الإسلاموفوبيا

 

22 يناير, 2020

تخوفات من ازدياد معدلات ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في بريطانيا

     لطالما عاش المسلمون بين المطرقة والسندان، يتجرعون ويلات الهجمات الإرهابية التي تُرتكب باسم الدين هنا وهناك، وهو منها براء، حتى بادرتهم ظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي أحاطت بهم كالطَّامة الكبرى. 
فلم تكد تتجرع مسلمات مقاطعة "كيبيك" الكندية ويلات تطبيق قانون حظر ارتداء الرموز الدينية، مما أفقدهنّ الشعور بالأمان والانتماء للمقاطعة، حتى تعالت أصوات مناصري حقوق الإنسان، للتنديد بالعنصرية والتعصب والانتهاكات سواء اللفظية أو الجسدية الممارسة ضد المسلمين في المملكة المتحدة، بيد أنها ظلت دون جدوى.
فقد خلصت دراسة مستقلة أجرتها مؤسسة "يوجوف" البريطانية -هيئة مستقلة معنية باستطلاع الرأي العام- إلى أن حزب المحافظين الحاكم بالمملكة المتحدة يعاني من إشكالية "الإسلاموفوبيا"؛ إذ ظهر أن ما يقرب من نصف أعضاء الحزب لا يُفضلون أن يكون لديهم رئيس وزراء من الجالية المسلمة. 
ولعل هذا الاستطلاع يثبتُ مصداقية ما تداولته بعض الصحف البريطانية العالمية، عن قيام أكثر من 100 شخص يُرجح أنهم أعضاء بحزب المحافظين البريطاني، بنشرتعليقاتٍ عنصريةٍ معادية للمسلمين عبر الإنترنت، من بينها منشورات تصف المسلمين بـ"الغرباء" الذين "يرنون إلى أسلمة الدولة"، بالإضافة إلى تعليقات أخرى منها: "ليس لدينا سياسي قوي بما يكفي في المملكة المتحدة لينأى بنا عن هذا البلاء، فنحن نخذل أبناءنا بسماحنا لهذه الطائفة بالسيطرة على بلدنا".
تحركات المجلس الإسلامي البريطاني
وبناءً عليه، تقدّم المجلس الإسلامي البريطاني بشكوى من 20 صفحة إلى لجنة "المساواة وحقوق الإنسان"، توضح تعصب بعض أعضاء حزب المحافظين وتحيّزهم ضد المسلمين، مؤكدًا أن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" مُتأصّلة في الحزب، حيث أن عددًا كبيرًا من ممثلي الحزب والأعضاء متورطون في ارتكاب أعمالٍ تندرج تحت ظاهرة الإسلاموفوبيا.
وصرح "هارون رشيد خان" -الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا- أنه من المؤسف أن يضطروا لتقديم شكوى كهذه إلى لجنة المساواة وحقوق الإنسان، بيد أن مخاوف المسلمين عمومًا بشأن ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين لم تلق أي صدى. 
وأضاف قائلًا: "لقد اتخذنا هذه الخطوة بعد أن استرعى انتباهنا عددٌ غير مسبوق من الحالات، مما يشير إلى وجود ثقافة داخل حزب المحافظين تؤكد أن الإسلاموفوبيا ليست مجرد ظاهرة واسعة الانتشار، ولكنها نهج مؤسسي؛ ومن ثمّ نطالب لجنة المساواة وحقوق الإنسان بالنظر في جميع الأدلة المُقدمَّة والتحقيق في هذا الأمر على وجه السرعة"، متهمًا حزب المحافظين بـ "غض الطرف عن هذا النوع من العنصرية".
وبينما علَّق الحزب عضوية عشرات الأعضاء والممثلين المنتخبين الذين ينشرون تعليقات تندرج تحت ظاهرة "الإسلاموفوبيا" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه يظل متهمًا بالتستُّر على حجم المشكلة بداخله، وهنا صرحت المتحدثة باسم لجنة المساواة وحقوق الإنسان بأن اللجنة ستنظر في الطلب المقدم من المجلس الإسلامي البريطاني. 
التخوف من زيادة معدلات جرائم"الإسلاموفوبيا" 
وقد نمت حالة من القلق على المسلمين في بريطانيا، خشية زيادة معدلات جرائم الإسلاموفوبيا، وفي هذا الصدد، صرحت سعيدة وارثي -الرئيس الأسبق لحزب المحافظين- أن هذا الملف شائك جدًّا، وينبغي على الحزب "بادئ ذي بدء، أن يعترف بضخامة المشكلة، وأنه بحاجة ماسة إلى اتخاذ الإجراء اللازم كوضع تعريف للإسلاموفوبيا- يمكن من خلاله قياس التعليقات المعادية للإسلام، كما أنه بحاجة إلي إرسال رسالةٍ واضحةٍ تفيد أنه لا مكان للعنصريين والمتعصبين في المملكة المتحدة، كما ينبغي عليه أن يبدأ في تحسين علاقته مع المسلمين البريطانيين وإجراء تحقيقٍ مستقلٍّ في جرائم الإسلاموفوبيا؛ إذ إنه أمر لا بُد منه، ومضاعفة الجهود المبذولة لاجتثاث العنصرية الآن". 
ومن جرَّاء هذا الأمر؛ تعرض حزب المحافظين لانتقاد صارخ؛ لرفضه تبني تعريف للإسلاموفوبيا يصنّف العنصرية ضد المسلمين بأنها شكل من أشكال العنصرية.
مواجهة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" 
وفي خضم تلك الأحداث المترامية ذات التأثير طويل المدى على مستقبل المجتمعات المسلمة في الغرب، يظل المسلمون يعملون بدأب لإبراز القيم الإسلامية السمحة قدر إمكانهم؛ لإيمانهم بأن الإسلام يحث على المساهمة الإيجابية الفاعلة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نظّم أحد المراكز الإسلامية بمقاطعة "سانتامو" بالمملكة المتحدة، إحدى الفعاليات التي تهدف إلى الحد من ظاهرة التمييز، و أشكال التفرقة العنصرية كافة بمدينة "هارو".
 حيث قام المسئولون عن المركز الإسلامي، بتوزيع هدايا وباقات معايدة مكتوبة يدويًّا للتأكيد على روح الإسلام السمحة –والتي تُقدر بـ250 هدية لمراكز الخدمات العاجلة والعاملين وسكان منطقة "دنيس لين" وبعض المراكز الطبية العامة- جنبًا إلى جنب مع لاعب الدوري الإنجليزي "جيرارد دولوفيو" برفقة 100 من سكان المدينة، في خطوة لبيان مدى الاندماج المحلي بالمقاطعة، وذلك بالتزامن مع انتخابات مجلس العموم البريطاني.
وليس هذا فحسب، فقد فتح متجر "فيكتوريا" للأسماك والرقائق الذي يملكه أحد المسلمين بمدينة كارديف -عاصمة ويلز وأكبر مدنها بالمملكة المتحدة- أبوابه بمناسبة الاحتفالات برأس السنة لتوفير وجبات مجانية للمشردين والمسنين والضعفاء.
وأخيرًا .. 
لا يستطيع أحد إنكار الدور السلبي للعنصرية في تهديد السلم المجتمعي بالدول؛ لذا يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ضرورة وضع تعريف واضح لـ "الإسلاموفوبيا" في بريطانيا؛ لمواجهة أي انتهاكات أو أفعال تُرتكب في حق المسلمين، والحد من تزايدها وانتشارها؛ حفاظًا على وحدة وأمن المجتمع البريطاني.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية
 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.