| 18 أبريل 2024 م


19 فبراير, 2017

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يكتب: دعوة لاستعادة منظومة القيم

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يكتب: دعوة لاستعادة منظومة القيم

ـ لا ينبغى لرموز هذا الشعب الذين يقودون مسيرته التعليمية ونهضته الثقافية والفنية والإعلامية وغيرها أن يهوِّنوا من شأن الموروث الحضارى المدفون فى تراب مصر.

ـ ندرك جيدا أن هناك تحـديات صعبة وخطيرة تتطلب منا جميعا القيام بواجبنا تجاه هذه التحديات.. فهل نحن مستعدون لهذا التحدِّى؟

شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا كبيرًا وتآكلا للقِيَم بصورة مقلقة، نظرًا لِمَا تَعرَّض له المجتمع المصرى فى العقود الأخيرة من تغيُّرات اجتماعية أثرت تأثيرًا مباشرًا على منظومة القيم، وانعكست سلبًا على تماسك الشعب، وترنح كثير من القيم الاجتماعية الحاكمة لحركة المجتمع وسط ركام اللاوعى، وتاهت قيم عديدة حاكمة ، وانطمست معالمها، وانبهمت على قطاع عريض من شبابنا حتى أصبح لا يعلم عنها شيئًا، وأصبح الآباء والأبناء يعيشون فى جزر معزولة: لكلٍّ رؤيته وفلسفته وعالمه الخاص.

ولا سبيل إلى علاج هذه الأزمة المستحكمة إلا بعودة الوعى بالقيم الأصيلة، وفى مقدمتها القيم الإنسانية المشتركة، ولا مانع من استشراف قيم حديثة ترتبط بالجذور، وتدعم مناعة الشباب فى مقاومة الأعاصير التى تهب عليه من الشرق والغرب. 

وفى اعتقادى أنه لو قُدِّر لأديبنا الكبير توفيق الحكيم – رحمه الله - أن يعيش زماننا هذا فإنه لم يكن ليتردَّد لحظة فى المسارعة بتأليف كتاب أو مسرحية عن عودة القيم بعد أن ألَّف كتابًا عن "عودة الروح"، وآخر عن عودة الوعى.

إن شباب مصر الذى يبدو للعيان للوهلة الأولى وكأنه ضل السبيل، وتاهت الطريق من تحت قدميه، هو شباب ينتمى إلى بلد «له تاريخ حضارى ضارب فى جذور الأزمان والآباد، بلد عرك التاريخ وعركته القرون وصمد للغُزاةِ والطُّغاة والعابثين بقدْره، وقبَـرَهم فى تُرابه ومياه نيله»، وعلى أرضه شعب لا يُحسب تاريخه بعشرات السنين أو بمئاتها، بل بسبعة آلاف عام أو تزيد.

ولا ينبغى لرموز هذا الشعب الذين يقودون مسيرته التعليمية ونهضته الثقافية والفنية والإعلامية وغيرها، أن يهوِّنوا من شأن الموروث الحضارى المدفون فى تراب مصر، والكامن المستكن فى عروق شبابها ، ويظنون أنه تبدَّد وتلاشى إلى غير رجعة.

فهذا الموروث موجود بفعل قوانين الوراثة التى لا تتخلَّف، وهو جاهز ومستعد للعودة وللتجلِّى –من جديد- إذ وجد مَن يبعثه من مرقده، ويوقظه فى قلوب الشباب، شريطة أن يتعاون المسؤولون جميعًا – كل فى مجاله - على توفير الشروط اللازمة، والأسباب الحقيقية التى تبعث الشباب من جديد: عِلْمًا وعَمَلًا وثقافة ومسؤولية وتضحية، وتشعل فى نفسه جذوة الثقة والأمل والانتماء.

لقد دعا الأزهر الشريف بالتعاون مع الكنيسة المصرية لاجتماع تشاورى بمشاركة وحضور عدد من السادة الوزراء و نخبة متميزة من رجال الفكر والثقافة والصحافة والإعلام والفن والرياضة، وذلك لتبادل الأفكار والرؤى، والعمل بروح الفريق على تلمس الحلول وأقرب الطرق لبعث هذه القيم فى شباب مصر وشعبها.

إننا وإذ نطلق هذا المشروع الوطنى الهادف مع عددٍ من الغيورين من أبناء هذا الوطن .. فإننا ندرك جيدا أن هناك تحـديات صعبة وخطيرة، تتطلب منا جميعا القيام بواجبنا تجاه هذه التحديات.. فهل نحن مستعدون لهذا التحدِّى؟! أو أن التاريخ سوف يسجل فى دفاترنا أمر دون ذلك؟ لا قدر الله .

 

عدد المشاهدة (1645)/التعليقات (0)

كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.







حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg