الإسلاموفوبيا

 

05 أبريل, 2016

مظاهر الإسلاموفوبيا بعد أحداث بروكسل

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

من أولويات مرصد الأزهر باللغات الأجنبية متابعة أحوال المسلمين حول العالم، خاصة مظاهر كراهية البعض لهم أو للدين الإسلامي نفسه، وهو ما أصبح يعرف بظاهرة (الإسلاموفوبيا) في الغرب، وقد نشر المرصد تقريرًا يرصد فيه تلك المظاهر خلال العام الماضي، وخلص إلى أن مظاهر الإسلاموفوبيا تزايدت خلال العام الماضي بصورة ملحوظة، حيث ذكر التقرير أن الأحداث الإرهابية التي وقعت بالعاصمة الفرنسية في 13 نوفمبر من العام الماضي زادت من مظاهر الكراهية للمسلمين بالأراضي الفرنسية بنسبة 222% عن عام 2014، ورصد ذلك التقرير بأنه تم تسجيل 816 بلاغا عن اعتداءات ضد المسلمين في لندن حتى يوليو 2015 مقابل 478 بلاغا في الفترة نفسها من عام 2014، أي بنسبة زيادة 70.7%.  
وقد أرجع ذلك التقرير هذه الزيادة الملحوظة في نسب الإسلاموفوبيا في الغرب خلال العام الماضي إلى عدة أسباب كان من أهمها الهجمات الإرهابية، والتي تساهم بشكل ملحوظ في كراهية الإسلام والمسلمين داخل المجتمعات الغربية؛ بسبب إعلان تلك الجماعات بأنها تفعل ذلك باسم الدين، وهو ما يدفع بعض من لا يعرفون حقيقة الدين الإسلامي إلى اعتبار كل المسلمين إرهابيين، ومن ثم مهاجمتهم سواء لفظيًا أو بالاعتداء البدني.
وبعد مرور أشهر على أحداث باريس الإرهابية، وقع حادث إرهابي آخر داخل عاصمة الاتحاد الأوروبي نفسه –باستهداف مطار بروكسل ومحطة مترو بها- وذلك يوم الثلاثاء 22 مارس 2016، وهو ما أسفر عن مقتل 35 وإصابة أكثر من 200 شخص، فهل نتوقع ارتفاعًا أكثر وأكثر في مظاهر الإسلاموفوبيا داخل الاتحاد الأوروبي؟
رغم أنه لم يمر إلا وقت يسير على أحداث بروكسل الإرهابية –والتي أثارت ضجة كبيرة على مستوى العالم- إلا أن الشواهد تؤكد تصاعد حدة مظاهر الكراهية للمسلمين أكثر وأكثر برغم الجهود المبذولة من عقلاء العالم لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومحاولة إقناع شعوب الغرب عامتهم ومثقفيهم بأن ما تقوم به داعش وأخواتها لا يمت للإسلام بصلة –ومن ذلك زيارة شيخ الأزهر الأخيرة لدولة ألمانيا وخطابه الذى رفع الغمام عن كثير من حقائق الإسلام لتبدو جلية أمام المجتمع الغربي- لكن مع الأسف ما نقوم بزرعه على مدار العام يأتي المتطرفون ليخربوه مع أي هجمة إرهابية يقومون بها.
وكان رد فعل العقلاء من المسلمين وغيرهم طبيعيًا بعد أحداث بروكسل؛ حيث أدان تلك الهجمات جميع المؤسسات التي تمثل المسلمين حول العالم وعلى رأسها الأزهر الشريف، كما نظم المسلمون ببروكسل مظاهرة تضامنًا مع ضحايا الهجمات الإرهابية، فقد نقلت صحيفة التليجراف البريطانية بأن المسلمين في بروكسل نظموا مظاهرة تضامنية مع ضحايا تفجيرات بركسل الأخيرة، وكانوا يحملون لافتات تنادي بالسلام. ونادى المسلمون في المظاهرة بضرورة تكاتف الجميع لمحاربة العنف، مع ذلك تناقلت وسائل الإعلام أخبارًا تشير إلى ارتفاع مظاهر الإسلاموفوبيا، كان منها تقرير صادر عن الأمم المتحدة حذرت فيه من تدهور أزمة اللاجئين وسط تصاعد حدة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب عقب تلك الأحداث المؤسفة.
كما نقلت وكالة (ABC) الإخبارية بأن المسلمين الأستراليين يواجهون زيادة في معدل الاعتداءات اللفظية والاعتداءات الموجهة عبر الإنترنت بعد حوادث الإرهاب العالمية، وصرحت الجمعية الإسلامية في جنوب أستراليا بأن هناك تزايدًا في معدل الاعتداءات اللفظية والاعتداءات الموجهة عبر الإنترنت بحق أعضاء الجالية الإسلامية بأستراليا الجنوبية في أعقاب الهجمات الإرهابية العالمية. وعلى الرغم من انحسار معدل البلاغات المتعلقة بالاعتداءات البدنية، إلا أن رئيس الجمعية يقول إن النساء المسلمات المحجبات يشكّلن أهدافًا سهلة للتمييز، وأضاف أن الإساءات عبر الإنترنت قد تزايدت بشكل ملحوظ حيث يمكنك رؤية الكثير من الهجمات عبر الإنترنت عن طريق رسائل البريد الإلكتروني أو التعليقات على فيسبوك.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية تم اتهام شرطي لأنه أمر سيدة مسلمة بخلع حجابها في مكتبة واشنطن العامة، طبقا لما نقلته صحيفة (Washington DC News) حيث ذكرت أن شهود عيان في مكتبة واشنطن العامة صرحوا بأن أمن المكتبة قام بأمر سيدة مسلمة بخلع حجابها وإلا تم طردها من المكتبة. وقالت إحدى شاهدات العيان بأن السيدة رفضت طلب الأمن، وقالت بأنها لا تزعج أحدًا من الحاضرين، ووصفت الشاهدة الموقف الذي حدث أمامها بالمخيف، وقالت بأن الشرطي سحب حجاب المرأة بالفعل. وفي سياق متصل قامت إدارة المكتبة بإيقاف الشرطي عن العمل.
وفي المملكة المتحدة نقلت صحيفة (Independent) أنه تم إلقاء القبض على رجل من مدينة كرويدون يبلغ من العمر ستة وأربعين عامًا بتهمة إثارة الكراهية والعنصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إثر نشره تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تفيد بأنه هاجم سيدة مسلمة محجبة في أحد الشوارع مطالبًا إياها بإيضاح الأمر بشأن هجمات بروكسل.
تلك الأخبار قد يقول البعض بأنها فردية وليست صادرة عن شخصيات عامة تشكل الرأي العام في تلك البلاد، لكننا إذا أمعنا النظر في الشخصيات العامة خاصة تلك المرشحة لرئاسة دولة من الدول العظمى – وهي الولايات المتحدة الأمريكية- لوجدنا أن بعضهم أصدر تصريحات مرعبة بعد أحداث بروكسل الأخيرة، كان من ضمنهم المرشح الجمهوري المحتمل (دونالد ترامب) و (تيد كروز) حيث – طبقا لشبكة Fox News- انتقد سياسة الرئيس أوباما تجاه المسلمين ووصفها بالسياسة الواهية الضعيفة. وصرح كروز بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى قائد عام يمكنه قيادة البلد وحماية مواطنيها، مشيرًا إلى ضرورة مراقبة المجتمع الإسلامي في أمريكا قبل أن يظهر فيه المتطرفون. وكذلك فعل قبله المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي ذهب أبعد من ذلك.
وهو ما جعل عدد من الكتاب الغربيين يقررون بأن ما يصرح به ترامب ومن يوافقه في سياساته ضد المسلمين لا يصب إلا في مصلحة داعش وأخواتها، فقد نقل موقع (NEWS OK) خبرا تحت عنوان " كاتب أمريكي: الخطابات المعادية للمسلمين تصب في مصلحة العدو" جاء فيه: " يقول المرشح الرئاسي دونالد ترامب "لدينا مشاكل مع المسلمين" ويجب أن نغلق الحدود أمام اللاجئين المسلمين حتى نعلم ماذا يجري في البلاد، ويجب أن نضيق الخناق على داعش كما ينبيغ استهداف عائلاتهم، ويقول ميشيل جيرسون الكاتب الأمريكي، إن عاطفة كروز وترامب مفهومة نظرًا للتعليق البسيط من أوباما على تفجيرات بروكسل. ولكن المشكلة هي استهداف المسلمين في الخطاب وذلك غير قائم على أدلة صريحة فهذا لا يفيد في الحرب ضد الإرهاب نظرا لأن الخطاب المعادي للإسلام؛ يعيق العلاقات مع الدول الإسلامية، ويضخم من دعايا داعش بأن الغرب يشن حربًا ضد الخلافة، كما يعيق العلاقات مع المسلمين داخل أمريكا".
كما أكدت على هذا منظمة توني بلير للأديان حيث ذكرت أن تصريحات ترامب بشأن المسلمين هدية لتنظيم داعش.
في النهاية نتسائل: على من نلقي اللوم في زيادة معدلات هذه الظاهرة؟ على من لا يعرفون حقيقة الإسلام أم على الجماعات الإرهابية التي تشوه صورة الإسلام أم على السياسيين الذين يصرحون بعدائهم للمسلمين والإسلام مشكلين رأيا عامًا مغلوطا عن الإسلام؟
 

 


كلمات دالة: مرصد الأزهر

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.