الإسلاموفوبيا

 

01 أغسطس, 2017

بين اكتراث الإعلام واتهام الإسلام

من طبيعة وسائل الإعلام بمختلف أنواعها مسموعة ومقروءة ومرئية أنها تهتم بالأحداث المثيرة؛ نظرًا لأنها تتضمن عناصر كثيرة مثل المفاجأة والتضخيم والخروج عن المألوف؛ مما يسهم بدوره بدرجة كبيرة في اهتمام قطاعات واسعة من الجماهير بالحدث، ومن ثمَّ يزيد من متابعتهم لتلك الوسيلة الإعلامية، وهو ما تسعى إليه جُلُّ، إن لم يكن كل الوسائل الإعلامية على اختلافها. وإذا نظرنا إلى التغطيات الإعلامية الحالية، فإنه يصعب أن نجد شيئًا يتخطى في التغطية الإعلامية أخبار تلك العمليات، بل الجرائم، الإرهابية التي صارت تحدث ليل نهار، ولم تعد كذلك محصورة في بلد دون بلد، بل صار مسرحها العالم بأسره.
ولكي تؤدي أي تغطية أهدافها وتخدم الهدف الأسمى المتمثل في مكافحة الإرهاب والتطرف، والعمل على تقويض أيديولوجيته، ينبغي أن تلتزم تلك التغطية بضوابط محددة ترمي إلى هذا الغرض. ومن بين أهم تلك الضوابط ألا تبالغ في التغطية أو تهون منها حسب الجهة التي تقوم بالعملية الإرهابية، وألا تُخَطط التغطية بطريقة تساعد الإرهابيين على تحقيق أهدافهم من العملية التي يقومون بها، بل ينبغي أن تحمل رسائل تقوض من هذا الفكر المشبع بالتطرف والإرهاب.  
بيد أن الممارسة العملية من قبل العديد من وسائل الإعلام تُظهر عدم الاكتراث بأية ضوابط أو معايير، بل العمل بطريقة تصب في مصلحة الجماعات المتطرفة وتهدد السلم في الكثير من المجتمعات، فقد كشفت دراسة أكاديمية أن الهجمات الإرهابية التي يشنها مسلمون في الولايات المتحدة تحظى بخمسة أضعاف التغطية الإعلامية للهجمات الإرهابية التي ينفذها غير مسلمين في الولايات المتحدة؛ حيث أظهرت دراسة استقصائية للتغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية في الولايات المتحدة في الفترة من 2011 حتى 2015 أنه كان هناك ارتفاع حاد في التغطية الإعلامية للهجمات الإرهابية التي يشنها مسلمون بنسبة تقدر بـ 449%، حيث شن المسلمون 12.4% من الهجمات خلال فترة الدراسة، بيد أنها حظت بـ 41.4% من التغطية الإعلامية. في السياق ذاته، أوضح القائمون على الدراسة أن هذه النتائج تجعل الشعب الأمريكي يخشى الهجمات الإرهابية بدرجة غير متكافئة مع مستوى الحدث، كما وجدوا أن تفجير ماراثون بوسطن الذي شنه مسلمان اثنان عام 2013 قد حظي بتغطية إعلامية تبلغ نحو 20% من التغطية الإعلامية لجميع الهجمات الإرهابية خلال الخمس سنوات. وعلى الجانب الآخر، حظى حادث إطلاق النار في معبد للسيخ عام 2012 والذي كان منفذه رجل أبيض بنسبة 3.8% من التغطية الإعلامية. وتخلص الدراسة إلى أن تغطية وسائل الإعلام للهجمات الإرهابية التي يرتكبها مسلمون ربما تفوق بكثير تغطيتها للحوادث الأخرى، فإن هذه الوسائل تضع إطارًا أن هذا النوع من الأحداث أكثر شيوعًا من غيره. وبناءً على هذه النتائج، يصبح من غير المستغرب أن يتملك الأمريكيون الخوف من الإرهاب الذي يرتكب باسم الإسلام، في حين أن واقع الأمر يشير إلى أن هذا الخوف في غير موضعه.
من خلال هذه الدراسة يتضح أن مثل هذه التغطيات لا تتم مصادفة، بل إنها تكون وفق خطة مدروسة، إذ لو كانت تسير بلا خطة لحظيت الحوادث كلها بنفس القدر من التغطية الإعلامية، بغض النظر عن مرتكبها أو الجهة التي تبنتها. ومن ثم يوضح هذا بجلاء أن مثل هذه الوسائل الإعلامية تهدف إلى شيطنة الإسلام والمسلمين وتنفير الناس على مستوى العالم منهم، وتحميلهم، وحدهم دون غيرهم، تبعة الفوضى وعدم الاستقرار الذي يسود في العالم، على خلاف الواقع والحقيقة. 


وحدة رصد اللغة الإنجليزية
 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.