| 05 مايو 2024 م

سلام عليه يوم ولد

مصر وعائلة المسيح.. دار الملجأ والرعاية والحماية

  • | الخميس, 28 ديسمبر, 2017
مصر وعائلة المسيح.. دار الملجأ والرعاية والحماية

فرّوا من ظلم الملك هيرودس فى أورشليم إلى مصر بلد الأمن والأمان ثلاثة نفر، طفل صغير «المسيح» عليه السلام، وسيدة حملت ووضعت بقدرة الله «مريم» العذراء، ويوسف النجار، الذى يراه المسيحيون قديساً عظيماً نظراً لدوره فى حماية السيدة مريم وابنها عليهما السلام. وحلّت بركة العائلة المقدسة على أرض مصر منذ أن دخلوها، حيث اتخذت رحلتهم مسارات متعددة، فلم تكن سهلة، ومروا بالعديد من محافظات مصر، واستمرت مدة سنتين وبضعة أشهر.

يقول الدكتور كمال زاخر الباحث القبطى، إن رحلة العائلة المقدسة رصدها الكتاب المقدس والأناجيل فى وقت ميلاد السيد المسيح، لأنه فى هذا التوقيت كانت هناك نبوءات كثيرة تقول إن ملكاً سيولد فى هذه الأرض، وهذا الكلام وصل للملك الذى كان يحكم البلاد وقتئذٍ «هيرودس»، الذى انزعج للغاية عندما علم وشعر بأن عرشه فى خطر من هذا الملك المقبل، مضيفاً أن هناك مجموعة من العلماء مقبلون من أرض فارس أخبروا الملك بهذا الطفل، فطلب منهم أن يستكملوا رحلتهم للوصول إليه، ويرشدونه إلى مكانه ليتسنى له أن يزوره ويقدم له فروض الطاعة والولاء بما يستحق، طالما أن هذا الأمر بهذا الحجم.

وتابع زاخر: بعد ذلك وهم عائدون- حسب الإنجيل- يبحثون عن هذا الطفل ظهر لهم ملاك فى رؤية تخبرهم بعدم العودة إلى الملك مرة أخرى لأنه يريد بهذا الطفل شراً، وظهر الملاك ليوسف النجار قائلاً له: «إن الملك يطلب نفس الطفل، فاذهب إلى أرض مصر حتى يجد جديد». وأضاف أنه بالفعل اصطحب مريم والطفل فى رحلة شاقة للغاية، وخرجوا من هذا المكان قاصدين مصر، حيث وصلوا إلى سيناء ومنها إلى السويس ثم إلى الشرقية، ومروا على أماكن كثيرة رُصدت تاريخياً وتحولت إلى كنائس تؤرخ هذا الحدث، ثم أصبحت مزارات، وبعد ذلك اتجهوا جنوباً إلى أسيوط، وربما أكثر مكان مشهور بهذا الشأن «دير المحرق»، حيث توجد كنيسة باسم السيدة العذراء، وهى محل الزيارة من جميع أنحاء العالم.

وأوضح زاخر، أن المسيحيين من إثيوبيا الذين يخرجون للحج قاصدين القدس يعتبرون أن جزءاً من مراسم الحج فى زيارة دير المحرق، وأن الحج لا يكتمل إلا بزيارة هذا المكان، ولذلك يسمى هذا المكان القدس الثانية. كما أن العائلة المقدسة أخذت نفس المسار وهى عائدة، لأنه بعد سنتين وبضعة أشهر تقريباً ظهر الملاك مجدداً ليوسف النجار قائلاً له: «الذى يطلب نفس الطفل قد مات، ويمكن أن تعود مرة أخرى إلى أرض فلسطين»، وتستمر الحكاية كما رصدها الإنجيل فى حياة المسيح.

وأشار إلى أنه يتبع البابا فرانسيس بابا الفاتيكان من المسيحيين الكاثوليك نحو 2 مليار شخص فى أنحاء العالم، ولو استجاب حتى 1% سيكون جيداً بناء على دعوته الحج إلى مصر، ولكن ينبغى أن نتعامل مع الدعوة بجدية ومهنية، حيث يمكن أن تأتى دفعة أولى من المسيحيين للحج فى مصر ثم تعود تنصح الآخرين بعدم الذهاب لسوء الخدمة أو لاستغلال السائح أو التعامل بشكل سلبى، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتطلب جهداً مكثفاً من وزارات السياحة والثقافة والتربية والتعليم، حتى تؤسس لكيفية التعامل مع هذا الأمر.

من جهته، قال الدكتور سامح فوزى مدير مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية، إن زيارة العائلة المقدسة إلى مصر دون غيرها دليل على أنها حاضنة لهذه العائلة والرحلة، وهذا ما جاء فى الكتاب المقدس «مبارك شعب مصر»، و«من مصر دعوت ابنى»، وهذه كلها تعبيرات تفيد أن مصر بالنسبة للمسيحيين ليست فقط بلد زارته العائلة، ولكنها المكان الوحيد الذى زارته العائلة المقدسة خارج موطنها الأصلى فى فلسطين، ولم تخرج إلا إليه.

وأشار فوزى، إلى أن مسار العائلة المقدسة يعتبر مسار حج، وعندما جاء بابا الفاتيكان إلى مصر قال «جئت إلى مصر حاجاً». مؤكداً أن مصر لديها مقومات كاملة لجميع أنواع السياحة، وإحياء مسار العائلة المقدسة يعتبر إحياء للتنوع والتسامح فى مصر، وتذكير بالأمان الذى تمتعت به العائلة المقدسة فى مصر، موضحاً أن إحياء هذا المسار وتجهيزه بالدرجة الكاملة وتوفير خطوط المواصلات وتيسيره على من يريدون المضى فيه يحتاج إلى بنية أساسية ومجهودات ضخمة.

ولفت إلى أن هناك جهوداً كبيرة لإحياء مسار العائلة المقدسة فى مصر قبل دعوة بابا الفاتيكان، ولكنه أعطاها قوة ودفعة عظيمة بدعوته لإحياء المسار، وعقد العديد من المؤتمرات والندوات لإحياء المسار، وظهرت الكثير من الدراسات والأبحاث فى هذا الشأن، ولكن الدافع لإحياء المسار يكون نابعاً من نفوس المصريين نظراً لمكانة السيدة العذراء فى نفوسهم.

بدوره، قال يوحنا مكارى وكيل دير أبومقار بوادى النطرون، إن لمصر مكانة عظيمة فى نفوس المسيحيين، ويكفى أنه جاء لاجئاً يحتمى بأرض مصر من الملك الظالم الذى يطارده كى يقتله، فمصر البلد الذى ذكر فى الكتاب المقدس 697 مرة، وقال عنها السيد المسيح: «مبارك شعب مصر» فى الكتاب المقدس فى العهد القديم.

وأضاف مكارى، أن العائلة المقدسة فى رحلتها مرت على أكثر من 22 مكاناً، حيث بدأت الرحلة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق غرب العريش، ثم دخلت مصر عن طريق سيناء ثم السويس وبورسعيد، وتوجهت إلى محافظة الشرقية فى تل بسطا بالقرب من مدينة الزقازيق، ثم توجهت العائلة المقدسة للجنوب حتى وصلت مسطرد، ومن مسطرد انتقلت إلى بلبيس، بعدها عبرت العائلة المقدسة نهر النيل متجهة إلى سمنود، ثم إلى منطقة البرلس بكفر الشيخ حتى وصلت مدينة سخا، ومن ثم إلى وادى النطرون ثم إلى القاهرة، وعبرت نهر النيل متجهة ناحية المطرية وعين شمس، ثم بعد ذلك حلمية الزيتون، ومن ثم مصر القديمة ثم وصلت إلى منطقة المعادى، بعد ذلك ارتحلت إلى ناحية الجنوب حتى سمالوط بجبل الطير، ثم توجهت العائلة المقدسة إلى القوصية، ثم إلى جبل قسقام حيث يوجد الآن دير المحرق. وفى طريق العودة حرصت العائلة المقدسة على اتخاذ طريق آخر انحرف بها إلى الجنوب قليلاً حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة، ثم وصلت إلى مصر القديمة ثم المطرية ومنها إلى سيناء ثم فلسطين.

وأشار مكارى، إلى أن إحياء مسار العائلة المقدسة يعتبر تنشيطاً للسياحة، لأنه يعتبر أطول محور سياحى فى العالم.

نعمات مدحت

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg