اللاجئون

 

16 أكتوبر, 2017

أطفال سوريا بين اللجوء والفقر

     لا شك أن الأطفال السوريين هم أكثرُ فئةٍ تأثرت بالحرب السورية المستمرة منذ ما يقرب من ست سنوات تقريبًا.
ووَفْقًا للأرقام والإحصاءات التي ذكرتها "منظمة اليونيسكو"؛ فإن هناك ثلاثة ملايين طفل سوري ظُلموا بسبب الحرب، ما يقرب من مليون منهم يعيشون في تركيا مع أسرهم التي انتقلت إلى هناك بسبب الحرب، وهذا الرقْم يجعل تركيا أكثرَ دولةٍ في العالم بها أطفالٌ لاجئون.
ويُضطر هؤلاء الأطفال إلى العمل لمساعدة أسرهم وكسْب قوت يومهم؛ ففي مدينة "أضنه" التركية يقيم اللاجئون في مخيّماتٍ ذاتِ حالةٍ سيئة أو في منازلَ آيلةٍ للسقوط، ويعمل الأطفال في بيع المناديل وزجاجات المياه عند إشارات المرور، متحمّلين حرارة الصيف وبرودة الشتاء، في الوقت الذي يلعب فيه أقرانهم ويتنزهون في الحدائق ويتعلمون في المدارس.
وكثيرًا ما ناشَد "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" حكوماتِ العالَم وشعوبَه والمنظماتِ المعنيّةَ أن يهتموا باللاجئين، ويُنَحّوا لغةَ السياسة والمصالح في التعامل معهم؛ لأن قضيتهم قضيةٌ إنسانية في المَقام الأول.
ولم يكن الأطفال السوريون في  وطنهم أسعدَ حظًّا ممن هربوا منها، إذ يتعرضون هم الآخَرون لما هو أسوأ من ذلك، فهم يعيشون مع أُسرهم حياةً صعبة لا تَقِلّ صعوبةً وسوءًا عن حياة اللاجئين في الخارج بل ربما تزيد، إذ يعيشون في مخيمات في المناطق الآمنة على الحدود والتي تمّ إنشاؤها نتيجةً لمفاوضات "آستانه" بين تركيا وروسيا وإيران، وكثيرًا ما تابَع "مرصد الأزهر" أحوالَهم وناشَد العالَم ومنظماتِه من أجل مساعدتهم.
ومن السوريين مَن يعيش في قلب سوريا بين العمليات الإرهابية من ناحيةٍ والفقر والعَوَز من ناحيةٍ أخرى، في بيئةٍ ليست صالحة لنموّ الإرهاب وتطوره فحسب، بل أيضًا للتجارة في البشر وخصوصًا الأطفال، حيث الاستغلال وموت الضمير، فهناك أناس لا رحمة في قلوبهم، ولا وازع ديني يَكبَح جِماحهم، وجُلّ ما يفكرون فيه هو مصلحتهم، وماذا سيستفيدون، وما العائد المادي الذي سيربحونه، أيًّا كانت ضحاياهم.
من بين هؤلاء تشكيلٌ عصابيٌّ إجراميٌّ تَخَصّص في استئجار الأطفال من العائلات السورية الفقيرة ونقْلهم إلى تركيا، وإجبارهم على التسول وبيْع المناديل، وإرسال نقودٍ شهرية إلى أسرهم مقابل هذا العمل.
وقد ذكرت جريدة "سوزجو" التركية أنه تم القبض على اثني عشرَ شخصًا سوريّ الجنسية، هم أفراد هذا التشكيل، والذين كانوا يقيمون في حيّ "كوتشو كتشكمجه" في "استانبول"، ومعهم الأطفال، وقد تمّ في هذه العملية تحريرُ 36 طفلًا سوريًّا، واكتُشف بعد ذلك أن التشكيل العصابيّ يرسل 1000 ليرةٍ شهريًّا لأسرة كلِّ طفل.
كما ذكرتْ الجريدةُ نفسُها نقلًا عن جريدة "التايمز"؛ أن الفتيات الصغيرات والشابّات اللاتي هربْنَ من سوريا ولجأْنَ إلى تركيا يتزوّجْنَ من رجالٍ كبار في السن، مقابلَ خمسة أو ستة آلاف ليرة.
يقول شخص يُدعى "أبو جعفر"، يعمل "سمسار نساء": إن الفتاة الجميلة قد يصل ثمنها إلى إحدى عشرةَ ألف ليرة، وأوضَح أن هذه الزيجات تكون في السر وخارج إطار القانون الذي يمنع تعدُّد الزوجات، وأن خمسين في المائة من "الزوجات الأطفال" يتعرضن للعنف.
هذه حوادثُ تَقشعِرّ منها الأبدان، ويقف الإنسان مُستغربًا أمامها، ولا يدري ماذا يقول، لكنه واقعٌ لا مَفَرَّ ولا مَهْرَبَ منه، ويجب على العالم العربي والإسلامي مواجهته، وإيجاد حلول له، مع وضْع حلولٍ للأزمة السورية سريعًا؛ لأن المآسيَ الإنسانية التي يتعرّض لها الشعب السوري تزداد باستمرار، وكل يوم نكتشف مأساةً جديدة، تجعلنا نشعر بأن سابِقَتَها كانت ألطفَ وأَخَفَّ منها بكثير.
حفظ الله سوريا، وأعاد إليها الأمن والسلام والرخاء.

 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.