الإسلاموفوبيا

 

06 يونيو, 2022

الإسلاموفوبيا بين الظواهر الفردية والعالمية

     كان حادث الحادي عشر من سبتمبر بلا شك مرحلة فاصلة في التاريخ المعاصر، نتيجة التداعيات التي ترتبت على هذا الحادث وأبرزها ارتفاع معدلات العنف والتطرف، فضلًا عن الزيادة المطردة لظاهرة الإسلاموفوبيا وتصاعد وتيرة العداء والكراهية تجاه الإسلام والمسلمين، والتي اتخذت شكل حملات تشويه إعلامية تكاد تكون ممنهجة وسلوكيات عدائية متكررة على أرض الواقع. 
يعكس مصطلح الإسلاموفوبيا التحامل على الإسلام والمسلمين، ويوحي باستباحة الاعتداء على الأفراد بذريعة انتمائهم للإسلام. إلا أن هذه الحالة العدائية تجاه المسلمين في الغرب ليست وليدة السنوات الأخيرة فقط، لكن المتتبع للسياق التاريخي لظاهرة الإسلاموفوبيا (حتى قبل صياغة المصطلح بوقت طويل) يجدها تعود إلى أبعد من ذلك بكثير؛ لأنها ببساطة تتبنى صورة قديمة مغلوطة ومشوهة عن المسلمين، يغذيها في الوقت الحالي صعود تيار اليمين المتطرف لأهداف وأجندات خاصة، ناهيك عن استغلال الآلة الإعلامية في تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين في الغرب. 
في المقابل لا يمكن إنكار دور هجمات التنظيمات المتطرفة التي تدعى انتسابها للإسلام، وهي بدورها تسيء للإسلام وتساهم في إذكاء الصورة النمطية المشوهة عن المسلمين، كذلك استغلت وسائل الإعلام الغربية، موجات الهجرة واللجوء نتيجة اضطراب الأوضاع الأمنية، في التصعيد ضد المسلمين من خلال إثارة مخاوف المواطن الغربي من تقلص فرص العمل، وزيادة أعداد المسلمين وطمس الهوية الغربية بمرور الوقت. 
لذلك لم يكن من المستغرب تكرار المطالب بخلع حجاب المسلمات، وحظر النقاب في الأماكن العامة، ناهيك عن مشاهد الاعتداء اللفظي والجسدي على المسلمات، والتعدي على دور العبادة الإسلامية ومضايقة المصلين، والتمييز في أماكن العمل، والتحيز بشكل عام ضد المسلمين. 
ووفق تقرير موقع (صوت أمريكا) عن حالة الإسلاموفوبيا مؤخرًا، يتبني الرئيس الأمريكي الحالي "جو بايدن" خطابًا أكثر اعتدالًا تجاه المسلمين مقارنة بسلفه "دونالد ترامب" الذي صرح في العام ٢٠١٦م قائلًا:" أعتقد أن الإسلام يكرهنا". 
وكان البيت الأبيض قد نظم احتفالًا بمناسبة عيد الفطر بعد توقف دام ست سنوات. وقال (بايدن) في هذا الحفل:" المسلمون يجعلون أمتنا أقوى كل يوم، حتى وهم لا يزالون يواجهون تحديات وتهديدات حقيقية في مجتمعنا، بما في ذلك العنف المستهدف والإسلاموفوبيا".
يأتي التحول في وقت يخشى فيه المسلمون بالولايات المتحدة من ارتفاع وتيرة الإسلاموفوبيا، حيث أبلغ مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) عن زيادة بنسبة (9٪) في عدد شكاوى الحقوق المدنية، التي تلقاها من المسلمين في الولايات المتحدة منذ عام 2020م، إذ تلقى نحو (6720) شكوى في جميع أنحاء البلاد، تتعلق بقضايا: الهجرة، والسفر، والتمييز، وإنفاذ القانون، وتجاوزات الحكومة، وحوادث الكراهية والتحيز، وحقوق السجناء، والحوادث المدرسية، وحرية التعبير.
وقال حذيفة شهباز من مؤسسة كير لموقع صوت أمريكا: "إن تزايد الشكاوى حول الإسلاموفوبيا تزامنت مع رفع القيود المتعلقة بجائحة كورونا، وإعادة فتح أماكن العمل ومراكز العبادة والمطاعم". 
ويضيف خالد بيضون، أستاذ القانون في جامعة ولاية واين: "على مدار العام الماضي، رأينا العنصرية في الولايات المتحدة تتصاعد في جميع المجالات نتيجة للوباء، وزيادة الجماعات المتعصبة للبيض، والاستقطاب السياسي، وعلى الرغم من خروج ترامب من منصبه، فإن هذا المناخ المتزايد من العنصرية مازال يغذي الإسلاموفوبيا الموجودة بشكل كبير في الولايات المتحدة". 
واستحدث مكتب التحقيقات الفيدرالي، نظامًا جديدًا يعطي تفاصيل أكثر دقة عن حوادث الكراهية ضد المسلمين، وقال "تود هولسي" الوكيل الخاص الإشرافي المتقاعد لمكتب التحقيقات الفيدرالي: " هناك مخاوف من أن يؤدي الافتقار إلى بيانات موثوقة حول جرائم الكراهية، لا سيما الحوادث المعادية للمسلمين، إلى انحسار الوعي العام وتراجع اهتمام صانع السياسات بمعالجة مشكلة متفاقمة". يُذكر أن الشرطة الأمريكية سجلت (110) حادثة عدائية ضد المسلمين في عام 2020م. 
الإسلاموفوبيا بوصفها ظاهرة عالمية
وتطرق تقرير موقع صوت أمريكا إلى قضية ملحة وهي تحول الإسلاموفوبيا إلى ظاهرة عالمية لا تقتصر على دولة دون غيرها (حيث تكررت دعوات إبادة المسلمين في الهند وميانمار وغيرها) وهي ظاهرة تهدد السلم المجتمعي وتحتاج إلى التعامل بصورة أكثر جدية. 
وحذر "أنطونيو جوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة، من تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا حول العالم، وقال:" أصبحت أمرًا لا يطاق"، بدوره وصف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد، أبعاد الكراهية ضد المسلمين بـ (الوبائية). 
وختامًا يجدد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، النداء بأهمية احترام التنوع الديني والثقافي والعرقي بوصفها أساس تقدم المجتمعات، وأن نشر رسائل الكراهية والتحريض على العنف ضد فئات معينة داخل المجتمع أمر غير مقبول على الإطلاق من المنظورين الديني والاجتماعي، ويتعارض مع تعاليم جميع الأديان التي تعزز التسامح والسلام وترفض الكراهية. والإسلام يحثنا بشكل خاص
على احترام الآخر ومعتقداته، ويحرم إيذاءه أو الإساءة إليه بأي شكل من الأشكال. 

وحدة رصد اللغة الإنجليزية


 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.