اللاجئون

 

14 فبراير, 2022

أجساد تئن وضمير غائب .. اللاجئون في مرمى تغير المناخ

 

     لطالما كان المناخ عاملًا مهمًا في نشأة الحضارات واستقرار الأمم  -فعلى سبيل المثال- في الحضارة المصرية القديمة بحث الإنسان عن استقراره بجوار نهر النيل وساعده مناخ مصر المعتدل على تأسيس حضارة عريقة امتدت إلى آلاف السنين قائمة على الزراعة والتجارة وغيرهما مما تجود به الأرض، إلا أن عصرنا الحالي شهد تغيرًا واضحًا في المناخ نتيجة سنوات طويلة من الإهمال والفوضى والاستهتار بموارد تلك الأرض التي وهبنا الله عز وجل إياها لنعمرها لا لنفسدها، وهو ما أكده الله تعالى في قوله:  }وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً{ (البقرة:30)، وفي نفس الوقت حذر سبحانه من مغبة الإفساد في الأرض بالعديد من الآيات، مثل قوله تعالى: }وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ{ (البقرة:60)، وقوله أيضًا: }وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا{ (الأعراف:56). أما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة"، ففيه - أيضًا- حث واضح على الإعمار والتنمية وهما نقيض للإفساد وما يفعله الإنسان في وقتنا هذا.

وعن مخاطر تغير المناخ يطول الحديث إلا أن الجانب الإنساني يعد الأكثر تأثرًا من تداعيات ذلك التغير، ونقصد هنا "أوضاع اللاجئين" ممن دفعتهم النزاعات المسلحة والحروب إلى الانتقال من أماكن استقرارهم إلى غيرها سواء داخل أوطانهم أو خارجها نضيف إليهم النازحين المتضررين من تغير المناخ بالفعل داخل أوطانهم خاصة في قارة إفريقيا، فالنزوح وتردي الظروف المعيشية سلاحان يضيقان الخناق على هؤلاء اللاجئين ويأكلان أجسادهم ببطئ. وبحسب ما أعلنته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن المخاطر الناجمة عن الظواهر الجوية القاسية مثل: هطول الأمطار بغزارة، والجفاف، والتصحر، وارتفاع منسوب مياه البحر، والأعاصير الموسمية، تتسبب بالفعل في ترحيل أكثر من 20 مليون شخص إلى مناطق أخرى في بلدانهم سنويًا.

هذا الرقم الذي يعبر جزئيًا عن حجم المشكلة الحقيقي يتناول فقط هؤلاء ممن نزحوا بسبب تغير المناخ دون من اضطرتهم الحروب والنزاعات المسلحة إلى النزوح حفاظًا على أرواحهم وأرواح ذويهم، ليصطدموا بواقع لا يقل خطورة وبؤسًا في خيام هشة لا تحميهم من عواصف البرد وأمطار الشتاء، ولا تلطف عليهم موجة الحر – التي أكدت الأمم المتحدة أن عام 2021 كان من بين السنوات السبع الأكثر حرًا على الإطلاق- والتي واجهوها بندرة ملحوظة من الماء والرعاية الصحية وجائحة شرسة هى كوفيد-19.

وكان "آندرو هاربر" مستشار المفوضية الخاص للعمل المناخي، قد سلط الضوء خلال مؤتمر الأطراف COP26 في غلاسكو على تأثير تغير المناخ على النازحين، مؤكدًا تسببه في تضخيم نقاط الضعف في العديد من المناطق التي تستضيف النازحين. كما قال المفوض السامي لشئون اللاجئين فيليبو غراندي، إن "النزوح القسري من بين العواقب البشرية الأكثر تدميرًا لتغير المناخ، ويظهر التفاوتات العميقة في عالمنا. الشراكة مع أولئك الذين يعانون بالفعل من آثار تغير المناخ، وخاصة أولئك الذين تم اقتلاعهم من ديارهم، أمر بالغ الأهمية لنجاح الحلول. لكنهم بحاجة إلى دعم دولي، وهم بحاجة إليه الآن."

أما  مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية، جيليان تريغز، فقد أكدت أن الأوضاع تفاقمت بسبب الفقر وعدم المساواة والتمييز وسوء الإدارة وآثار تغير المناخ، مشيرة إلى أن هذه الآثار كانت مضرة بشكل خاص للنساء والأطفال و12 مليون نازح قسريًا من ذوي الإعاقة.

جدير بالذكر أنه بحلول نهاية عام 2020، تم تسجيل نحو 82.4 مليون امرأة وطفل ورجل خارج ديارهم بسبب الصراعات والعنف وانتهاكات الحقوق – وهو ضعف العدد المسجل قبل عقد من الزمان –، ووفق المفوضية فإنه يوجد 48 مليون شخص داخل حدود بلدانهم، إضافة إلى 26.4 مليون شخص في الخارج كلاجئين.

ولعل مأساة الأم الأفغانية التي قطعت الجبال الحدودية بحثًا عن الأمان، لتصطدم ببرودة الشتاء وثلوج لم تجد أمامها لتدفئة طفليها سوى التنازل عن قطع من ملابسها، مستبدلة إياها بأكياس النايلون لتكتب نهاية لمشوارها في الحياة تاركة خلفها طفلين بلا عائل، قد سطرت بقصتها مأساة جديدة للاجئين في العالم أجمع بعد انخفاض درجات الحرارة الملحوظ عالميًا وعدم توفر إمكانيات مناسبة بأماكن اللجوء يمكن أن تحمي هؤلاء اللاجئين من هذه الموجة شديدة البرودة.

ليتكرر الأمر مع أطفال سوريين عصفت الثلوج بخيامهم الضعيفة في منطقة "قسطل مقداد" إثر عاصفة هبت على المنطقة في 18 يناير 2022، وأدت إلى تضرر 362 خيمة تأوي أكثر من 400 أسرة. إلا أن هذه الخسائر هى مقدمات لخسائر أخرى أكثر ضراوة فقد حذرت الأمم المتحدة من حدوث سيول عند ذوبان الثلج وهو ما ينذر بوقوع أضرار فادحة في الأرواح إذا لم يتم التدخل الفوري وإيواء هؤلاء اللاجئين ممن تعصف بخيامهم الرياح وأمطار الشتاء في أماكن أكثر أمنًا واستقرارًا.

أسرة "ماجدة" .. سطر آخر في مأساة اللاجئين السوريين

ففي خيمة تقع بسهل البقاع اللبناني يعلوها مشمع رقيق مثبت بإطارات قديمة للسيارات لحمايته من الضياع في ظل رياح قوية تضرب الخيمة من كل جانب، تعيش "ماجدة" (36 عامًا) أم سورية لأربعة من الأبناء على أقل القليل منذ اضطرارها لمغادرة سوريا عام 2014، تفاضل بين أبنائها عند المرض أيهم أشد مرضًا لشراء الدواء له لقلة ما تملكه من مال، ولسان حالها متى يشعر العالم بمعاناتنا؟! .. تجفف المراتب التي تعزلهم عن الأرض المبللة من أمطار الشتاء تحت أشعة الشمس الخجولة أملًا في التنعم بقسط بسيط من النوم والراحة في هذا الطقس السيء الذي يضرب المنطقة العربية ولكن هيهات وكأن المناخ بتقلباته وضيق الحال واللجوء كلها اتحدت لتزيد معاناة تلك الأسرة.

ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 9 من كل 10 لاجئين سوريين يعيشون حاليًا في الفقر الشديد فيما يعاني نصف اللاجئين من انعدام الأمن الغذائي في لبنان.

الروهينجا بين سندان اللجوء ومطرقة التغير المناخي

أما لاجئي الروهينجا لم يكن المناخ أقل قسوة عليهم من عمليات الإبادة التي ارتكبت بحقهم ودفعتهم للفرار خارج وطنهم ميانمار إلى بنجلاديش.

فعبر فتحات لم يستطع القماش أو الخيزران سدها تسللت مياه الأمطار التي ظلت تتساقط لعدة أيام متواصلة إلى خيمة "مهير خاتون" (60 عامًا) الواقعة بمنطقة "كوكس بازار" في واقع لأول مرة تعايشه منذ أربع سنوات هى المدة التي عاشتها في تلك الخيمة بعد فرارها من ميانمار مع أسرتها المكونة من ابنها وزوجته وحفيدها، وخلال ساعات قليلة وصل الماء إلى مستوى صدورهم ليتركوا خلفهم الخيمة وهم لا يملكون من حطام الدنيا سوى موقد وإسطوانة الغاز الخاصة به.

هذه الفيضانات والانهيارات الأرضية تسببت في تضرر أكثر من 21 ألف شخص من لاجئي الروهينجا ممن يعيشون في المناطق المخصصة للجوء بـ"كوكس بازار"، وقد لعب تغير المناخ دورًا واضحًا في هذه المعاناة، فخلال 24 ساعة فقط تساقطت الأمطار بمعدل أكثر من 300 ملم وهو ما يقرب من نصف متوسط هطول الأمطار لشهر يوليو في يوم واحد. ولم يتوقف الأمر على الخسائر المادية فقط بل امتدت إلى وقوع وفيات في صفوف اللاجئين. الأمر الذي حذرت منه مفوضية اللاجئين في بيان لها عقب هذه الأحداث: "الأحوال الجوية السيئة والانهيارات الأرضية والفيضانات الأخيرة تفاقم من المعاناة والاحتياجات الإنسانية الهائلة للاجئين الروهينغا في بنغلاديش".

وتعد بنغلاديش واحدة من البلدان الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، وقد أصبحت العواصف الاستوائية التي لطالما رافقت فترة الرياح الموسمية أكثر شدة، وهو ما يهدد حياة اللاجئين الروهينجا المقيمين في مخيمات "كوكس بازار" والبالغ عددهم 870 ألف لاجئ.

بالأرقام .. تداعيات التغير المناخي على اللاجئين

و"تغير المناخ" هو قضية أمن عالمية تشعبت تبعاتها وتعددت وانعكست ليس فقط على الجانب الإنساني للاجئين كما عرضنا في السطور الأولى من هذا التقرير، بل امتدت إلى ظهور مصطلحات جديدة ربطت بين النزوح والمناخ ونقصد هنا "لاجئو المناخ" الذين اضطرتهم الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغير المناخي إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى  داخل دولهم أو خارجها. فالميثاق العالمي للاجئين الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية عام 2018 يقر بأن العوامل المناخية والكوارث الطبيعية تؤدي إلى تزايد حركات اللجوء ولكن لا يوجد تعريف متفق عليه عالميًا أو قانونيًا لمصطلح "لاجئو المناخ" الذي ذاع صيته في وسائل الإعلام العالمية وبين الأوساط السياسية.

ولندع الأرقام تتحدث قليلًا عن حجم المشكلة، فوفق الأمم المتحدة سجل نحو 17 مليون حالة نزوح مرتبطة بالكوارث الطبيعية في 148 دولة وإقليم عام 2018 وحده، كما أدى الجفاف إلى نزوح 764 ألف شخص في الصومال وأفغانستان وعدة بلدان أخرى.

وفي هذا الشأن، أكدت المنظمة الدولية للهجرة أن نحو 265 مليون شخص اضطروا لمغادرة منازلهم في الفترة ما بين 2008 و2018 بسبب الكوارث المناخية وسط تحذيرات بارتفاع الأرقام وهذا ما شهدناه مؤخرًا مع الفيضانات التي طالت العديد من دول العالم وما صاحبها من انهيارات أرضية وتشريد مئات الآلاف، وكذلك ارتفاع درجات الحرارة وما صاحبها من جفاف  وتهديد للأمن الغذائي بعدد من الدول الإفريقية وحرائق الغابات في أوروبا وأمريكا.

وفي محاولة منها للتعامل مع التداعيات الكارثية الناجمة عن تغير المناخ، قدمت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تصورًا معلوماتيًا جديدًا حمل عنوان "نازحون على الخطوط الأمامية لحالة الطوارئ المناخية" بالتزامن مع إحياء يوم الأرض، تحدثت فيه عن دفع المناخ للمزيد من الأشخاص للنزوح الأمر الذي تسبب في إضعاف الذين أجبروا بالفعل على الفرار من خلال تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي والحد من الوصول إلى الموارد الطبيعية وهو ما يهدد بتأجيج العنف وعدم الاستقرار في بعض الدول مثلما حدث في "بوركينا فاسو" التي شهدت أسوأ حوادث العنف والنزوح جراء الجفاف، و"موزمبيق" التي شهدت كوارث مناخية بمنطقتها الوسطى رافقها أيضًا حوادث عنف لتزيد الأوضاع سوءًا مع العنف والاضطراب المتزايد في شمال البلاد ونزوح مئات الآلاف بسببه.

ونظل في إفريقيا التي أكدت منظمة "أوكسفام" ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في منطقة غرب إفريقيا بنسبة 2.03% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وهو ما يعني خسائر في الزراعة وتربية الماشية؛ الأمر الذي دفع أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة إلى قول: "يجب علينا وقف الحرب التي نقوم بها ضد الطبيعة، والعمل على استصلاحها".

الصومال بين شقي رحى التغير المناخي والصراعات الداخلية

فـ "أيان مود أدوي" التي واجهت مناخين مختلفين في إثيوبيا والصومال، كانت قد فرت من إثيوبيا بسبب الجفاف الذي شكل عائقًا أمام مواصلة عملها كمزارعة في المنطقة الصومالية بإثيوبيا لتعمل في غسل الملابس للعائلات بعد انتقالها إلى بلدة "بوساسو" الساحلية بمنطقة بونتلاند شمال شرق الصومال، لتصطدم مجددًا بتغير مناخي لا يقل صعوبة عما واجهته من جفاف؛ حيث ضرب إعصار "غاتي" الصومال في نوفمبر 2021 ما تسبب في هطول الأمطار بغزارة بما يعادل عامين في غضون أيام قليلة، مخلفًا ورائه أكثر من 180 ألف متضرر وتسعة قتلى على الأقل.

و"أيان" التي لم تدمر مياه الفيضان مسكنها الهش فقط بل أخذت معها طفلها البالغ من العمر أربعة أشهر الذي لم يقو جسده الضعيف على احتمال البرد ليكتب هو الآخر سطرًا جديدًا في قصة معاناة اللاجئين حول العالم.

تجدر الإشارة إلى أن منطقة "بونتلاند" تأثرت سلبًا بتغير المناخ فبعد أن كانت الظواهر الجوية القاسية مثل الأعاصير نادرًا ما تحدث بها، أصبحت تتكرر بشكل شبه سنوي.

وبهذا نجد أن الصومال هذا البلد المنهك من الاضطرابات الداخلية والجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب الصومالية، يواجه كوارث تفوق قدراته وموارده، وبات تغير المناخ ما بين الفيضانات المدمرة والجفاف أحد الأزمات التي يواجهها حاليًا. فأرقام مفوضية اللاجئين تشير إلى نزوح ما يزيد عن 1.3 مليون صومالي  عام 2020 بسبب الأعاصير والفيضانات، وهو يفوق عدد النازحين جراء الجفاف أو الصراع. كما شهدت الفترة ما بين يناير ويونيو من نفس العام، نزوح 68,000 شخص بسبب الجفاف و 56,500 آخرين جراء الفيضانات، هذا بالإضافة إلى 359 ألفًا فروا بسبب انعدام الأمن الناجم عن الصراع الداخلي.

وعن هذا، صرح يوهان سيفوانت، ممثل المفوضية في الصومال بأن: "أسباب النزوح متعددة الأوجه. في العام الماضي 2020، كانت معظم حالات النزوح التي سجلناها مرتبطة بالمناخ في المقام الأول، ولكن من الصعب فصل النزوح المرتبط بالمناخ عن السياق غير الآمن في الصومال".

وأمام التداعيات الناجمة عن تغير المناخ، وصل إجمالي النازحين داخليًا في الصومال إلى نحو 2.9 مليون شخص، يعيش أغلبهم في أكثر من 2,000 مخيم مؤقت تفتقر إلى أبسط المتطلبات الحياتية. وبين هؤلاء النازحين، تعيش "أيان" بإحدى هذه المخيمات بالقرب من شاطئ البحر في "بوساسو" التي تستضيف أكثر من 144,000نازح فروا جراء النزاعات والكوارث الطبيعية. ورغم مخاطر الفيضانات التي تحيط بهذا المخيم إلا أن قربه من فرص العمل دفع هؤلاء النازحين لتحمل المخاطر في سبيل توفير أبسط احتياجاتهم اليومية من الطعام.

 

ختامًا ..

لهذا ندق ناقوس الخطر من تفاقم التداعيات الكارثية للتغير المناخي، فها هي الأمم المتحدة بعد تزايد الكوارث الطبيعية في مختلف مناطق العالم تطلق حملة "اعملوا الآن" للحد من الاحتباس الحراري ، مؤكدة ضرورة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى صفر بحلول عام 2050 إذا رغبنا في إنقاذ كوكب الأرض من مآلات لا تحمد عقباها. والسبيل لإتمام الأمر هو تغيير عاداتنا واتخاذ خيارات أقل ضررًا على البيئة. فيكفي أن نبرز الأرقام التي جاءت في تقرير وكالة "فرانس برس" عن احتياج نحو 166 مليون شخص في إفريقيا وأمريكا الوسطى للمساعدات الغذائية ذات الصلة بتغير المناخ بين عامي 2015 و2019، وإمكانية تعرض ما بين 8 و80 مليون شخص لخطر المجاعة بحلول عام 2050، إضافة إلى معاناة 1.4 مليون طفل من التقزم الشديد في إفريقيا جراء سوء التغذية الناجم عن التغير المناخي بحلول نفس العام، مع إمكانية تعرض 2.25 مليار شخص لخطر الإصابة بحمى الضنك في آسيا وإفريقيا وأوروبا جراء الانبعاثات العالية مع وجود توقعات بارتفاع معدلات الهجرة الداخلية 6 أضعاف النسبة الحالية بحلول عام 2050 أيضًا.

ولم يتوقف الأمر على الأضرار المستقبلية للتغير المناخي، فقد شهدت الثلاثين سنة الماضية انخفاض المحاصيل الزراعية بنسبة تتراوح بين 4 و10% عالميًا، وتراجع كميات صيد الأسماك في المناطق الاستوائية بما يتراوح بين 40 و70%.

كما امتدت تداعيات التغير المناخي إلى أوروبا، التي حصدت الفيضانات بعد اجتياحها أجزاء واسعة من القارة العجوز  نحو 200 شخصًا. ورغم اعتياد تلك المناطق على الأمطار الغزيرة، إلا أن عالم المناخ ونائب الرئيس السابق لهيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة، جان جوزيل، فسر تلك الخسائر البشرية والمادية بأن "الكتل الهوائية المحملة بنسبة كبيرة من الماء، بقيت في مكانها في الأجواء أربعة أيام بسبب درجات الحرارة المنخفضة، فكانت النتيجة هطول أمطار غزيرة، بين يومي 14 و15 يوليو 2021، وصل منسوبها إلى ما بين 100 و150 مليمترا، أو ما يعادل شهرين من الأمطار".

وقد دفعت هذه التداعيات الكارثية للتغير المناخي فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى التحذير من تأثيراتها على البشرية، قائلًا خلال كلمته في مؤتمر جامعة الأزهر "تغير المناخ: التحديات والمواجهة" الذي عقد في الفترة من 18 إلى 20 ديسمبر 2021: "أن الذي يهمني تسجيله في هذا المقام هو أوَّلًا: ما نقرأه عن إجماع الفلاسفة أو شبه إجماعهم على أن المسؤول عن هذه الكوارث هو «الإنسان»، وعُنفه في التعامل اللاأخلاقي مع الطبيعة وكائناتها الإنسانيَّة وغير الإنسانيَّة، وتسخيرها لمصلحتِه ومنفعته الخاصة سواء كان هذا الإنسان أفرادًا أو شركات أو دولًا ذات بأس لا تنظر إلَّا لما تحت قدميها.. وثانيًا: التأكيد على أن موقف الفكر الإسلامي من هذه الأزمة، وهو موقف يتأسَّسُ على ضوءِ نصوص قرآنيَّة شديدة الوضوح في تقرير وجوب احترام البيئة وجوبًا شرعيًّا، انطلاقًا من أنَّ عوالم الوجود الكوني الأربعة، وهي: عالم الإنسان والحيوان والنبات والجماد، ليست، كما تبدو في ظاهرها، عوالم مَيتة، بل هي عوالم حيَّة تعبد الله وتُسبِّحه بلُغاتٍ مختلفة لا يسمعها الإنسان ولا يفهمها لو قُدِّرَ له سماعها".

وإيمانًا بأهمية العلم في مواجهة التغير المناخي، أعلنت جامعة الأزهر في البيان الختامي لمؤتمرها العلمي الدولي الثالث للبيئة والتنمية المستدامة، والذي عقد بعنوان: «تغير المُناخ؛ التحديات والمواجهة»، الآتي:

  • تشكيل لجنة علمية متخصصة تضم باحثين وعلماء في الشأن البيئي، وممثلين عن علماء الدين والاجتماع وعلم النفس، لصياغة مقرر علمي بلغة سهلة ومبسطة، يتم إعداده لتدريسه لكل المراحل التعليمية لرفع التوعية بالآثار السلبية لأزمة المناخ. 
  • تشجيع طلاب الجامعة لتخصيص مشروعات تخرج عن تأثير أزمة تغير المناخ على البيئة المحيطة.
  • تفعيل دور الشباب في مواجهة هذه الأزمة الإنسانية، من خلال إطلاق مشروع "سفراء المناخ" والذي يستهدف تأهيل ١٠٠ من القيادات الشبابية المتخصصة في علوم البيئة، وتنمية قدراتهم في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وعقد ورش العمل المتخصصة، بما يضمن عملية التأثير في القطاعات الشبابية.
  • تكفل جامعة الأزهر بتقديم نموذج عملي لمجابهة التغيرات المناخية يقدم لمؤتمر COP27 ممثلًا في أحد مباني كلياتها نموذجًا لتنفيذ نتائج وتوصيات المؤتمر من زراعة سطح المبنى والاعتماد على الطاقة النظيفة في توليد الكهرباء، والتصميم المعماري والبيئة الخضراء وكل ما يدعم سبل استدامة الموارد. 
  • دعم الجامعة لكل المبادرات التي تم استعراضها خلال أيام المؤتمر والممثلة في مبادرة سطح أخضر، ومبادرة ذوي الهمم لدعم البيئة، ومبادرة "غرفة عملية صديقة للبيئة" لمراقبة السلوكيات البيئية الخاطئة ونشر السلوكيات الصحيحة.
  • إعلان جامعة الأزهر 2022 "عام البيئة" ووضع أجندة متكاملة لرفع الوعي بضرورة الحفاظ على البيئة بين طلاب الجامعة وجميع منتسبيها.

وقد تعمدنا في عرضنا هذا عن التبعات الكارثية الناجمة عن التغير المناخي وكذلك الآثار المتوقع حدوثها، تسليط الضوء على جزء محدد من الأزمة ألا وهو "معاناة اللاجئين" بعد تكرار حوادث الوفاة في صفوفهم بالمخيمات التي تأويهم جراء موجة الصقيع التي ضربت عدد من البلدان المستضيفة لهم، وذلك لعل الصرخة التي أطلقناها عبر هذا التقرير تصل إلى الآذان وترأف الضمائر لحالهم الذي لا يخفى على أحد بعد نشر جميع الوكالات الإخبارية أخبارًا متواترة عن الظروف التي تحيط بهم.  

الوحدة الإعلامية بمرصد الأزهر  لمكافحة التطرف

 

 

المصادر:

https://www.unhcr.org/ar/news/press/2021/7/6102ba944.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/8/6115228e4.html

https://www.unhcr.org/ar/news/briefing/2021/3/605a0ef44.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/8/611f71ae4.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/10/6160437c4.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/11/618cec654.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/12/61c0e6984.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/9/614859c74.html

https://news.un.org/ar/story/2021/11/1086922

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2022/1/61e81281b.html

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2022/1/61e81281b.html

https://www.dw.com/ar/%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%86%D9%8A%D9%84-%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A1/a-49651586

https://www.infomigrants.net/ar/post/31757/%D9%85%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B2%D9%88%D8%AD-%D9%88%D9%8A%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1-%D9%88%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%B9

https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2022/1/21/2162137/%D9%82%D8%AA%D9%84%D8%AA-%D8%B7%D9%81%D9%84%D8%A7-%D9%88%D8%AF%D9%85%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%AB%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B6%D8%B1%D8%A8-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D9%88%D8%B5%D9%88%D8%B1-

https://www.dw.com/ar/%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%86%D9%8A%D9%84-%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A1/a-49651586

https://www.skynewsarabia.com/world/1452111-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D8%A7%D9%93%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%A9

https://www.azhar.eg/ArticleDetails/ArtMID/10108/ArticleID/57943/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A2-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D9%88%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D9%88%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE

https://www.unhcr.org/ar/news/stories/2021/8/611f71ae4.html

https://www.azhar.eg/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/PID/10120/evl/0/TagID/1042/TagName/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE

https://www.azhar.eg/details/ArtMID/821/ArticleID/57947/%D9%86%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE

https://www.azhar.eg/ArticleDetails/ArtMID/10108/ArticleID/57943/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A2-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D9%88%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D9%88%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE

 

 

  

 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.