| 19 أبريل 2024 م

الإمام السند

د. إلهام محمد شاهين.. تكتب: بيان الأزهر يرفض لوم الضحية

  • 16 سبتمبر 2018
  • الكاتب: Hussien Farouk
  • عدد المشاهدة: 1866
  • 0 التعليقات
د. إلهام محمد شاهين.. تكتب: بيان الأزهر يرفض لوم الضحية

بيان الأزهر ضد التحرش والذى اثار حواراً مجتمعياً كبيراً وأبدى الجميع اهتماما به فى الداخل والخارج، من المؤيدين للأزهر، ومن المعارضين له، أتى البيان  تتويجا لكثير من المواقف السابقة للأزهر فى مؤازرة المرأة، وحث المجتمع على تأدية حقوقها، وتأكيد احترامها، وتقديس دورها فى الحياة وقد سبق البيان منذ عدة أشهر أن صدر عن مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية فى الكبسولات الشرعية على موقعه بالإنترنت موضوع التحرش بعنوان (التَّحَرُّشُ.. أسبابه- وسُبل مواجهته).

وكان مما جاء فيه «ومن القيمِ التى دعا إليها الإسلامُ، وحَثَّ عليها النبيُّ عليه الصلاة والسلام: أن يحترمَ الإنسانُ أخاه الإنسان، فلا يُسىء إليه بقول أو فعل، كما بيَّن الإسلامُ أن لكل إنسان حُرمةً يجب ألا يتعدَّاها أحدٌ؛ ولهذا كان من الأصول التى جاءت الشريعة لصيانتها: العِرض.

والأعراضُ لها حساسيةٌ خاصَّةٌ؛ لذا أحاطها الشرع بالصيانة، وجعل عقوبة منتهكيها قاسيةً، ولو كان التعدِّى عليها بكلمةٍ كاذبة؛ حتى ينتشرَ بساطُ الأمنِ والأمانِ على المجتمعِ كلِّهِ.

وإنَّ نظرةً إلى الواقع لتضعُ أيديَنا على جرحٍ كبيرٍ يستوجب العلاجَ الحاسمَ وهو التحرُّشُ الجِنْسِيُّ، هذا السُّعَار المحمومُ المذمومُ الذى ينتشرُ فى كثيرٍ من المجتمعات، ويبعث الألمَ فى النفوس، ويبُثُّ الحزنَ فى القلوب».

أما مجمع البحوث الإسلامية فقد أطلق  حملة توعوية موسعة لمواجهة ظاهرة التحرش كإحدى الظواهر الخطيرة التى تثير الفتن فى المجتمع وتتنافى مع القيم المجتمعية العليا، حيث ينتشر أعضاء الحملة فى جميع قرى ومدن ومحافظات الجمهورية.

تلك الحملة  تأتى فى إطار خطة المجمع التوعوية لمعالجة السلبيات والمشكلات المجتمعية التى تهدد استقرار الأسر كما  تلقى الحملة الضوء على حرمة التحرش فى الإسلام، ومخاطر هذه الظاهرة على جميع أفراد المجتمع؛ من ضياع للأمن والأمان والقيم والأخلاق، وكيفية مواجهة ظاهرة التحرش والمتحرشين ونبذ المجتمع لهم.

وقد سبق كل ذلك إعلان فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر  لعام 2017 (عام تكريم المرأة)

ودعماً لقضايا المرأة أكد فضيلة الإمام الأكبر، فى مقاله الأسبوعى بصحيفة «صَوت الأزهر» والذى جاء تحت عنوان: «شَقَائِقُ الرِّجَال.. المرأةُ.. ودعم مسيرة التَّطوير»، أنَّ المرأةَ فى شريعةِ الإسلامِ شريكةُ الرَّجلِ فى الحُقوقِ والواجباتِ، وأن الإسلامُ هو أوَّل نظامٍ فى العالمِ حرَّر المرأةَ مِن جميع الأغلالِ والقُيودِ الظَّالمةِ الَّتى كانتْ عليها، وذلكَ لأنَّ ظلمَ المرأةِ وتهميشَ دَوْرِها كانَ جُزءاً مِن طبيعةِ النِّظامِ الاجتماعيِّ قبلَ الإسلامِ، فَجاء الإسلامُ ليَقفَ بجوارِ المرأةِ: أماً وأختاً وبنتاً وزوجةً، ويَضْمَنَ لها جميعَ حُقوقِها، معتبراً أنَّه مِن الخطأ النَّظر إلى أنَّ بعضَ ما تُعانيه المرأةُ الشرقيَّة من تهميشٍ إنَّما هو بسبب تعاليمِ الإسلام، فهذا زَعْمٌ باطلٌ، والصحيح أنَّ هذه المعاناةَ إنَّما لحقتْها بسبب مخالفةِ تعاليمِ الإسلام الخاصَّة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقةٍ وأعرافٍ باليةٍ لا عَلاقةَ لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليدِ على الأحكام المتعلِّقة بالمرأة فى الشريعةِ الإسلاميَّة».

ثم كان البيان الذى أظهر للعالم كله موقف الأزهر الواضح والصريح من قضية التحرش لينصف الضحية التى غالبا ما يتم تحميلها وزر الجانى وإشراكها فى الجريمة المرتكبة بحقها  عن عمد أو بلا عمد فيما يعرف عالميا بلوم الضحية  Victim Blaming

وهو مصطلح يقصد به إلقاء اللوم على الضحية عندما تكون ضحية جريمة أو أى فعل غير مشروع وتحميل الضحية المسئولية كليا أو جزئيا عن الضرر الذى لحق بها، كما يعرف بأنه أيديولوجيا تستخدم لتبرير العنصرية والظلم الاجتماعى ضد الطرف الأضعف.

 ومن هنا جاء البيان ليرفض كل تلك الممارسات المجتمعية الظالمة ضد المرأة ويؤكد على تضامنه مع كل ما يوفر لها الحماية ووجوب تحقيق عنصر الأمن والأمان فى المجتمع لكل أفراده على السواء.

فكان أن أتى بيان الأزهر بإظهار الحكم الشرعى فى التحرش بوضوح شديد، حينما أعلن أن  التحرش تصرُّف محرَّم شرعاً وسلوك مدان بشكل مطلق ولا يجوز تبريره، وقد جاء البيان كتفاعل إيجابى ضد سلبيات شديدة الخطورة ظهرت فى المجتمع فى الآونة الأخيرة من حوادث تحرش، وصل الأمر فى بعضها إلى حد اعتداء المتحرش على من يتصدى له أو يحاول حماية المرأة المتحرش بها، وذلك مما تداولته وسائل الإعلام وشاركته بصورة كبيرة وتفاعل معه الناس عبر وسائل التواصل الإعلامى.

كما سعى البيان لتحميل المتحرش المسئولية كاملة لجرمه الذى يرتكبه فى حق المرأة والمجتمع كله وذلك حينما رفض البيان أن

 جعل ملابس الفتاة أو سلوكها مبرراً يُسوغ للمتحرش جريمته النكراء، أو يجعل الفتاة شريكة له فى الإثم.

لأن الملابس والهيئة والزمان أو المكان ليس منهم مبرر لفعل الفاحشة، لأن الله تعالى جعل الشمس والنور والهواء والماء وكل أسباب الحياة للمؤمن به وللكافر به على السواء وللطائع والعاصى فكيف يريد الإنسان أن يجعل الأمان من شروره والوقاية من تحرشه وإيذائه حكرا على بعض الناس دون بعض؟ وأكدت الأحاديث ذلك فعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» رواه أحمد فى مسنده (ج2ص379ر8918).

وفى هذا السياق، شدد الأزهر الشريف على أن التحرش - إشارة أو لفظاً أو فعلاً- هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعاً، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع، يقول تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً» (الأحزاب: 58).

ولذا أكد الأزهر الشريف أن تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقاً ومجرداً من أى شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما فى التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلاً عما تؤدى إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات.

    والمرأة تحظى باحترام شديد فى الإسلام ويجب أن يظهر هذا فى التعامل معها وفيما أمر الله به من حرمتها ونحن فلمسه  بالفعل واضحا فى كثير من الدول العربية والغربية.

ولذا لفت الأزهر الشريف إلى أن تحضر المجتمعات ورقيها إنما يقاس بما تحظى به المرأة من احترام وتأدب فى المعاملة، وبما تتمتع به من أمان واستقرار وتقدير، فعندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم التدليل على علو شأن الإسلام واستقرار أركانه، اتخذ من شعور النساء بالأمن مؤشراً على ذلك، فجاء فى الحديث الصحيح: «لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ (المرأة المسافرة) تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ (موضع قرب الكوفة)، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ».

 وقد حمل الأزهر فى بيانه كل جهة ومؤسسة مسئوليتها تجاه هذه القضية ومن أجل التعاون لحماية المرأة فكان أن دعا فى البيان إلى تفعيل القوانين التى تجرم التحرش وتعاقبه على فعله، كما يدعو المؤسسات المعنية إلى رفع الوعى المجتمعى بأشكال التحرش وخطورته، والتنفير من آثاره المدمرة على الأخلاق والحياء، خاصة التحرش بالأطفال، وتكثيف البرامج الإعلامية لتعريف المواطنين بما يجب عليهم من تصرُّفٍ حال وقوع حادثة تحرش، وبما يردع المتحرش ويوفر الحماية للمرأة أو الفتاة المتحرش بها، كما طالب البيان  وسائل الإعلام بتجنب بث أى مواد تروج للتحرش أو تظهر المتحرش بأى شكل يشجع الآخرين على تقليده.

طباعة
كلمات دالة: الإمام السند
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.

الموضوع السابق نعيد نشر وثيقة الأزهر الداعمة لحقوق المرأة







حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg