عن الهيئة

 

 

دخلت نظم التعليم في الأزهر في عام 1329ه/ 1911م طورًا جديدًا، من حيث نظم التعليم والدراسة والتوسع في العلوم الحديثة والعصرية، إلا أن أبرز ما اشتمل عليه القانون رقم 10 لسنة 1911م هو تشكيل هيئة من كبار علماء الجامع الأزهر تحت مسمى " هيئة كبار العلماء "؛ لتتفرغ لدراسة أمهات الكتب في العلوم القديمة، فتسير في دراستها بالطريقة القديمة في التدريس، أي أسلوب الحلقات، ولا تتقيد بشئ مما تقيدت به الدراسة في النظام الحديث، لتجعل من الأسلوب القديم نمطًا يُحتذى به ويعتمد عليه فى إحياء القديم واستمراره بنفس أسلوب السلف مع اختلاف الإمكانيات والظروف()، فترتب على إنشائها تحقيق التوازن بين التطوير والتجديد ومواكبة روح العصر من جهة، وبين المحافظة على طرق الأقدمين في الشرح والدراسة والمحافظة على التراث من جهة أخرى.

وعن التعريف بالهيئة والغرض الرئيس من إنشائها كما أوضحته وحددته لجنة إصلاح الأزهر التي أُنيط بها إعداد مشروع القانون عام (1328هـ/1910م) : "أن هيئة كبار العلماء ركن مهم من أركان الإصلاح في الأزهر، بل والذروة التي يجب بلوغها منه؛ ليعود إليه أولئك الفقهاء المحققون، والمحدثون الثقاة، والمفسرون المطلعون، واللغويون البلغاء، والمؤرخون الصادقون، وأهل الإصلاح والتقى ...، إن هيئة كبار العلماء هى التي يرجى منها أن تكون تاج الجامعة الأزهرية، ومن أهلها أن يكونوا أساطين العلم، وحُفَّاظ الشريعة، ومقومي لغة القرآن، لتركن الضمائر الواجفة إلى عملهم، وتهدأ النفوس الراجفة بهديهم وإرشادهم، وتطمئن قلوب المؤمنين بقيامهم حفاظًا لليقين، وحراسًا على شريعة النبي الأمين "()، أي إيجاد فئة من علماء الأزهر المتخصصين في مختلف العلوم الشرعية والعربية يُرجع إليهم دون غيرهم في المسائل التي تتعلق بتلك العلوم()، وبهذا أصبحت الهيئة منذ إصدار القانون هي المرجع الرئيس الذي يوكل إليه في كل ما يختص بالعلوم الإسلامية.  

 

تشكيل الهيئة 

أفرد القانون نمرة 10 لسنة 1911م بابًا خاصًا بـــ " هيئة كبار العلماء "، متناولًا فيه ما يتعلق بتلك الهيئة من الأحكام والضوابط، بأن تتألف من ثلاثين عالمًا متخصصًا يمثلون المذاهب الفقهية الأربعة (الأحناف وأن يكون عددهم أحد عشر عالمًا، الشافعية وأن يكون عددهم تسعة علماء، المالكية وأن يكون عددهم تسعة علماء، الحنابلة وأن يكون عددهم عالم واحد)، ووضع شروطًا خاصة بمن يكون عضوًا فيها، وما لها من المهام والاختصاصات، وأن يكون تعيين أعضائها بإرادة سنية(). 

 

كما نص القانون على أن يُعين لكل عالم من الهيئة " كرسي" ومكان خاص به داخل الجامع الأزهر لتدريس العلم المُكلَف به من العلوم الآتية:

(أ) الفقه وأصول الفقه.                 

(ب) الحديث ومصطلح الحديث.

(ج) تفسير القرآن الكريم.   

(د) علوم اللغة العربية.

(ه) التوحيد والمنطق.    

(و) التاريخ والسيرة النبوية والأخلاق الدينية().

 

أما عن الشروط التي أوجب القانون توافرها فيمن يُنتخب كعضو في "هيئة كبار العلماء" فكانت كالآتي:

 

أولًا: ألَّا يكون سنه أقل من خمس وأربعين سنة. 

ثانيًا: أن يكون قد مضى عليه وهو مدرس في الجامع الأزهر والمعاهد الأخرى عشر سنين على الأقل، منها أربع على الأقل في القسم العالي. 

ثالثًا: أن يكون قد ألَّفَ كتابًا في أحد العلوم المذكورة، وأن يكون قد مُنح جائزة علمية تدل على تميز الكتاب ونفعه لطلاب العلم. 

رابعًا: أن يكون معروفًا بالورع والتقوى وليس في ماضيه مايُشين سمعته().

وتنفيذًا لهذا القانون اجتمع مجلس الأزهر الأعلى في جلسته التي عقدت في 7 شوال 1329ه/ 30 سبتمبر 1910م، للنظر في اختيار المرشحين لعضوية هيئة كبار العلماء، وقد وقع الاختيار على ثلاثين عالمًا، وأرسل بأسمائهم إلى مجلس النظار لعرضها على الخديو لاستصدار أمر عال بتعيينهم()، فصدرت الإرادة السنية بتشكيل الهيئة في 6 ذي القعدة 1329ه/ 28 أكتوبر 1911م، وذلك من العلماء الآتي ذكرهم