الإسلاموفوبيا

 

23 أكتوبر, 2023

قراءة في كتاب: " الإسلاموفوبيا وداعش: الكراهية المقيتة"

     "الإسلاموفوبيا وداعش: الكراهية المقيتة"، كتاب ألفته الكاتبة التركية "هلال بارين"، نائب مدير مركز الدراسات والأبحاث الأوروبية (AVAR) في جامعة "يلدريم بيازيد" بأنقرة، ونشرته دار تذكرة للنشر والتوزيع في عام ٢٠١٦م، ويصنف ضمن فئة العلوم الاجتماعية. والكتاب عبارة عن تنقيحٍ وإعادة ترتيب لأطروحة الدكتوراه الخاصة بالكاتبة، والتي تحمل عنوان الكتاب أيضًا، فضلًا عن إضافة فصليْن جديديْن. وسوف نتناول في هذا التقرير ملخصًا لهذا الكتاب على النحو الآتي.

الفكرة الرئيسة للكتاب: يناقش الكتاب فكرة أن الإسلاموفوبيا ظاهرة قديمة لكنها نشطت على نطاق واسع بعد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، منتقدًا ربط الإسلام بالإرهاب والعنف، وتصدير صورة سلبية توحي بأن المسلمين يشكلون خطرًا وتهديدًا، مما ترتب عليه في الوقت الحاضر، استهداف المهاجرين المسلمين، وخاصة في أوروبا، والولايات المتحدة.

ويصنف المؤلف الإسلاموفوبيا نوعًا جديدًا من العنصرية الثقافية تتطلب كفاحًا وجهودًا لإنهائها، مثلها مثل أي نمطٍ آخر للعنصرية، ويصفها بأنها جريمة كراهية تسبب أضرارًا كبيرة على المسلمين. كما تُسلط الكاتبة الضوءَ على استفادة تنظيم داعش الإرهابي في السنوات الأخيرة من ظاهرة الإسلاموفوبيا والخطاب العنصري الناتج عنها في وسائل الإعلام الغربية من أجل إضفاء الشرعية على أعماله الإرهابية في الغرب، محذرة من الربط بين تلك الممارسات الإرهابية والإسلام. هذا ويتكون الكتاب من أربعة فصول:

الفصل الأول: "العنصرية والإسلاموفوبيا":

تركز الكاتبة في هذا الفصل على مفهومي العرقية، والعنصرية، مُتطرقة إلى الأساليب التي تتعامل بها المجتمعات مع العنصرية الثقافية الآخذة في الارتفاع في أوروبا، مؤكدة على أن العرقية تحولت إلى عنصر ثقافي، مثلها مثل اللغة والدين، وليست عنصرًا بيولوجيًّا مثل اللون، وإن الإشكال لم يعد يتعلق بتفوق عرق واحد على آخر، بل بوحدة الثقافات والإثنيات المختلفة داخل المجتمع. كما تؤكد الكاتبة في هذا الفصل على أن هذا النوع من العنصرية، يقوم على الاعتقاد بأنه لا يمكن قبول الآخر المختلف ثقافيًّا؛ لأن قبوله يعني تهديدًا للثقافة السائدة في المجتمع، انطلاقًا من تقسيم الثقافات داخل المجتمع إلى ثقافات فرعية، وأخرى سائدة. وتشير الكاتبة إلى أنه عند دراسة هذه العنصرية الجديدة (الإسلاموفوبيا)، من الضروري تناول تاريخ العنصرية في أوروبا بشكل عام.

الفصل الثاني: "الإسلاموفوبيا":

تتناول المؤلفة فيه الجوانب الاشتقاقية والمفاهيمية لمفهوم الإرهاب، وتحلل بعض الحوادث التاريخية التي توثق ظاهرة الإسلاموفوبيا، وعلى رأسها هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، والتي أثارت هذه الظاهرة من جديد. وتعرج الكاتبة في هذا الفصل على قوة الاتحاد الأوروبي، والهجرات العمالية، وصعود اليمين المتطرف، وظهور حركة "بيغيدا" كمثال لهذا اليمين في أوروبا. كما وجهت الكاتبة دعوة جادة إلى الدوائر المجتمعية والأكاديمية للتعامل مع ظاهرة الإسلاموفوبيا باعتبارها مشكلة اجتماعية.

الفصل الثالث: "الإسلاموفوبيا: جريمة كراهية":

تشرح الكاتبة من خلال هذا الفصل مفاهيم مثل: الكراهية، والتعصب، وخطاب الكراهية، وحرية التعبير، كما تؤكد أن هناك خيطًا دقيقًا بين خطاب الكراهية وجرائمها، يختلف باختلاف المواقف. ثم تتطرق إلى جرائم الكراهية التي تستهدف المسلمين في أوروبا، مؤكدة على ضرورة مكافحة مثل هذه الجرائم، واتخاذ التدابير التي يمكن أن تجفف أسبابها.

الفصل الرابع والأخير: "داعش والإسلاموفوبيا":

تبدأ الكاتبة هذا الفصل بمناقشة أسباب نشأة تنظيم داعش الإرهابي، ولماذا كان ظهوره في تلك البقعة الجغرافية بالتحديد، كما تطرقت إلى الحديث عن تنظيمات أخرى مثل: القاعدة، وهيئة تحرير الشام، وعلاقتهما بتنظيم داعش الإرهابي، وقيَّمت أنشطتهم الإرهابية من منظور الشريعة الإسلامية، وخلصت إلى أن تلك التنظيمات ليس لها أية شرعية في الإسلام، إلا إنها اكتسبت قوتها عن طريق خطابها الضال، والمضلل. كما أشارت إلى أن تنظيم داعش الإرهابي الذي نجح في استقطاب عديد من المؤيدين، يشكل تهديدًا إرهابيًّا متزايدًا في أوروبا، مؤكدة أن أنشطتها الإرهابية كان لها بالغ الضرر على المسلمين الذين يعيشون هناك، والتي تسببت في تعرضهم للإقصاء، والتمييز، والاعتداءات المختلفة. وتلفت الكاتبة الانتباه أيضًا إلى أن هناك العديد من "المقاتلين الأجانب" من أوروبا، وهذا يشكل بدوره مشكلة أمنية خطيرة للغرب، وعليه فقد ناقشت هذه المسألة تحت عنوان: "سلاح أوروبا ينقلب عليها".

وفي خاتمة الكتاب، تذكر المؤلفة أن "رُهاب الإسلام" شيء مصطنع، ينبغي تناوله بصورة أكثر شمولًا؛ لمنع وصول الظاهرة إلى مستويات أكثر خطورة، مؤكدة على ضرورة تعامل وسائل الإعلام معها بشكل صحيح، مما يفرض على الجميع الابتعاد عن الخطابات المعادية للإسلام؛ لضمان الحفاظ على التعدد الثقافي داخل المجتمع.

كما أشارت الكاتبة إلى الدور المهم الذي يمكن أن يقوم به كل من الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وغيرهما من المنظمات الأخرى في حل مثل تلك المشكلات، منوهة إلى ضرورة اندماج المهاجرين المسلمين في مجتمعاتهم، ومكافحة خطاب الكراهية فيها.

أخيرًا نرى أن هذا الكتاب يسهم في وضع إطار مفاهيمي للمصطلحات ذات الصلة بالإسلاموفوبيا، وتنظيم داعش الإرهابي، وأن الكاتبة قد دعمت مؤلفها بكثير من التقارير، والدراسات الأكاديمية، والإحصائيات، كل هذا بلُغة واضحة يسهل فهمها.

وحدة رصد اللغة التركية
 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.