القضية الفلسطينية

 

27 أكتوبر, 2022

معركة المحتوى الرقمي.. فيسبوك والأبارتهايد الصهيوني


     سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف (في تقارير سابقة) الضوء على ظاهرة "الأبارتهايد الرقمي" والتحيز الواضح من منصات التواصل الاجتماعي للرواية الصهيونية على حساب الراوية الفلسطينية إبان العدوان الإرهابي الذي شنه الكيان الصهيوني على قطاع غزة في شهر مايو 2021م، والذي أودي بحياة (279) شهيدًا من أبناء الوطن الفلسطيني المحتل، وأدى إلى تدمير عشرات المنازل والمنشآت وتشريد مئات الأسر الفلسطينية.
واستعرض المرصد في هذه التقارير فصولا من الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بسبب عدوان الكيان الصهيوني رغم عدالة مطالب هذا الشعب. تلك الانتهاكات التي لم تعد تقتصر على الآلة العسكرية، وإنما تشمل كذلك حربًا إعلامية تتجاهل جرائم الاحتلال وتعمل على نشر وترويج رواية منحازة أحادية الجانب، ناهيك عن معركة الوعي التي تستهدف ذاكرة الشباب في العالمين العربي والإسلامي.
 ومؤخرًا رصد تقرير شركة (Business for Social Responsibility) نتائج تحقيق منصة (ميتا) أو فيس بوك سابقًا، عن العدوان الصهيوني على غزة في مايو من العام الماضي والذي أثبت وجود خلل فادح في تطبيق سياسة المنصة تجاه عنف المنظمات الصهيونية، والانحياز الواضح ضد المحتوى الفلسطيني من خلال الرقابة والتضييق على هذا المحتوى وإزالته، في حين تغاضت الشركة عن التعامل بالمثل مع محتوى منظومات الدعاية والتحريض من جانب الكيان الصهيوني.
ومن أشكال هذا التحيز الذي جاء في نتائج التقرير:
-    حظر تعليقات وتسجيلات العديد من الفلسطينيين، الذين وثَّقوا الأحداث التي شنَّتها قوات الاحتلال ضد المدنيين، والغارات الجوية على غزة واختفائها عن منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما أضرَّ بشكلٍ مؤكدٍ وأثَّر سلبًا على حقوق المستخدمين الفلسطينيين في حرية التعبير وحرية التظاهر والمشاركة السياسية. 
-    نشرت منصات (ميتا) خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين وعرب 48، ولكي يبدو التقرير غير منحاز للقضية الفلسطينية بشكل قاطع، ذكر أيضًا أن هذا الخطاب قد طال أيضًا بعض الصهاينة، في محاولة لإظهار الأمر على أن جميع الأطراف كانوا ضحايا لإخفاقات تطبيق الشبكة الاجتماعية.
-    الفشل في حماية حقوق الإنسان، وحظر الكثير من الفلسطينيين والعرب،    في حين لم يُحظَر عددٌ كافٍ من أفراد الكيان الصهيوني؛ مما يشير إلى التحيز السياسي القاطع. 
-    عدم السماح لقائمة محددة بنشر أي محتوى على موقع التواصل الاجتماعي، وفرض معدلات المراقبة الاستباقية على المحتوى العربي، بصورة أكبر من المفروضة على المحتوى العبري، وهو ما يعكس حجم التحيز السياسي الدولي ضد العرب والمسلمين، بل وصل الأمر  في بعض الأحيان إلى حظر جميع المنشورات التي تحمل عبارة (الأقصى) باللغة العربية بالتوازي مع بدء الهجوم على غزة، حتى لو كانت تحتوي فقط على صورة عشوائية للمسجد الأقصى المبارك.
رد فعل شركة ميتا –فيسبوك سابقًا:
اقترح التقرير الصادر عن شركة (BSR) عددًا من التوصيات والاقتراحات غير الملزمة لشركة (ميتا) التي أبدت استجابة أولية لنتائج التحقيق، وقامت بالفعل بتنفيذ (١٠) توصيات من أصل (21)، منها (4) قيد التنفيذ، و (6) أخرى قيد المراجعة، وهو ما يستدعي الضغط من أجل استجابة الشركة لكامل التوصيات المقترحة.  
وبررت الشركة عدم حظر المحتوى الصهيوني المكتوب بالعبرية، بأخطاء المراجعة البشرية نتيجة قلة أعداد المتحدثين بالعبرية على عكس العربية، وأنها لا تمتلك تقنية "ذكاء اصطناعي" للفحص التلقائي للمحتوى العبري أثناء العدوان على غزة،  لكنها أطلقت حاليًا مصنفًا بالعبرية يحدد ويتخذ إجراءات استباقية ضد المحتوى المخالف، ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى تصفية المزيد من المحتوى باللغة العبرية.
ويعزو مرصد الأزهر اعتراف (ميتا) إلى دور المقاومة في تحطيم الهيمنة الصهيونية، وفضح ازدواجية تلك المنصات العالمية، وبالتالي فقد أجبرها على التراجع، والخروج بتحقيق تقر فيه ببعض من تحيزها الفجِّ، ومحاولة الاعتذار عنه خوفًا من الحملة التي شنَّها رواد التواصل الاجتماعي –من أنصار القضية الفلسطينية- لمقاطعة الشركة، ما أدى إلى انخفاض تقييمها بشكل كبير جدًا على متجر التطبيقات في فترة وجيزة للغاية.
كذلك يؤكد المرصد على أهمية المقاومة الرقمية والتوعية بالقضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال، في إجبار منصات التواصل الاجتماعي بشكل عام على التزام الحيادية التامة. علمًا بأن التحقيق ركز فقط على ازدواجية (ميتا) إبان فترة عدوان مايو 2021م فقط، وتجاهل ما سبقه وما تلاه من ممارسات وتقييدات بشأن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطينية؛ حيث تتمثل أبرز أشكال التضييق الرقمي منذ بداية العام الجاري 2022م فيما يلي:
-    أكثر من (930) انتهاكًا رقميًّا، استفاد الاحتلال الصهيوني منها.
-    اعتقال سلطات الاحتلال لنحو (146) مواطنًا فلسطينيًّا على خلفية منشوراتهم على الفيسبوك، ووجهت لهم تهمة التحريض.
وفي الختام، يلفت المرصد إلى أن الكيان الصهيوني لديه رهبة من نشر الحقائق كخشية طيور الظلام من رؤية النور؛ فالظلم والظلام هما بيئته التي رضي بها وركن إليها، ولا بديل لديه عن تلك البيئة لما يقوم به من انتهاكات وممارسات بربرية ضد الشعب الفلسطيني؛ لذا لا عجب من استماتة هذا الكيان في التغطية على ما يُقدِم عليه من انتهاكات ومطالباته بذلك وكأنه صاحب الحق، وذلك منهجه الثابت في تزييف الحقائق.
ولا سبيل للوقوف أمام هذا الطغيان إلا بالصمود وكشف الجرائم، وفضح من يحاول التعتيم عليها أو إخفائها، وفرض رقابة حقوقية دائمة على جميع منصات التواصل؛ نظرًا لدورها الفاعل في قضايا عالمنا المعاصر، وقدرتها على إعادة تشكيل الوعي حول جميع قضاياه، وأن القضية الفلسطينية تُعد من أهم قضايا هذا العصر وأكثرها احتياجًا لرواية حقيقية صادقة تصل إلى كل العالم، وتحمل معاناة الشعب الفلسطيني إلى كل أرجاء العالم؛ حتى تنال الإنصاف الذي تستحقه من العالم أجمع.

وحدة الرصد باللغة العبرية


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.