الإسلاموفوبيا

 

03 أغسطس, 2017

ناقوس خطر.. "جرائم الكراهية والعنصرية" باستخدام المواد الحارقة في بريطانيا

-حين تحوِّل الكراهية الجمال قبحًا.....والابتسامة نكدًا.....والفرحة حزنًا....والصحة سقمًا

 

Image

الصورة الأولى لجميل مختار وابنة عمه ريشام خان، شابين مسلمين بريطانيين، وهما في أبهى منظر وأجمل صورة .. هذا خلق الله .. قبل أن تتدخل يد الكراهية.....!!!
والصورة الثانية لجميل مختار وابنة عمه رشام خان أيضًا، ويتوسطهما جون توملين: رجل ملء قلبه الحقد والكراهية، فأراد أن يغير خلق الله بأمر من الشيطان الرجيم ودافع من الحقد الدفين؛ وصدق الله العظيم إذ يقول حكاية عن الشيطان:    (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ).
جون توملين، شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، قام بتنفيذ هجوم مروع في الواحد والعشرين من شهر يونيو الماضي؛ حيث قام برش مادة حمضية حارقة على جميل مختار وريشان خان، وهما أبناء عمومة، أثناء انتظارهما بسيارتهما عند إحدى إشارات المرور في منطقة بيكتون شرق لندن، بعدما ضرب نافذة السيارة، مما أدى إلى تشوُّهاتٍ في وجه الشابة ريشام التي كانت تحتفل بعيد ميلادها الواحد والعشرين، بينما دخل مختار في غيبوبةٍ وأصيب بتشوُّهات هو الآخر.
واستبعدت الشرطة في البداية أن يكون الدافع وراء هذا الحادث الأليم دينيًا أو عنصريًا، لكن جميل مختار أصرَّ على وصف الهجوم بأنه جريمة كراهية وبلور الحدث إعلاميًا وقدَّم أدلة على ذلك، مما دفع الشرطة إلى تصنيف الهجوم على أنه جريمة كراهية في نهاية يونيو.
نشرت شرطة العاصمة صورًا للمتهم، وناشدت المواطنين ضرورة التعرف على مكان وجوده؛ مما دفع جون توملين إلى تسليم نفسه للشرطة ولا يزال رهن الاعتقال، وفق ما ذكرت شرطة إسكتلاند يارد.
لكن اللافت للنظر والمثير للغضب هو تعامل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مع هذا الحادث. فصحيفة "The Independent" البريطانية نفسها لم يعجبها التغطية الإعلامية للحادث، وعلقت في أحد مقالاتها بأنه على الرغم من كون الحادث مروعًا، إلا أن معظم وسائل الإعلام فشلت في تغطيته بطريقة جيدة، فلو كان الضحايا غير مسلمين، لامتلأت عناوين الصحف العالمية بصورهم. وهذه ليست المرة الأولى من نوعها التي يتم فيها غض الطرف عن الهجمات التي يتعرَّض لها المسلمون في بريطانيا. وفضلاً عن عدم تغطية هذه الهجمات بطريقة عادلة، إلا أن هذه ليست المعضلة، فالطامة الكبرى هي أن العديد من وسائل الإعلام البريطانية تمتنع عن اعتبار هذه الهجمات إرهابية!
ليست جريمة إرهابية!!! وأي إرهاب أشنع وأفظع من جريمة يقوم فيها شخص برش مادة حارقة على ضحية بهدف تشويهها بشكل دائم أو تعذيبها أو قتلها كرهًا لدينها أو لجنسها أو لونها أو عرقها، وانتقامًا منها. إننا في مرصد الأزهر الشريف نرى أن هذه جريمة إرهابية كاملة الأركان، حيث تستهدف الجسم والنفس: فهذه المواد تسبب حروقًا بالغة بالجلد وتشوهات دائمة بالوجه والجسم، وقد تصل إلى العظام وتذيبها ومن الممكن أيضا أن تؤدي إلى العمى والوفاة؛ ناهيك عن العواقب الوخيمة بعيدة المدى لهذه الإصابة، ومنها الأضرار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية. فالناجون من تلك الهجمات يواجهون مشكلات نفسية وعقلية كبيرة نتيجة للآثار البشعة التي يتركها الحمض على أجسادهم. ويعاني الناجون من احتمالية أكبر للإصابة بالاكتئاب والقلق ونقص الثقة بالنفس نتيجة الضغط النفسي الناتج عن تشوه مظهرهم. بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية الكبيرة التي تواجهها الضحية بعد تشوه وجهها وجسدها وربما قدرتها على الإبصار والسمع والكلام، فتخسر عملها وقدرتها على التواصل الاجتماعي وتصبح عبئًا على أسرتها التي تتحمل نفقات علاجها ومعيشتها، مما قد يعرضها للمضايقات المجتمعية وتضاؤل الفرص في الزواج. فهل هناك إرهاب أشنع أو أشد قبحًا من هذا ؟! إنها جريمة إرهابية لأنها تبث الذعر والخوف في نفوس الناس وتجعلهم حبيسي بيوتهم خوفًا على أنفسهم. 
وعلى هامش متابعة المرصد لخبر ريشام وجميل، فإن اللافت للنظر تلك الإحصاءات والتقارير الواردة بشأن هجمات الاعتداء بالمواد الحامضة في المملكة المتحدة؛ والتي تكشف أن هذه الهجمات في تزايد مستمر لا سيما في لندن:
ففي تقرير نشره موقع "Open Democracy" يوم 5 يوليو 2017، ذكر الموقع أنه طبقًا لتقارير أفصحت عنها الشرطة بناءً على طلب يستند إلى حرية تداول المعلومات، أن الهجمات بالمواد الحمضية في تزايد في لندن – بإجمالي 1490 هجومًا في لندن ما بين عام 2011 و2016 مع الوضع في الاعتبار أن 431 هجومًا وقعوا في 2016، بالمقارنة مع 261 في العام السابق لـ2016 .
من جانبها أعربت منظمة الناجين من الاعتداء بالأحماض الحارقة في المملكة المتحدة عن قلقها من أن الهجمات بالحمضيات الحارقة في المملكة المتحدة قد لا يبلغ عنها كلها، لا سيما والضحايا لا يلجئون لمقاضاة المعتدين خوفًا من الانتقام.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة "The Gurdian" البريطانية تقريرًا مهمًا أوردت فيه إحصاءات تشير إلى أن عدد  جرائم الاعتداء باستخدام المواد الحارقة تضاعف في لندن خلال السنوات الثلاثة الأخيرة طبقًا لبيانات رسمية اطلعت عليها الصحيفة. 
وذكرت الصحيفة أن هناك زيادة ملحوظة أيضًا في أجزاء أخرى من إنجلترا، ففي العاصمة لندن، ارتفع عدد تلك الحوادث من 186 ما بين إبريل 2014 ومارس 2015 إلى 397 في نفس الفترة من العامين 2016-2017. 

Image


ويصف الدكتور سيمون هاردينغ، المحاضر بعلم الجريمة في جامعة ميدلسيكس، إحصاءات الشرطة "بالمخيفة حقًا" وقال بأنه كان من الصعب معرفة مدى خطورة هذه المئات من الهجمات. فهناك حوالي 2000 هجوم من هذا النوع في لندن منذ 2010، وهذا كثير. 
كل هذه الأخبار والأحداث والتفاعلات تدعونا إلى التحذير من بداية استخدام تلك المواد بشكل ممنهج وشامل من قبل المتطرفين سواء كانوا إسلاميين أو غيرهم، فالتطرف ظاهرة مرضية على المستويات النفسية الثلاثة، المستوى العقلي أو المعرفي، والمستوى العاطفي أو الوجداني، والمستوى السلوكي. والكراهية هي ضرام التطرف؛  والكراهية عمياء لا تفرق بين مسلم أو غيره. 
ويرجح المرصد ازدياد إمكانية استهداف المسلمين بهذه المواد الحارقة في قابل الأيام، لا سيما عندما يتم وضعها جنبًا إلى جنب مع الهجمات على المساجد وحوادث الدهس وارتفاع معدل جرائم الكراهية بسبب الإسلاموفوبيا، الأمر الذي يدعو للقلق،  ويري المرصد أنه قد حان الوقت لتتخذ الحكومات إجراءات جادَّة في هذا الصدد  بهدف الوقاية من هذه الجرائم النكراء ومناشدة الجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم من تدابير لإنهاء هذا العنف المستخدم فيه الحمضيات الحارقة. ولا يمكن ذلك إلا إذا وقفت تلك الحكومات على المعلومات اللازمة حول عدد تلك الهجمات وترتيبها وتفاصيل استخدامها. 
وقد وقفنا على بعض التقارير التي تشير أيضًا إلى أنه لا يوجد تشريع يمنع أو يُحدُّ من بيع المواد الحارقة، وأنه من الممكن شراء حمض الكبريتيك بثمن زهيد من المتاجر أو عبر الإنترنت. وعلى الحكومات أن تدرك أن من يريد الأذى سيسعى سعيًا حثيثًا لإيجاد أسلحة متوفرة ورخيصة وسهلة المنال. لذا ينبغي، على المدى القريب، وضع نظام لإصدار تصاريح أو تراخيص لشراء المواد الحامضة المركزة وأن تتم عمليات الدفع للشراء عن طريق بطاقة ائتمان حتى يتثنى تعقب المشتري ومساعدة تحقيقات الشرطة.
كذلك من الإجراءات المهمة عمل بحث مفصل لفهم المشكلة على نحو أفضل. وهذا سيمكن من الوصول لحل مستهدف، فالعامل الرئيس هو معالجة الأسباب الجذرية للعنف باستخدام المواد الحامضة مثل التطرف والكراهية وغيرهما، كذلك نؤكد أن هناك الكثير من المنظمات غير حكومية والتي ينبغي أن تلعب دورًا مهمًا في دعم الضحايا طبيًا ومعنويًا ونفسيًا وتساعدهم في مجال الاستشارات القانونية وإعادة التأهيل من أجل إعادة دمجهم داخل المجتمع .

وحدة رصد اللغة الإنجليزية
 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.