| 29 مارس 2024 م

زواج القاصرات

عماد الدين حسين.. يكتب "بالمنطق": كيف نواجه الزواج المبكر للفتيات؟

  • | الأربعاء, 11 أكتوبر, 2017
عماد الدين حسين.. يكتب "بالمنطق": كيف نواجه الزواج المبكر للفتيات؟
عمادالدين حسين

إلى أن تكون هناك قوانين رادعة وقيم سائدة تمنع زواج الفتيات فى سن مبكرة، قبل ١٨ عاما فإن المؤسسة الدينية بكل أجهزتها يمكنها أن تلعب دورا مهما فى مقاومة هذه الظاهرة التى صارت تمثل تهديدا مجتمعيا خطيرا.

مناسبة هذا الكلام البيانات والأرقام التى سمعناها صباح السبت الماضى خلال إعلان التعداد السكانى العام فى مصر، حيث قفز عدد السكان إلى أكثر  من ١٠٤ ملايين نسمة داخل وخارج البلاد.

بيانات التعداد كشفت عن أن الذكور فى مصر ٥١٫٦٪ والإناث ٤٨٫٨٪، وبلغت أعلى نسبة للمتزوجين فى محافظتى البحيرة ومطروح ٧٤٪ والفيوم ٧٢.٩٪، أما أعلى نسبة لغير المتزوجين فكانت فى القاهرة وأسوان والأقصر بنسبة ٣٠٪.

ومن البيانات الخطيرة جدا أن هناك  ١١٨٩ سيدة مطلقة، وكذلك ١٠٢٣ أرملة تحت 18 سنة هناك. وهناك تقديرات بأن ٤٠٪ من حالات الزواج تحت السن القانونية.

خلال  إعلان أرقام التعداد طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بأهمية الوقوف على دلالات الأرقام وقال: «كيف نحمل بنت» عمرها ١٢ عاما مسئولية زواج وبيت.. انتبهوا لأولادكم وبناتكم، لأننى يؤلمنى ذلك، ويؤلم أى إنسان لديه ضمير، أنا باتكلم على بنت عندها ١٢ سنة وفوجئت أن فيه منهم أرامل ومطلقات.. قد ايه احنا قاسيين على أهلنا وأولادنا».

 والسؤال كيف وصلنا إلى حالة يكون فيها لدينا أرامل ومطلقات أقل من ١٨ سنة؟. من هو المسئول الذي  يفترض أن نلومه؟!.

المتهم ليس شخصا واحدا أو جهة واحدة، لكنها حكومات متعاقبة، وحالة مجتمعية تتكرس يوما بعد يوم.

حينما تقوم أسرة  بتزويج ابنتها وسنها ١٢ عاما أو أقل، أو حتى تحت سن 18عاما، فهم لا يريدون تحدى المجتمع، كما لا يدركون أنهم يرتكبون جريمة بحق القتاة، هم يفعلون ذلك، لأن المجتمع يسمح بهذا الأمر.

والسؤال كيف وصلنا لهذه الحالة؟!

السبب الأول: هو انهيار وتراجع منظومة التعليم، فهى عندما لا تدمج كل البنات فى العملية التعليمية، أو تسمح بتسرب البنات الصغيرات من التعليم، لا يكون هناك شاغل وهم أمام الأسرة إلا تزويج هذه البنت التى تتحول فى نظر الأسرة إلى «قنبلة موقوتة ينبغى نزع فتيلها بأسرع ما يمكن قبل أن تنفجر داخل المنزل»!!!.

السبب الثانى: هى الأسرة التى تزوج بنتها فى عمر الـ١٢ عاما، وأغلب الظن أيضاً أنها غير متعلمة، لأنها لو تعلمت فستحرص على أن تعليم البنت، حتى لو حصلت فقط على إحدى الدبلومات الفنية، لأنه وقتها سيكون عمرها ١٨ عاما.

السبب الثالث: هو القيم المجتمعية التى تنظر للفتاة باعتبارها عورة ينبغى سترها بالزواج، تطبيقا لمثل: «زواج البنت سترة»، وهم لا يعلمون أن صغر سنها وعدم إدراكها سيكون سببا أساسيا فى بيت محطم وحياة أسرية مفككة وإنجاب أطفال مشوهين نفسيا قد يكررون مأساة أمهم الصغيرة، أو أن ينتهى الأمر بطلاق فتاة وهى تحت سن ١٨ عاما.

تقول أرقام التعداد السكانى الجديد إن هناك ٩ ملايين طفل نتيجة حالات الطلاق فى مصر التى تزيد عن ٤٠٪ من عدد المتزوجين.

السبب الرابع: هو وسائل الإعلام إلى لا تقوم بدورها كما يجب فى تصميم رسائل إعلامية تصل إلى من يهمه الأمر من جمهور القراء والمشاهدين والمستمعين لتوعيتهم بخطورة هذه الظاهرة.

السبب الخامس: هو تقصير الدعوة الدينية سواء كانت مساجد أو كنائس فى إقناع الناس بعدم تزويج الفتاة إلا عندما تعقل وتنضج وتكبر وليس فقط عندما «تبلغ».

يفترض أن هناك دورا فى غاية الأهمية للأئمة والدعاة والخطباء فى المناطق التى تنتشر فيها هذه الظاهرة، خصوصا فى بعض المناطق النائبة أو الحدودية أو الشعبية.

للأسف هناك مفاهيم مغلوطة لدى كثيرين بأن الإسلام يشجع على «الزواج المبكر جدا للفتيات»، دون النظر إلى كامل السياق. كما أن بعض ضعاف النفوس من المأذونين يتلاعبون فى سن الفتيات  فى شهادات الزواج، ويلجئون إلى حيل متعددة، فى هذا الأمر مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهؤلاء ينبغى أن تتم محاسبتهم بقوة، وكذلك تشديد عقوبة ولى الأمر التى تقتصر على السجن عامين وغرامة ٣٠٠ جنيه فقط.

السبب السادس: هو تراخى التشريعات عن ردع ظاهرة الزواج المبكر، أو عدم تفعيل ما هو موجود من قوانين وبالتالى فمن دون  تشديد التشريعات والعقوبات القانونية لحماية الفتيات الصغيرات من الزواج المبكر، فسوف تتزايد الظاهرة.

السبب السابع: هو المسئولية المباشرة للحكومات المتعاقبة، فهى ربما تتحمل الجانب الأكبر من المسئولية بحكم أنها متداخلة فى غالبية الأسباب، هى التى بيدها أن تطور التعليم وتمنع الفتيات من التسرب، وهى التى تمتلك غالبية وسائل الإعلام، وهى التى تعين الأئمة والخطباء، وهى التى تسن القوانين ويفترض أن تنفذها وتفعلها.

أن تتزوج فتاة فى سن ١٢ عاما أو حتى أقل من ١٨ عاما فهو أحد أهم عوامل انهيار الأسر، وبالتالى تهديد الأمن المجتمعى فى الصميم.. فهل من منتبه؟!!.

طباعة
كلمات دالة: زواج القاصرات
Rate this article:
2.8

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg