| 26 أبريل 2024 م


17 سبتمبر, 2017

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.. يكتب: هل بقى للإنسانية ضمير؟!

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.. يكتب: هل بقى للإنسانية ضمير؟!

إن ما يَحْدُث اليَوْم لمواطنِى الرُّوهِينجا من المسلمين من إبادةٍ جماعيَّةٍ وتَهجيرٍ قَسْريٍّ، وعَجَزَ المُجتمع الدولى عن إنقاذهم مِمَّا يَعْلَمه الجميع ومِمَّا تنقِلَه لنا وسائل الإعلام وشاشات التِّلفَاز ومواقع التواصل الاجتماعى لهو فصل جديد من المآسى التى من المفترض أن يئن لها ضميرُ الإنسانيَّة إن كان قد بقى للإنسانية ضمير فى الشرق أو الغرب.

هذه المآسى التى لم تعد بيانات الإدانة والشَّجب والاستِنكَار تكفى لمواجهتها، خصوصاً مع ما يتابعه العالم من صورٍ مفزعةٍ ومروعة لأعمال القتل والتهجير، والحرق والإبادة الجماعية، والمجازر الوحشية التى راح ضحيتها مئات النساء والأطفال والشباب والشيوخ الذين حوصروا فى إقليم راخين فى ميانمار، وأجبرتهم السلطات هناك على الفرار من أوطانهم تحت ضغط هجمات وحشية بربرية، لم تعرفها البشرية من قبل، ومنهم مَن مات مِن ألم المشى وقسوة الجوع والعطش والشمس الحارقة، ومنهم مَن ابتلعته الأمواج بعد ما ألجأه الفرار إلى ركوب البحر.

مرة أخرى إن هذا المشهد الهمجى واللاإنسانى ما كان ليحدث لولا أن الضمير العالمى قد مات، ومات أصحابه، وماتت معه كل معانى الأخلاق الإنسانية، وصمتت بموته أصوات العدل والحرية وحقوق الإنسان صمت القبور، وأصبحت كل المواثيق الدولية التى تعهدت بحماية حقوق الإنسان وسلام الشعوب وحقها فى أن تعيش على أرضها، أصبح كل ذلك حبراً على ورق، بل أصبح كذباً لا يستحق ثمن المداد الذى كتب به.

وفى عَصْرِ الرُّقِى والمُنظَّمات الأُمَمِيَّة، والجمعيات العالمية لحقوق الإنسان، ومنظَّمات المجتمعات المدنيَّة والمواثيق الدولية، التى أخذت على عاتِقها حِمايَة البُؤسَاء والأطفال والعَجَزة والأرَامِل، وتعهَّدَت بتوفيرِ مُقَوِّمات الأمن والأمان للنَّاسِ؛ تبيَّن أن أغلَب هذه المؤسَّسَات فى وادٍ، والدِّماء والجُثَث والأشْلَاء وصراخ الأطفال ودموع اليَـتامَى وأنين الثَّكَالى فى وادٍ آخر.

ونكرر أننا على يقين من أن هذه المنظمات العالمية كانت ستتخذ موقفاً آخر مختلفاً، قوياً وسريعاً، لو أن هذه الفئة المستضعفة من المواطنين كانت يهودية أو مسيحية أو بوذية أو من أتباع أى دين أو مِلَّة غير الإسلام.

إن الأزهر الشريف الذى سعى من قبل بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لتجميع الفرقاء المتصارعين وتقريب وجهات النظر المتصارعة فى راخين حين استضاف، فى بداية هذا العام بالقاهرة، عدداً من القيادات الشابة يمثلون كافة الأديان والعرقيات فى ميانمار، للبحث عن السلام للجميع، يجدد ويؤكده التزامه بدعم المستضعفين فى بورما انطلاقا من مسئوليته الدينية والإنسانية، والتزامه برسالته العالمية، ويجدد مطالبته كافة الهيئات والمنظَّمات الدولية وجمعياتِ حقوق الإنسان فى العالَم كُلِّه أن تقوم بواجبها فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه المجازر وتعقُّب مرتكبيها.

إن الصرخة إلإنسانية المدوية التى أطلقها الأزهر ستظل تدوى حتى تعود السلطات الحاكمة فى ميانمار إلى الرشد والصواب، وتتوقُّف عن سياسة التمييز العنصرى والدينى بين المواطنين.

ويجدد الأزهر لإخواننا فى بورما العهد ونقول لهم: نحن معكم ولن نخذلكم.. والله ناصرُكم.

عدد المشاهدة (2687)/التعليقات (0)

كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.







حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg