| 07 مايو 2024 م

نبي مكارم الأخلاق

الغيرة على محارم الله

  • 18 نوفمبر 2018
الغيرة على محارم الله

قال د.محمد مأمون ليلة المدرس المساعد بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، إن من صفات المؤمن الحق الغيرة، «إن الْمُؤْمِن يَغَارُ، وَاللهُ أَشَدُّ غَيْراً، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ»، كما ثبت فى الأحاديث الصحاح.

وتابع، الغيرة تدفع إلى الحفاظ على الدين وخدمته، والقيام به والذب عنه، وتقديم كل رخيص وغالى من أجله، وأن تكون حياة المرء كلها له، كما أنها تدفعه إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بحكمة، والنصيحة باعتدال، والجود والانصاف، والرحمة والإحسان، فيصير المرء فى النهاية إنساناً يترقى فى مدارج الكمال، ويتخطى بها غوائل النفس وطرقها الوعرة. ولنا أسوة فى سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقد كان شديد الغيرة إذا انتهكت محارم الله تعالى أمامه، قال صلى الله عليه وسلم: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَ الله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَالله أَغْيَرُ مِنِّى». وقالت أم المؤمنين عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِماً، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِى سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وكان حكيماً فى التعامل معها، يحسن الظن، ويفهم الأمور على ما هى عليه، ويصارح بسبب غضبه، أو يُرى فى وجهه، حتى إذا عرف سبب الأمر هدأ ونصح ووجّه، ومن أمثلة ذلك: غيرته على أهله لما دَخَلَ ذات مرة على عائشة، وَعِنْدها رَجُلٌ قَاعِدٌ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَأَت الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ، فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ: فَقَالَ: «انْظُرْنَ إِخْوَتَكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». كما كان من غيرته أن يعدل الأمور ويوجهها نحو الصواب، ولهذا لما كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَه ذات يوم، وجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، وجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ. كما كان - صلى الله عليه وسلم- يراعى مشاعر شديدى الغيرة، ويحفظ لهم قلوبهم، ولهذا لما رأى أسماء بنت أبى بكر - رضى الله عنها - ذات يوم، وقد جاءت من أرض زوجها، حاملة النوى على رأسها من مسافة بعيدة، ومعه نفر من الأنصار؛ دعاها لتركب خلفه رحمة بها، فاستحيت أن تسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ذلك وقدّره فمضى. ولما ضربت أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها- الصحفة، فانفلقت، أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم- يجمع فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذى كان فيها، ويقول: «غارت أمكم». بل وكان يحفظ قلوبهم حتى فى المنام، فقد رأى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى المنام أنه دخل الجنة، وَرَأَى قَصْراً بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لِعُمَرَ، فَأَرَاد أَنْ أيدْخُلَهُ فَينْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَة عمر - رضى الله عنه- فلم يدخله. كما دفعت الغيرة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وقيادة الغزوات، والنصيحة والتغيير، ومشاركة المجتمع وتعليمه.

طباعة
الأبواب: متابعات

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg