةِ الكُبرى للأزهر ممثلة فى فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الذى يحترمُ المرأةَ احتراماً لا نظيرَ له، ويثقُ فى قدراتها وعطائها، ويُسنِدُ لها المهامَّ الكبيرةَ والمسئولياتِ الجليلةَ، ويدعمها دعماً مخلصاً هى بحاجةٍ شديدةٍ إليه، ولولا هذا الدعمُ والتشجيعُ لما كان للمرأةِ الأزهريَّةِ هذا الحضورُ الذى نلمسه.

  وما كان مؤتمر المرأة الذى دعا إليه فضيلة الإمام الأكبر ودَعَمَهُ دَعْماً كاملاً، وقامت به كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، إلا أكبر دليل وأصدق شاهد على اهتمام فضيلته بقضايا المرأة والوقوف بجانبها؛ لتحصل على كامل حقوقها التى كفلها الشرع لها وتؤدى دورها فى خدمة المجتمع والنهوض به.

طباعة
كلمات دالة: الإمام السند
Rate this article:
3.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.

الموضوع السابق #الإمام ـ السـند .. د. مايا مرسى رئيس المجلس القومى للمرأة لـ "صوت الأزهر": دور الإمام الطيب فى دعم قضايانا فخر للجميع
الموضوع التالي نعيد نشر وثيقة الأزهر الداعمة لحقوق المرأة







حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg