| 05 مايو 2024 م

سلام عليه يوم ولد

"معاً على الطريق.. محمد والمسيح" رسالتهما العناية بالإنسان وازدهار الحياة

  • | الخميس, 28 ديسمبر, 2017
"معاً على الطريق.. محمد والمسيح" رسالتهما العناية بالإنسان وازدهار الحياة

بدأ الكاتب خالد محمد خالد، فكرة كتابه «معاً على الطريق.. محمد والمسيح» بتصديره حديث النبى صلى الله عليه وسلم «أنا أولى الناسِ بِعِيسَى ابنِ مريمَ فى الدنيا والآخرةِ، ليس بَيْنِى وبينَهُ نَبِيٌّ، والأنْبياءُ أوْلادُ عَلَّاتٍ؛ أُمَّهاتُهُمْ شَتَّى، ودِينُهُمْ واحِدٌ»، مركزاً على الشطر الأخير وهو «والأنْبياءُ أوْلادُ عَلَّاتٍ؛ أُمَّهاتُهُمْ شَتَّى، ودِينُهُمْ واحِدٌ».

وربط الكاتب علاقات سقراط بالحديث عن المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام، لأنه كان يدعو الناس إلى استعمال عقولهم لمعرفة أنفسهم، وأن فى حياته معالم كثيرة جديرة بالتأمل، وأنه يناقش الناس فى كل شىء حول الآلهة والفضيلة والخير والشر والجمال، ويذكرنا بأثمن ممتلكاتنا وهى أنفسنا.

ويوضح المؤلف أن التعاليم الرشيدة والمواقف المجيدة فى طريق كل من المسيح عليه السلام ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أغراض وأهداف سعى لتحقيقه، ولم يكن ما سعيا إليه مجرد شعائر ومناسك وعبادات، فكانت رسالتهما الأكبر هى إنهاض الإنسان وإزهار الحياة،  حيث يقول لقد جاء المسيح ومثله رسول الله محمد كل منهما لينيرا الطريق للعالم كله.. فـالمسيح يقول «لقد جئت لأخلّص العالم»، وفى الوقت ذاته محمد صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله أرسلنى للناس كافة وأرسلنى رحمة للعالمين»، وهو ما حدث إذ تنتشر الديانتان المسيحية والإسلام اليوم فى الأرض كافة.

ويتساءل المؤلف، الإنسان بكل صفاته وتناقضاته وعظمة أمانته وأحواله، كيف تراءى لـ«محمد» و«المسيح»، وما نوع الواجبات التى حملاها تجاهه، وما الأغلال التى حطماها عنه؟ ما الانتصارات التى حققاها له؟ وسرد المؤلف أمثلة لبوذا وكونفشيوس، ومحاولاتهما لضبط السلوك وتعلم الإيثار للآخرين والحكمة حتى يخلصا الإنسان من بؤس الحياة التى يقاسيها.

وفى الصفحة الأولى من الكتاب نقرأ «الأنبياء أخوة، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد»، وفى المقدمة نقرأ «هذا ما أريده تماماً، أن أقول للذين يؤمنون بالمسيح وللذين يؤمنون بمحمد: برهان إيمانكم إن كنتم صادقين أن تهبوا اليوم جميعاً لحماية الإنسان، وحماية الحياة»، ويقول «فوق أرض فلسطين شهد التاريخ ذات يوم إنساناً شامخ النفس، مستقيم الضمير، بلغ الإنسان فى تقديره الغاية التى جعلته ينعت نفسه ابن الإنسان، وابن الإنسان هذا ذو العبير الإلهى تتركنا كلماته ويتركنا سلوكه لندرك إدراكاً دقيقاً الغرض العظيم الذى كابد لتحقيقه، ألا وهو إنهاض الإنسان وازدهار الحياة»، وفى صفحات الكتاب نقرأ أيضاً «هاهما فى ضياء باهر مقبلان عيسى ومحمد.. ابن الإنسان ورحمة الله للعالمين».

ويجيب على سؤاله بقوله: «أول ما يبهرنا فى عنايتهما بالإنسان، ذلك الترديد الممعن لاسمه، والحفاوة الصادقة به فالمسيح ينعت نفسه بأنه ابن الإنسان، حيث يقول (إن ابن الإنسان لم يأتِ ليهلك أنفس الناس بل ليُخلّص)، ويلخص لنا فلسفات المحبة ويتحدث القرآن الكريم عن الإنسان فيعطيه صفته الحقة كمحور لنشاط النبى وموضوع لرسالته (لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم)، (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان)، وكثير من الآيات التى ذكر بها لفظ الإنسان». ليعلنا وثيقة دروس البشرية فى رشدها لتكون تجربة الوحى فى قلبها ونور العقل فى رأسها.

ويقارن خالد محمد خالد، بين النبيين ليجد منهما ذات السلوك، فقال المسيح حين أحاط به لؤم الكهنة وكيد الكائدين «اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون ما يفعلون». وقال رسول الله محمد ودمه يتفجر تحت قسوة الحجارة التى يقذف بها من كل جانب «اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون». بل فيما ما يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم فى التعايش السلمى فى قوله عزو جل «قل يا أيها الكافرون لا أعبدما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبدولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولى دين».

ويتساءل المؤلف: أكانت هذه المشابهة عفو الصدفة أم هى ثمرة شىء يشبه القانون العام يصنع على هذا الطراز الجليل من الهداة؟ هؤلاء الهداة الذين يضعون الإنسان نصب أعينهم، فيسوع هو نفسه ابن الإنسان، ومحمد يخص فى دعوته الإنسان بالاهتمام مرتلاً الآيات الكريمة «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان»، ثم يسأل ألستم تجدون لتكرار كلمة إنسان سبباً وثيقاً من الحنان والبر ومن العناية والاهتمام، إن الإنسان هو موضوع رسالة محمد ورسالة المسيح.

ويمضى المؤلف فى المقارنة التى توحى بتشابه الرسالتين، صوت يسوع يأتى صارخاً فى البرية ليهز أسماع البشر جميعاً: «من له ثوبان فليعط من ليس له، ومن له طعام فليفعل هكذا، ولا تظلموا أحداً ولا تشوا بأحد». ويقول: «روح الرب مسحنى لأبشر المساكين وأرسلنى لأشفى منكسرى الخاطر». ومحمد كذلك يقول «اللهم أحينى مسكيناً وأمتنى مسكيناً واحشرنى فى زمرة المساكين». ويقول فى حديث شريف: «قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها من المساكين».

ويخلص المؤلف إلى أن محمداً ويسوع يدافعان عن المساكين والفقراء، ويعيشان عيشة المساكين والفقراء، ويرفضان معاً هؤلاء الحكام الذين ينهبون أقوات الشعب، والكهنة ورجال الدين الذين يبيعون دينهم بمال الدنيا.

ويذكرنا خالد محمد خالد، بآيات نزلت على محمد «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذى أوحينا إليك، وما أوصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه»،  ويذكرنا بضرورة احترام تفكير الإنسان، ويقول ذهب إلى رسول الله بعض أصحابه يشكون إليه أنفسهم ويبثونه مخاوفهم القاتلة من شكوك فى الله وفى صحة الدين،  فإذا هو يجيبهم متهللاً هل وجدتموه؟ يقصد هذا الشك سبيلاً لليقين ووسيلة للإيمان.

مصطفى هنداوي

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg