الإسلاموفوبيا

 

31 أكتوبر, 2018

المجتمع البريطاني في مواجهة متلازمة التطرف والإسلاموفوبيا

     يحاول المجتمع البريطاني ـــ مثله مثل معظم مجتمعات العالم ـــ التخلص من شبح التطرف والإرهاب في ظل الأعمال الإرهابية التي ضربت عدة أماكن حول العالم، من بينها بريطانيا نفسها، لكنه لم يكن يتوقع أن التعريف بخطر الإرهاب ربما يوقع المجتمع فى فخ الإسلاموفوبيا الذي تعتمد عليه الجماعات المتطرفة في الترويج لأفكارها الإرهابية المسمومة. لكن العقلاء من المجتمع البريطاني تنبهو سريعًا محاولين تطبيب جراح الإسلاموفوبيا الناتجة عن المواجهات مع المتطرفين، فكما نقل موقع صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن حملة "Hope not Hate - أمل لا كراهية" التي تم تدشينها عام 2014 لمجابهة الكراهية في المجتمع البريطاني قد أعدت بحثًا  حول الإسلاموفوبيا، وتوصلت فيه إلى أن كثيرًا من البريطانيين لديهم اعتقاد خاطئ بأن ثمة أماكن للمسلمين تُطبق فيها الشريعة الإسلامية ولا يحق لغيرهم دخولها.

وأوضح الموقع أن آفة عدم المساواة الاقتصادية تعزز من ازدياد الشعور بالكراهية ضد الجالية المسلمة والمهاجرين، وتضر بمبدأ تعدد الثقافات خاصةً في المدن التي لا تتميز بنشاط للصناعات الثقيلة، وكذا المدن الساحلية.  وعلى الرغم من أن هذه المناطق صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي فَسَتُعاني أكثر من غيرها؛ لوقوعها فريسة سهلة لأفكار اليمين المتطرف الشعبوي بسبب معاناتها الاقتصادية.

كما بين البحث أن عوامل مثل العمر، والحرمان الاجتماعي، ونوعية التعليم لها تأثير في ظهور مثل هذه الاعتقادات؛ حيث تقل بالقرب من مناطق التنوير الثقافي كالجامعات، وتزداد في الضواحي (أطراف المدن). كما أن تلك الاعتقادات ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالمدن التي تُظهر مشاعر العداء للمهاجرين.

وفي السياق ذاته، رصد البحث زيادة في وتيرة احتجاجات اليمين المتطرف، وعلى وجه الخصوص رابطة مشجعي كرة القدم الديمقراطية المناهضة للإسلام ورابطة الدفاع الإنجليزية.

وذكر الموقع أن استطلاعًا أجرته جهة أخرى على عشرة آلاف وثلاثمائة شخص أظهر اتجاهًا عامًّا لتنامي مشاعر الجفاء ضد المسلمين، والشعور بأنهم مصدر تهديد في أعقاب ارتكاب "داعش" لفظائعها، وكان معظم المشتبه بهم من خلفيات باكستانية.

 ونبه الاستطلاع على ضرورة انخراط الجالية الإسلامية في المجتمع البريطاني، فالعلاقة طردية بين اندماجهم وبين تراجع مشاعر الكراهية ضدهم، فكلما لاحظ البريطانيون صدور سلوكيات غريبة عن المجتمع البريطاني من المسلمين كلما ازدادوا انفصالًا عنهم وكرهًا لهم.

إلا أن الموقع أشار إلى أن الحكومة البريطانية قد تكون سببًا في الشعور بالعزلة الذي يتنامى لدى المسلمين يومًا بعد يوم؛ حيث يتوجب عليها إعادة تأهيل تلك الجاليات، وتزويد شبابها خاصة بالمهارات والأدوات الحديثة التي تُمَكِّنهم من التنافس المجتمعي الفعال. ويتطلب ذلك العمل على توفير الدعم المالي اللازم والإرادة السياسية الحقيقية.

وقد أظهرت الإحصائيات الصادرة عن وزارة الداخلية أن أكثر من نصف الهجمات ذات الدوافع الدينية في الفترة من عام 2017 إلى عام ‏2018 ‏كانت موجهة إلى المسلمين، وكانت المجموعة التالية الأكثر استهدافًا هي الشعب اليهودي. كما سجلت الشرطة إجمالي  94,098  من الأفعال الإجرامية، وهذا أكثر من ضعف  إجمالي الخمس سنوات الماضية؛ حيث إن ثلاث أرباع تلك الجرائم هي جرائم عنصرية، وتزايدت النسبة لتصل إلى 40 % زيادة عن العام الماضي.

وذكر أليكس مايز مستشار السياسات في دعم الضحايا أن لدى الحكومة وعيًا تامًّا بخطورة جرائم الكراهية وهناك استجابة سريعة من الشرطة. ومن جانبها قالت البارونة ويليامز، وزيرة مكافحة التطرف: إن الحكومة "تتضامن" مع المجتمعات المحلية المتضررة من جرائم الكراهية، فهى ترتبط بشكل خطير بالتطرف حيث إنها مدمرة بالنسبة لأولئك الذين يستهدفهم العنف المروع أو سوء المعاملة، وأيضًا المجتمعات بأكملها حيث تبلغ جرائم الكراهية 96% من بين جرائم العنف ضد شخص، والجرائم العامة أوالجنائية وجرائم الحرق ولكن بالرغم من التزايد في تسجيل الجرائم إلا إنه قد انخفض عدد المحاكمات بنسبة أكثر من 2% في الفترة ما بين 2016-2017 و 2017-2018 .

نستطيع أن نقول: إن متلازمة الإرهاب والإسلاموفوبيا ببريطانيا أصبحت خطرًا يواجه المجتمع البريطاني بل عدة مجتمعات أوروبية أخرى، ولا بد على المجتمعات وحكوماتها أن تدرس تلك الظاهرة وتعمل على علاجها بدلًا من مكافحة كل ظاهرة على حِدَةٍ؛ لأن الإرهاب والإسلاموفوبيا أصبحا وجهين لعملة رديئة يستخدهما المتطرفون من الإرهابيين واليمين على حد سواء.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.