الإسلاموفوبيا

 

06 أغسطس, 2017

ظلال التعصب والكراهية واستقطاب الشباب وتجنيدهم

كنتيجة للتناول الإعلامي الجائر للمسلمين في الغرب بتصويرهم على أنهم الوحوش الضارية التي ستلتهم العالم، ارتفعت في الآونة الأخيرة حالة الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام والمسلمين ارتفاعًا ملحوظًا في الغرب بصورة عامة، وهو ما ينذر بعواقب تستوجب أخذ الحذر من تنامي هذه الظاهرة لإنعكاس خطرها على تهديد أمن هذه المجتمعات ووحدتها وتماسكها، سواء على المسلمين في الغرب أو حتى المساعي الرامية لمحاربة التطرف والإرهاب في العالم.
لا ننكر أبدًا أن التنظيمات الإرهابية التي تحمل اسم الإسلام زورًا وبهتانًا لها دور كبير في نشر الرعب من المسلمين في الغرب لكن الخطير في الأمر هو أن كثيرًا من الكتاب والصحفيين الغربيين يُصَدِّرُ ما يفعله هؤلاء الإرهابيون للمجتمع الغربي على أنه هو الإسلام؛ مما يجعل الكثير من غير المسلمين يتهمون جميع المسلمين بالتطرف والإرهاب، وهذا بالطبع هو أهمُّ أسباب ارتفاع نسب جرائم الكراهية بهذا الشكل الملحوظ.
ومما يؤكد تلك الزيادة الملحوظة في الولايات المتحدة ما نشره موقع مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" على موقعه هذا الأسبوع، فقد نشر تقريرًا عن أحوال الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة؛ خلص إلى ارتفاع حوادث الكراهية ضد المسلمين في عام 2016، بنسبته 57% عن عام 2015، تزامن ذلك مع ارتفاع مقداره 44% في جرائم الكراهية المرتكبة ضد المسلمين خلال المدة ذاتها؛ وقفز معدل حوادث التعصب ضد المسلمين بنسبة 65% في الفترة ما بين عام 2014 و 2016، ووجد "كير"  أن جرائم الكراهية ضد المسلمين ارتفعت في المجمل بمقدار 584%.
وقد كانت الدوافع الأكثر شيوعًا في حوادث التعصب ضد المسلمين خلال عام 2016 هي الأصل العرقي أو القومي للضحية، حيث شكلت الحالات من هذا النوع 35% من إجمالي الحالات؛ فيما وقع 16% من الحوادث نتيجة لارتداء النساء الحجاب؛ وشكلت حالات أخرى من الأنشطة أو الفعاليات الإسلامية من قبيل التجمعات أو رحلات التنزه أو الزيارات للأماكن العامة نسبة إضافية مقدارها 11 بالمائة؛ جاء بعد ذلك اسم الشخص بنسبة 8% من الحالات؛ وحلت أماكن العبادة في المرتبة الخامسة، حيث شكلت 6% من إجمالي الحالات.
وضمن حالات الإسلاموفوبيا التي تابعها مرصد الأزهر في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الثالث من يوليو 2017 كانت من أحد المسئولين، وهو السيد جيف سيتنج، حاكم مقاطعة كالكسا بولاية ميتشيجان، الذي شارك منشور على صفحته الشخصية بموقع فيس بوك يدعو إلى إبادة المسلمين في المقاطعة وقصفهم بالأسلحة النووية، وحين تم توجيه اللوم له ومطالبته بالاعتذار للمسلمين هناك رفض رفضًا تامًا، وصرح سيتنج، أنه غير مدين بأي اعتذار بسبب منشوراته على فيسبوك؛ الأمر الذي أثار غضب سكان المقاطعة مطالبين بإقالته من منصبه. ووجه أحد سكان المقاطعة رسالة إلى سيتنج قائلاً: "توليت مقاليد حكم المقاطعة لتمثل جميع سكانها، ليس البيض فقط ولا غير المسلمين فقط." وللأسف وصفت بعض المنشورات التي قام سيتنج بنشرها، المسلمين بالمخربين الذين لا يستحقون أن يكون لهم مكان في العالم، كما دعت منشوراته أيضًا إلى استخدام الأسلحة النووية لقصف المسلمين في المقاطعة بل وقبلة المسلمين، مكة! 
وفي جورجيا تظاهر المئات حاملين أيقونات للصليب وأعلام في منطقة مكتظة بالشرق أوسطيين، بمدينة تبليسي من أجل وضع حد لهجرة المسلمين. وشاركت أحزاب مختلفة متعددة الجنسيات في التظاهرة. وعلى الرغم من مخاوف العديد من المراقبين، انتهت التظاهرة سلميا، باستثناء اشتباك بين اثنين من المشاركين.
أما في قارة أستراليا، فكان أحد مظاهر الإسلاموفوبيا في نفس الفترة؛ ما أقدم عليه أحد المعتدين بإلقاء رأس خنزير أمام مدرسة إسلامية في مدينة بريزبن الأسترالية، وقال مدير المدرسة إنه لم يحدث أي مشاكل بسبب التواجد المكثف للشرطة في المدرسة صباح ذلك اليوم، لكن المجتمع الإسلامي أصبح قلقًا من تكرار هذه الحوادث التي يمكن أن تكون مقدمة لشيء أكبر"، وأضاف "أن الأشخاص الذين يستهدفون الفئات الضعيفة من المجتمع الإسلامي، سواء كانوا من النساء أو الأطفال، ما هم إلا جبناء، وأكد أن "المتطرفين اليمينيين بمن فيهم بعض السياسيين الذين يشوهون المدارس الاسلامية هم المسؤولون عن ذلك"، وألقى اللوم على بولين هانسون، العضوة السابقة بالبرلمان الأسترالي.
وفي نفس السياق أوردت صحيفة " Mail Online" البريطانية خبرًا مفاده عزم المعارضة في ولاية كوينزلاند الأسترالية على منع الفتيات المسلمات من ارتداء الحجاب والنقاب في المدارس، وذلك في حال فوزهم في الانتخابات القادمة. كما صوت حزب العمال الأسترالي على قرار منع الفتيات المسلمات تحت سن العاشرة من ارتداء الحجاب، وعلى الرغم من هذا الموقف الصارم الذي يتبعه الحزب بشأن الحجاب بحجة أنه لا يتوافق مع القيم الأسترالية إلا أنه يرفض الأصوات الداعية إلى منع الهجرة إلى أستراليا من الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية. 
أما عن المملكة المتحدة ومظاهر الإسلاموفوبيا هناك، فقد صدر تقرير عن مشروع " Tell MAMA" –وهو مشروع قومي في المملكة المتحدة يهدف إلى توثيق أعمال الكراهية المتزايدة ضد المسلمين في المملكة المتحدة– يفيد أنه في الفترة ما بين شهر مايو 2013 ويونيو 2017، شهدت المملكة 167 هجومًا على المساجد، ما بين اعتداءات مباشرة عن طريق حرقها أو توزيع منشورات مناهضة للمسلمين أو إرسال رسائل تهديدية لها.
وقال التقرير إن هذا العدد يعني أن المساجد تم استهدافها مرة أسبوعيًا خلال تلك الفترة محل الدراسة؛ وهذا كله على خلفية ارتفاع جرائم الكراهية بسبب الدين والعرق التي وصلت لنسبة 23% في الأحد عشر شهرًا التي أعقبت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

Image


وقد ألقى مشروع "Tell MAMA" الضوء على حملات الاعتداء على المساجد، والتي كان آخرها مجموعة من الخطابات التهديدية مصحوبة بأجهزة تفجير. وأحيانا كان يتم إرسال مسحوق أبيض للمساجد كنوع من التهديد وإن كان غير ضار على الإنسان.  
وقد صرح بعض القادة الدينيين المسلمين في مانشستر بعد الهجوم على المركز الإسلامي بجمعية نصر الله الفاتح بطريق درويلدسن أنه ينبغي على الشرطة أن تتعامل مع مثل هذه الجرائم على أنها "جريمة إرهابية" لا مجرد جريمة كراهية، وذلك بعد أن تعرض المسجد يوم الأحد 16 يوليو لهجوم بإشعال النيران فيه مما أدى إلى تدمير مكان الصلاة وثلاث فصول تعليمية.
 وقد صرح أحد أعضاء لجنة إدارة المركز قاسم تشوهان، قائلا: "لابد أن نرفع أصواتنا بالحديث عن هذه الجرائم لأننا لو غضضنا الطرف عن مثل هذه الجرائم البشعة ستنتشر في المجتمعات من حولنا"
كما ذكر المتحدث الرسمي باسم المركز، شمس الدين أولاديميجي، أن المركز تعرض لهجوم إضرام النيران قبل ذلك مرتين في السنوات الثلاثة الأخيرة؛  بالإضافة إلى الحوادث الأخرى مثل رمي رؤوس الخنازير داخل المبنى، وتبول بعض أشخاص خارجه والإساءة اللفظية.
وأكد أحد كبار ضباط شرطة مانشستر بأن الشرطة تتعامل مع الحادث باهتمام بالغ على اعتبار أنه "جريمة كراهية" وستظل التحقيقات مستمرة حتى يصلوا إلى الدافع وراء الحادث.
هذه الأحداث وغيرها الكثير انتشرت وبقوة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يجب أن تتنبه له جميع الحكومات الغربية ليندرج تحت المظاهر التي تدعم التطرف والإرهاب بطريق مباشر أو غير مباشر، لأنه شئنا أو أبينا سيستخدم هذه الصورة البشعة المتطرفين ليستقطبوا المزيد من الحاقدين والكارهين مما يزيد من حدة إرهاب اليمين المتطرف وإرهاب التنظيمات الإسلامية المسلحة الذي بات مواجهته ضرورة وواجب على العالم بأسره.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية


 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.