الإسلاموفوبيا

 

15 أبريل, 2017

جهود الأزهر الشريف والتكاتف العالمي لمواجهة ظاهرة "الإسلاموفوبيا"

يتعرض المسلمون شبه يوميًا لتشويه متعمد هنا وهناك سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو من بعض وسائل الإعلام، أو من جراء ما تقوم به الجماعات المتطرفة من عمليات إرهابية، وهو ما يؤدي بالطبع إلى ارتفاع كبير في معدلات الإسلاموفوبيا، والمتابع للشأن العام العالمي يستطيع بسهولة أن يلحظ التحيز المجحف ضد المسلمين من بعض وسائل الإعلام، وهو ما أكدته دراسة نيوزيلاندية حديثة ذكرت بأن هناك علاقة طردية بين التناول المتحيز وتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا؛ حيث نقل موقع (studyfinds) الدراسة النيوزيلاندية التي أُجريت عن تأثير التناول الإعلامي غير المنصف والمتحيز ضد المسلمين على تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا وأوضحت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة Auckland أن الإعلام يُغذي الإسلاموفوبيا بشكلٍ كبير، وخلصت الدراسة التي أجريت بهدف قياس ردود أفعال 16584 من النيوزيلانديين على التناول الإعلامي للمسلمين بالبلاد بين عامي 2009 و 2016 إلى أن المشاركين سواء ذوي الخلفيات المحافظة أو الليبرالية قد عبروا عن ازدياد تخوفهم وقلة ترحيبهم بالمسلمين.

الجدير بالذكر، أن رئيس فريق الباحثين John Shaver  الأستاذ بجامعة Otago قد أشار إلى أن نيوزيلاندا تعتبر بيئة جيدة لإجراء مثل هذه الدراسة، لأن النيوزيلانديين يتمتعون بطبعهم بصفات تسامح عالية، كما أنهم يميلون إلى رفض الأشخاص الذين يصفون غيرهم بالمتعصبين مما يقلل من تأثير الإعلام، وبرغم ذلك تأثر كثيرون منهم بالتناول الإعلامي غير المنصف للمسلمين، وأوضح مدير فريق البحث قائلا: "إن التعصب تجاه المسلمين بالذات إنما يقف حجر عثرة في سبيل التنوع السياسي المنشود، لأن التمثيل المجحف للمسلمين عبر وسائل الإعلام والذي يميل فيه الإعلام إلى نشر قصص وروايات مرعبة إنما يكون له بالغ الأثر في عدم قبول المسلمين بالذات". وفي السياق ذاته، صرح الأستاذ الدكتور  Joseph Bulbulia من جامعة Wellington والمشارك في الدراسة: "بكل أسف، هناك تأثيرات حقيقية سلبية على المسلمين في نيوزيلاندا؛ حيث يتعرض الناس لحوادث خلال حياتهم اليومية وفي العمل وفي المدارس". وقد أعرب القائمون على الدراسة عن تفاؤلهم بغض النظر عن الصورة الكئيبة التي بعثت بها الدراسة؛ لأنها ربما تكون سببًا في دفع وسائل الأعلام لتقديم صورة صحيحة وتمثيل منصف للمسلمين.

ويتضح من تلك الدراسة وغيرها أن الصورة الذهنية للمسلمين في الغرب تزداد سوءاً بسبب التناول المجحف لكل الأخبار التي تتحدث عن الإسلام أو المسلمين وهو ما يلقي عبئًا أكبر على المسلمين عامة والمقيمين في الغرب خاصة لأن العمل على تصحيح تلك الصورة أصبح واجب الوقت الذي يجب على الجميع هنا وهناك أن يعيه جيدًا.

ولهذا يعمل الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر ليل نهار على توضيح الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين حتى يتعرف العالم أجمع على ديننا الحنيف الذي ينبذ العنف والتطرف ويسعى إلى نشر السلام بين العالمين. ويأتي ذلك ضمن استراتيجية الأزهر الشريف لـ"الإصلاحِ والتَّجدِيد" والذي يسعى الأزهر وشيخه من خلال عقد الندوات والمؤتمرات الداخلية والعالمية بالإضافة إلى جولات فضيلة الإمام الأكبر وتطوير المناهج الأزهرية وبعثات الأزهر الحالية التي تركز على الدول الأوروبية بواسطة شباب الأزهر المتحدثين بلغات مختلفة لنشر صحيحة الدين، فالأزهر هو حصن الأمة الإسلامية، وكما قال فضيلة الإمام الأكبر يومًا "حين يخبو صوت الأزهر فإن الأمة ستضل طريقها، فمنهج الأزهر في فهم الإسلام الذي حفظه الله على مدار قرون، هو طوق النجاة بعد انحراف الأفهام وجلوس الجهلاء على مقاعد أهل العلم."

ولابد أن تتضافر الجهود محليًا وعالميا مع الأزهر الشريف لتصحيح الصورة المغلوطة عن المسلمين في أمل معالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا بطريقةٍ ما؛ وضمن تلك الجهود الفردية التي يبذلها بعض المسلمين في هذا الصدد ما نقله موقع Dailytrojan من قيام اتحاد طلاب جامعة ميتشيجان بمبادرة جديدة للتعريف بالإسلام؛ حيث ذكرت "نهى أيوب" -إحدى الطالبات المسلمات بالجامعة وإحدى المشاركات في المبادرة -أنها قد استفادت من بعض الأكاديميين الذين أسهموا في المبادرة من خلال شرح المفاهيم الصحيحة عن الإسلام بهدف إزالة الغموض واللبس، كما قالت :"إنها تتمنى خلق روح من الاندماج الاجتماعي والتضامن بين طلاب الجامعة على اختلاف معتقدهم". وتأتي الحملة في أسبوعها العاشر لتسطر صفحات جديدة تتبناها مؤسسات تربوية لتسهم بشكل فعال في خلق نوع من الاندماج، لاسيما مع الطلاب المسلمين من خلال فعاليات متنوعة منها؛ ورش العمل، والخطب داخل المساجد، وإقامة بعض المأدُبات، وفي إطار ذلك صرح الطلاب المشاركون في المبادرة عن رغبتهم في مواصلة تلك الجهود الحثيثة التي تدعم تقبل الآخر، كما أضافوا: "الكثير من الطلاب المسلمين في الجامعة يستحقون المعاملة التي تليق بهم، حيث إن الاحترام ينبع من التفهم".

وصرح المشاركون في الحملة :"إن من أولوياتنا أن نُعلِم الطلاب الذين هم بذرة المستقبل بمجتمعنا والعالم من حولنا، وأفضل طريقة لذلك هو التحاور والتشاور من خلال مثل تلك اللقاءات ومن ثم نمكنهم من الحصول على صورة واضحة عن الإسلام".

وفي كندا، أوردت صحيفة "هارفارد كريمسون" بأن مجموعة من 50 قيادة نسائية مسلمة اجتمعن في كلية كينيدي أيام الجمعة والسبت والأحد في الأسبوع الأول من أبريل 2017 لمناقشة الإسلاموفوبيا ودور النساء المسلمات في المجتمع لتصحيح صورة المسلمين في أعين المجتمع الكندي، ويعد هذا الاجتماع الأول من نوعه للنساء المسلمات. وقد ناقشن أفكارًا تتعلق بتنفيذ وتطبيق أهداف هذه الفعالية. وقد ذكرت السيدة رنا عبد الحميد، إحدى طالبات كلية كيندي المنظمة للفعالية، أن الهدف من هذه القمة يتمثل في تمكين النساء المسلمات ليشكلن "نواة تغيير" في جميع أنحاء العالم ويشكلن كيانًا مستدامًا يجمع النساء المسلمات.

لقد بات من الضروري أن يسعى المسلمون شرقًا وغربًا لتوضيح صورتهم أمام العالم أجمع وذلك بمجابهة ما تقوم به بعض وسائل الإعلام والجمعات المتطرفة من تشويه مستمر ومتعمد للدين الحنيف الذي ما جاء رسوله الكريم إلا رحمة للعالمين وما كانت دعوته إلا دعوة إحسان وحكمة ولم يكن فيها غلظة ولا إكراه، نحتاج نحن المسلمين إلى نشر هذه القيم العليا بين الناس شرقًا وغربًا حتى يعلم القاصي والداني أن الإسلام بريء مما يتنسب إليه زورًا وبهتانًا.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.