Tuesday, February 27, 2024

كلمة فضيلة الأستاذ الدكتور/عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء في المؤتمر الثالث لكليَّة الدعوة الإسلاميَّة

 

 
      كلمة فضيلة الأستاذ الدكتور/عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء في المؤتمر الثالث لكليَّة الدعوة الإسلاميَّة بعنوان" نحو شراكة أزهريَّة في صناعة وعي فكري آمن .. رؤيَّة واقعيَّة استشرافيَّة" والتي جاءت بعنوان "التغيرات العصريَّة وقضايا الاجتهاد " 
 الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول  الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فلقد كان الأزهر على مرَّ تاريخه -ولا يزال -الحارسَ الأمينَ على الإسلام عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا، وكانت هيئة كبار العلماء قديمًا وحديثًا القلب النابض في الأزهر الشريف، توجه قطاعاته نحو بناء نسق إسلامي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، وذلك على عدَّة محاور، منها ما يتعلق ببناء الإنسان السويّ الصالح، ومنها ما يتعلق بصياغة مناهج علميَّة تتخذ من العقيدة والأخلاق والشريعة مرتكزًا لهذه المناهج الأزهريَّة، ومنها ما يتعلق بخطاب دعويّ يوحِّد الصفوف، ويفنِّد الشبهات، ويرسِّخ القيم والمبادئ والمثل العليا، وبينما تقوم هيئة كبار العلماء بهذه المهمة التوجيهيَّة فإنها لا تنشغل عن مهمة أكبر وأعظم تتعلق بمعالجة القضايا العصريَّة، وتقديم الاجتهادات الفقهيَّة، وطرح الرؤى الفكرية، وفق مناهج علمية رصينة، تحترم القواعد العلمية، وتصون الأصول التراثية.
والمتابع لما تموج به الساحة من رؤى فقهيَّة جديدة، أو أطروحات لفكر فقهي جديد-بغض النظر عن سلامة هذا الطرح أو فساده-يجد أنَّ هيئة كبار العلماء كانت على قدر المسئوليَّة في تلبية حاجة العالم الإسلامي، بما يضمن قدرته على التجاوب مع معطيات العصر، دون المساس أو التفريط في ثوابت الدين، وأصوله.
وسأحاول في هذه الورقة البحثيَّة أن أجمل القول في ثلاثة محاور رئيسة، تندرج تحت عنوان: «هيئة كبار العلماء والتغيرات العصريَّة ورؤيتها الاجتهاديَّة»، وهو عنوان متفرع من عنوان مؤتمر كلية الدعوة الثالث «نحو شراكة أزهريَّة في صياغة وعي فكري آمن..رؤية استشرافيَّة».
 والحقيقة أنَّ هذا العنوان الذي وُفِّقَتْ كلية الدعوة لاختياره في هذا التوقيت هو الأنسب للتعبير عن الحراك الأزهري في هذه المرحلة تحديدًا؛ إذ لا يخفى على المعنيين بالدعوة ما آلت إليه أوضاع مجتمعنا، وهو ما يمثِّل تحديًا جديدًا للدعوة الإسلاميَّة، فدعوات الإلحاد فيما يتعلق بقضايا العقيدة، ودعاوى التفكك الأسري المتدثرة بعباءة التجديد زورًا وبهتانًا وما يترتب عليها من مآسٍ اجتماعيَّة، وما يتعلق بدعاوي الانحلال الخلقي تحت عنوان الإبداع والفن، وما يتعلق بتأويلات عبثيَّة لنصوص الوحي تحت عباءة القراءات الحداثيَّة، وما يتعلق بتزييف الوعي نحو قضايا أمتنا ووطننا.. كلُّ ذلك يؤكِّد حتميَّة وضرورة صياغة وعي فكري آمن، يصحح المفاهيم، ويصوِّب المنهج، وبيِّن للناس سماحة الإسلام، ويضمن للناس الاستقرار والأمن، ويحقق عمران النفس وعمران الواقع وفق معطيات الإسلام ، عقيدة وشريعة وأخلاقا.
وإني لأؤكد لحضراتكم جميعًا أن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبرالأستاذ الدكتور أحمد الطيب-حفظه الله ورعاه-،  وبقطاعاته المتعددة، وإمكاناته العلمية، وقدراته الفكرية، وطموحات شبابه الواعد، قادر -بفضل الله وعونه- على صياغة وعي فكري، يحافظ على الهوية الإسلامية والعربية، ويحقق أمن الوطن واستقراره، ويحافظ على مقدسات الأمة، ويصون حرماتها.

Tags:

Please login or register to post comments.