الإسلاموفوبيا

 

07 مارس, 2017

جهود الأزهر في مواجهة التطرف والإسلاموفوبيا

تتواصل جهود الأزهر الشريف الحثيثة للتصدي للفكر المتطرف وظاهرة الإسلاموفوبيا على حد سواء باعتبار أن كلا منهما يغذي الآخر، وأنهما جزء لا يتجزأ من المشاكل التي يعاني منها المجتمع الدولي أجمع. وتحاول القيادة الأزهرية بنشاطها المعتاد على جميع الأصعدة أن تبرز للعالم ذلك الخطر الجاثم والمحدق بالعالم كله في جميع المحافل الدولية، سعيًا منها إلى حل تلك المشكلة من خلال جمع الفرقاء وإصلاح ذات البين والتعاون المشترك مع جميع الجهات المعنية؛ فجمعت بين الفرقاء لحل أزمة مسلمي الروهينجا في الأزهر الشريف، وأقامت حوارًا فعالاً مع شركاء الوطن والعالم من المسيحيين، كان منها حوار الأزهر والفاتيكان وحوار شباب الأزهر مع شباب مجلس الكنائس العالمي، وكان آخرها مؤتمر الحرية والمواطنة الذي ألقى فيه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الضوء على تلكم الظواهر ودعا للبحث والعمل المشترك من أجل حلها، مشيراً إلى أن "تصويرُ الدِّين وكأنه أداة سحقت بها أجساد الأبرياء، محزن ومؤلم"، وأن هذه "الشرذمة الشاردة عن نهج الدين –من المتطرفين والمتنطعين- قد أوشكت على أن تُجيِّشَ العالَم كُلَّه ضِدَّ الإسلام" بسبب أفعالها المشينة؛ ومن هنا وجب العمل على محاربة كلا من التطرف والغلو وكذلك مظاهر كراهية الإسلام والمسلمين على حد سواء.

إن المتطلع في العالم يرى بوضوح أن الرسم البياني لمظاهر الإسلاموفوبيا حول العالم في تزايد مستمر مع استمرار الآلة الإعلامية في تشويه صورة المسلمين هنا وهناك وربطهم بالإرهاب والتطرف في أذهان المجتمعات الغربية، حتى بات لدى الكثير منهم ارتباط شرطي بين الإسلام والتطرف. فعلى سبيل المثال لا الحصر، طالعتنا وزارة الداخلية الألمانية أواخر شهر فبراير المنصرم بتقرير يوضح تلك المأساة؛ فقد ذكر بأن معدلات جرائم الكراهية في ألمانيا ضد المهاجرين وصلت لـ 10 جرائم يومًيا خلال العام 2016.

فبحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"  أصيب 560 مهاجر منهم 43 طفلا بجروح جراء أعمال العنفً. واستهدفت ثلاثة أرباع الهجمات مهاجرين خارج مساكنهم في حين تعرض نحو 1000 مهاجر لهجمات بداخل مساكنهم. وأشار التقرير إلى أن 988 هجومًا على مساكن ومنازل للاجئين ومهاجرين قد وقع خلال نفس العام، بالإضافة إلى 217 اعتداء على منظمات مهتمة بشئون اللاجئين والمهاجرين.

وليست ألمانيا وحدها من تعاني من تلك الظاهرة بل بلدان غربية أخرى كذلك، ومن ضمن هؤلاء المسلمين الذين يشعرون بالاضطهاد والتمييز في البلاد الغربية، مسلمو الولايات المتحدة؛  فقد أوردت شبكة راديو "npr" الإخبارية تقريرًا يفيد معاناة

المسلمين في أمريكا، خاصة أصحاب البشرة السوداء، لدرجة أن أولياء الأمور باتوا يزرعون في أبنائهم كيفية التعامل مع  تبعات ظاهرة الإسلاموفوبيا. الأمر الذي يشعرهم بأنهم أقلية مضطهدة، فقد أظهر استطلاع حديث للرأي لمركز Pew أن سبعة من كل عشرة أمريكان يلاحظون التمييز الواقع على المسلمين خاصة السود منهم، كما أشار استطلاع آخر للرأي أنه على الرُغم من اختلاف العرق فإن حوالى ثلث الأمريكان البيض يعتقدون بأن السود يعانون مشاكل في حياتهم العملية مقارنة بالأمريكيين البيض الذين يمثلون النسبة الباقية أي حوالي 70 بالمائة.

وقد أعربت المعلمة الأمريكية السودانية الأصل المناهضة للعنصرية هند مكي: "إن هذا القلق شائع في أوساط الشباب الأمريكي المسلم خاصةً ذوي الأصول الأفريقية، فهم يعانون من خطر مزدوج؛ كونهم سود وكونهم مسلمين، الأمر الذي يؤثر على رؤيتهم لأمريكا وحتى طريقة تربيتهم لأبنائهم." وعلى الرغم من أن مشاهير أمريكا المسلمين كان من بينهم أصحاب بشرة سوداء مثل محمد على كلاي، ومالكولم إكس إلا أن الأمر قد اختلف منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث بات المسلمون متحملين للعبء الأكبر لدرجة أن بعضهم قد أعرب عن خوفه من ارتداء العمامة أو الحجاب حتى لا يوصم بالإرهاب، الأمر الذي لا يقره أي دين أو عرف.

لقد حذر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في مؤتمر الحرية والمواطنة من ظاهرة الإسلاموفوبيا مؤكداً على أنه: " إذا لم تعمل  المؤسسات الدينية في الشرق والغرب معًا للتصدي لها، فإنها سوف تطلق أشرعتها نحو المسيحية واليهودية إن عاجلاً أو آجلاً، ويومها لا تنفع الحكمة التي تقول: «أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّورُ الأَبيَض» "

كما دعا فضيلة الإمام إلى تبرئة الأديان جميعًا من الإرهاب لكنه أشار إلى عدم الاكتفاء بهذه الخطوة قائلا: "أظنكم تتفقون معي في أن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام هذه التحديات المتوحشة، وأن خطوة أخرى يجب علينا أن نبادر بها، وهي: النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلى هذا الواقع المضطرب"، ومع أن فضيلة الإمام الأكبر يرى أن خطوة تبرئة الأديان لا تكفي الآن بل يجب أن نمضي قدمًا نحو تفعيل المبادئ السامية المشتركة بين الأديان، فهناك من لا يزال عالقًا عند فكرة تبرئة الأديان صامًا أذنيه عن تلك المفاهيم محرضًا –بقصد وبدون- على كراهية أصحاب هذا الدين الحنيف.

ولا شك أننا فى حاجة ماسة إلى أصوات عاقلة تعي جيدًا مدى خطورة ربط الإسلام بالتطرف والإرهاب، والكيل بمكيالين بين أتباع الديانات السماوية الثلاثة، وكما أشار فضيلة الإمام الأكبر قائلا: "لقد مرت بسلام

أبشع صور العنف المسيحي واليهودي في فصلٍ تامٍ بين الدِّين والإرهاب، ومنها على سبيل المثال: اعتداءات مايكل براي بالمتفجرات على مصحات الإجهاض، وتفجير في تيموثي ماكْفي للمبنى الحكومي بأوكلاهوما، وديفيد كوريش، وما تسبب عن بيانه الديني من أحداث في ولاية تكساس.. دع عنك الصراع الديني في أيرلندة الشمالية، وتورط بعض المؤسسات الدينية في إبادة واغتصاب ما يزيد على مائتي وخمسين ألفًا من مسلمي ومسلمات البوسنة."، "وبينما مرَّ التطرُّف المسيحي واليهودي بردًا وسلامًا على الغرب دون أن تُدنَّس صورة هذين الدينين الإلهين؛ إذا بشقيقهما الثالث (الإسلام) يُحبَسُ وحده في قفص الاتهام، وتجري إدانتُه وتشويه صورتهِ حتى هذه اللحظة." إن تكاتف الجميع في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ العالم أجمع للتصدي لمثل هذه الظواهر بات واجبًا لا مفر منه من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.