الروهينجا

أزمة الروهينجا بين التطهير العرقي والتعتيم الإعلامي

أزمة الروهينجا بين التطهير العرقي والتعتيم الإعلامي

     ما زالت أزمة مسلمي الروهينجا والقمع الوحشي الذي يتعرضون له على أيدي بوذيي ميانمار تطل برأسها على الساحة الدولية، فالدولة ذات الأغلبية البوذية لا تزال تمارس جميع أشكال القمع والعنف ضد الأقلية المسلمة في البلاد، غير آبهة بالمطالبات الدولية بالكف عن ممارساتها الوحشية، وغير مصغية لصوت الضمير الإنساني بالانتهاء عن هذه المجازر البشعة التي لا يمكن وصفها إلا بوصمة العار التي لن يمحوها التاريخ من سجل حقوق الإنسان لهذه الدولة.
إذ تشير التقارير الدولية إلى أن ما يربو على مليون شخص من الروهينجا قد فروا من بلادهم ، ناهيك عن عمليات القتل والتعذيب والتنكيل والاغتصاب، إلى غير ذلك من الأمور التي يندى لها جبين البشرية والتي لا يمكن لعاقل أن يعتقد أنها من نتاج إنسان كرمه الله وفضله على سائر المخلوقات بعقل يحجره عن الوقوع في مهاوي الضلال والردى.

كل هذا وحكومة ميانمار تحت قيادة المستشارة أونج سان سو تشي- صاحبة نوبل وحرية المدينة- لا تزال على إصرارها بأن هذا كله محض افتراء وكذب لا يمت للواقع بصلة، وهو ما تكذبه كل الوكالات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وعلى رأسها الأمم المتحدة، التي أكدت على لسان أمينها العام أن ما يحدث في إقليم أراكان "نموذج ممنهج للتطهير العرقي ضد الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم"، بيد أن ساكنًا لم يتحرك في هذا الصدد، فالوكالات الدولية مكتفية بالشجب والاستنكار والإدانة، ولم تتخذ خطوة على أرض الواقع من شأنها وضع نهاية لهذه المأساة غير الإنسانية، وسيظل تاريخ البشرية ينقل للأجيال المتعاقبة أن حضارة القرن الحادي والعشرين لم تبال بكرامة بني البشر ولم تأبه لها، بل تركته فريسة بين أنياب السباع تفعل به ما تشاء!!!

وبعد أن قيدت الدولة البورمية حرية بابا الفاتيكان نفسه من ذكر كلمة "الروهينجا" بزعم أنه لو قالها، فسيثير الكثير من المشاكل والاضطراب في البلاد- وفقا لما ذكره موقع CNN في مقاله المنشور بتاريخ 28/11/2017 بعنوان "البابا فرانسيس يتحاشى استخدام كلمة الروهينجا في خطابه في ميانمار"، تطالعنا الصحف ووكالات الأنباء العالمية اليوم أن حرية الصحافة والصحفيين المكفولة من قبل القانون الدولي معرضة للخطر في ميانمار، فالدولة قد ألقت القبض على الصحفيين "وا لون" و "كيوا سو أو" العاملين في وكالة رويترز العالمية موجهة لهما اتهامات قد تفضي بهما إلى السجن لمدة أربعة عشر عامًا؛ إذ وجهت إليهما السلطات تهمة "الحصول على معلومات بطريقة غير قانونية بغية تدوالها مع وسائل الإعلام الأجنبية".
والسؤال الآن: ما الصحافة إذا وما دورها إن لم تساعد في نقل الصورة والمعلومة الصحيحة للناس؟ ولا سيما أن الصحفيَّيْن المعنيين كانا قد استقيا معلوماتهما من ضابطَيْ شرطة- تم إلقاء القبض عليهما أيضًا- تابعين للدولة البورمية، ما يفيد بجلاء أن حكومة ميانمار تريد التعتيم على الممارسات الوحشية التي ترتكبها في حق أقلية الروهينجا المسلمة في البلاد، ولكن السؤال الذي يبحث عن إجابة هو: هل سيتعامل العالم بمنظماته الدولية مع أزمة هذين الصحفيين بنفس الوتيرة التي تعامل بها مع أزمة 700 ألف روهينجي مسلم، أم أنه سينتفض من فوره للإفراج عنهما وعدم المساس بهما؟! وهل بقي صوت آخر ليخرسوه؟!، هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.

وحدة رصد اللغة الإنجليزىة

الموضوع السابق "الروهينجا" بين طلقات الرصاص وغياب الضمير الإنساني !
الموضوع التالي إطلالة على مسلمي أمريكا الجنوبية واندماجهم في مجتمعاتهم
طباعة
3630